عضو «المصرى للشئون الخارجية»: عدم اتفاق العرب على العدو والصديق أضاع قيمة «القمة»
السفير محمد الشاذلي
قال السفير محمد الشاذلى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن هناك انحرافاً فى البوصلة العربية بما لا يهدد فقط مفهوم «الوحدة» الذى قامت عليه جامعة الدول العربية، بل وينسف أى معنى للنظام الإقليمى العربى برمّته، نتيجة اختلاف العرب فى تعريف العدو والصديق، وعدم الاتفاق على التهديدات للأمن القومى العربى، مؤكداً أن جامعة الدول العربية فقدت أى دور تقوم به حالياً، ولم تعد قراراتها واجتماعاتها مؤثرة فى مصير المنطقة الذى بات بالكامل بأيدى أطراف غير عربية، سواء كانت قوى إقليمية أو دولية، وإلى نص الحوار..
ما تقييمكم لحجم المشاركة فى القمة العربية؟
- العلاقات مع بلدين من البلاد العربية مأزومة، ولا توجد لهما مشاركة وغير موجودين فعلياً، وهما قطر وسوريا، فقَطر اكتفت بمشاركة مندوبها، وسوريا عضويتها مجمدة، وهذا يعنى أن الجامعة العربية ليست بيت الجميع، وقمة الدمام أُجهضت قبل أن تبدأ، سوريا قُطر عربى شقيق تعرض لهجمة خارجة عن القانون الدولى نتيجة مزاعم غير مؤكدة، علماً بأن هذا الأسبوع تمر الذكرى الخامسة عشرة لتدمير قُطر عربى آخر وهو العراق، ولم تفكر الدول العربية حتى الآن فى تشكيل آلية للتحقيق، وكأن هذه الأراضى ليست أراضى عربية، سوريا تعرضت لقصف إسرائيلى وأمريكى لا أحد يتكلم عنه، واجتمعت لجنة من 4 وزراء خارجية عرب وركزوا على إيران، وكأن التهديدات الأمريكية والإسرائيلية لا تعنى شيئاً وكأن إيران هى العدو الوحيد، بالإضافة إلى أن إحدى الدول العربية الكبرى أيّدت ضرب سوريا.
«الشاذلى»: الجامعة العربية وصلت إلى حد الهزال
هل النظام الإقليمى العربى لا يزال قائماً؟
- المنطقة من المحيط إلى الخليج كان اسمها الوطن العربى، وأصبح الاسم الآخر هو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتم إلغاء مصطلح العالم العربى، وسرنا فى هذا الركاب وأصبح الجميع يردد هذه المعانى دون وعى، ونسفت نظرية الأمن القومى العربى، فليس هناك اتفاق على العدو، والدول العربية الكبرى تهرول للتطبيع مع إسرائيل وتفتح أجواءها للطيران المدنى وتنسق معهم أمنياً، فى الوقت الذى قتلت فيه إسرائيل 24 فلسطينياً واعتقلت المئات، وأصابت أكثر من ألف شخص خلال الأيام الماضية، لا يوجد أى رد فعل.
أين موقع الأزمة السورية بوضعها الراهن بعد الضربة «الأمريكية - الفرنسية - البريطانية» على جدول أعمال القمة العربية؟
- الجامعة العربية وصلت إلى حد من الهزال والضعف وعدم المصداقية، بحيث أصبح طرح الموضوعات أو عدمها سواء، فهناك دول عربية أيّدت ضرب سوريا، بل عرضت المشاركة فى الضربة، فقد أصبح العداء الشديد لسوريا أو نظامها شيئاً غير سوى، وأصبح هناك أمور غير جائزة فى القانون الدولى فى الخلافات بين الدول العربية.
وهل الجامعة العربية لا تزال هى الأداة الفاعلة للتعبير عن إرادة دول المنطقة؟
- لا توجد إرادة لدى دول المنطقة، بل لم تعد هناك منطقة يمكن أن نطلق عليها العالم العربى لأنها دخلت ضمن النطاق الشرق أوسطى، كما تريده القوى الكبرى، وجامعة الدول العربية التى تعد أقدم المنظمات الإقليمية بل ونشأت قبل الأمم المتحدة ذاتها، تعانى الآن من غياب وتراجع كبير نتيجة عدم وجود إرادة جماعية للدول الأعضاء، بل والتأثير على مشاركة وفاعلية بعض الأعضاء بالفعل داخل المنظمة، فلا شك أن هناك انحرافاً فى البوصلة العربية بما لا يهدد فقط مفهوم الوحدة العربية الذى قامت عليه جامعة الدول العربية فى ميثاقها منذ تأسيسها، بل وينسف أى معنى للنظام الإقليمى العربى برمّته، نتيجة اختلاف الدول العربية فى تعريف العدو والصديق وعدم الاتفاق على قائمة التهديدات للأمن القومى العربى، فجامعة الدول العربية فقدت أى دور تقوم به حالياً، باستثناء الظهور الإعلامى فى المناسبات وإبداء بعض المواقف الهادئة، ولم تعد قراراتها واجتماعاتها مؤثرة فى مصير المنطقة الذى بات بالكامل بأيدى أطراف غير عربية، سواء كانت قوى إقليمية أو دولية.