البابا يغير رؤساء «الأحوال الشخصية» ويعيد تشكيل «المجلس الأعلى».. والمتضررون: «مسكنات»
الأنبا ماركوس رئيس المجلس الإكليريكى الجديد بالقاهرة والجيزة وأفريقيا
أثار البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بتغيير رؤساء المجالس الإكليريكية الفرعية الستة على مستوى الكرازة المرقسية بالداخل والخارج، جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها متضررو الأحوال الشخصية مسكنات للأزمة التى يعد حلها فى إقرار القانون الموحد الجديد.
وتُعد المجالس الإكليريكية الفرعية هى المعنية بالأحوال الشخصية للأقباط «الطلاق والزواج الثانى»، وإعادة تشكيل المجلس الأعلى للأحوال الشخصية برئاسته.
وقال الأنبا دانيال، أسقف المعادى وتوابعها ورئيس المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية بالقاهرة والجيزة وأفريقيا، لـ«الوطن»، إن البابا قرر إسناد رئاسة المجلس إلى الأنبا ماركوس، أسقف عام كنائس حدائق القبة والوايلى، مشيراً إلى انتقال مقر المجلس من مطرانية المعادى إلى مركز مارمرقس بجوار كنيسة العذراء والبابا أثناسيوس فى منطقة مدينة نصر بالقاهرة، وذلك اعتباراً من 4 يونيو المقبل.
وتأتى تلك التغييرات بالتزامن مع انتهاء المدة القانونية لتلك المجالس التى شُكلت بقرارات بابوية فى 2015، وحددت مدتها بثلاث سنوات، ويتولى الأنبا دانيال مهام النائب البابوى فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى حالة وجود البابا خارج البلاد، وقد تولى المجلس لأول مرة، أما الأنبا ماركوس فلم يمر على رسامته أسقفاً سوى أربع سنوات، حيث رسمه البابا تواضروس أسقفاً فى 2014.
التغييرات شملت «دانيال وبولا وباخوم وسيرابيون وثيئودوسيوس».. ومصادر: لضخ دماء جديدة بعد انتهاء مدة المجالس الإكليريكية
وقال مصدر كنسى، لـ«الوطن»، إن البابا قرر تغيير رؤساء المجالس الإكليريكية الستة وهم: «الأنبا دانيال أسقف المعادى وتوابعها ورئيس المجلس الإكليريكى بالقاهرة والجيزة وأفريقيا، والأنبا باخوم أسقف سوهاج وتوابعها ورئيس المجلس الإكليريكى بالوجه القبلى، والأنبا ثيئودوسيوس أسقف وسط الجيزة وتوابعها رئيس المجلس الإكليريكى بالإسكندرية والوجه البحرى، والأنبا سيرابيون مطران لوس أنجلوس وتوابعها ورئيس المجلس الإكليريكى بالأمريكتين الشمالية والجنوبية، والأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها ورئيس المجلس الإكليريكى فى أستراليا وآسيا»، واختيار رئيس جديد للمجلس الإكليريكى لأوروبا بدلاً من الأنبا كيرلس مطران ميلانو الذى توفى فى العام الماضى.
وكان البابا اعتمد منظومة جديدة للأحوال الشخصية بالكنيسة لمواجهة أزمة «الطلاق والزواج الثانى»، كان أحد أركانها إعادة هيكلة المجلس الإكليريكى المعنىّ بالأحوال الشخصية والذى كان يتولاه الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها، على مدار 27 عاماً، وتقسيمه لـ6 مجالس فرعية من أجل تسريع نظر ملفات الحالات المعروضة عليها، كما قرر البابا أن تضم تلك المجالس فى عضويتها «محامياً وطبيبة وكاهنين»، وتكون قراراتها بالإجماع، فضلاً عن إدخال درجات الاستئناف داخل تلك المجالس.
وترددت أنباء عن إبعاد البابا للأنبا بولا عن ملف الأحوال الشخصية الذى يتولى مسئوليته على مدار الثلاثين عاماً الأخيرة قضى منها 27 سنة مسئولاً عن الملف على مستوى الكنيسة كافة، وثلاث سنوات على مستوى آسيا وأستراليا، فضلاً عن قيادته اجتماعات الكنائس للتوافق على قانون الأحوال الشخصية الموحد الجديد وهى الاجتماعات المتوقفة منذ فبراير 2017، حيث تدور اختلافات حول 10% من مواد القانون بين الطوائف ولم يصلوا فيها لتوافق حتى الآن.
الكاتدرائية تتكتم على إعلان التغييرات.. وأسقف المعادى: «ماركوس» يخلفنى فى مجلس القاهرة وأفريقيا والتنفيذ 4 يونيو المقبل
وأوضح المصدر الكنسى أن قرارات البابا التى لم تعلن حتى الآن بشكل رسمى شملت الأنبا بولا، ولكن قد يكون حدث تغيير فى المجلس الذى يتولاه، وحاولت «الوطن» التواصل مع الأنبا بولا الموجود حالياً فى زيارة رعوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولكن لم يتسنَّ لها الحصول منه على رد.
وكانت قرارات البابا التى صدرت بتشكيل المجالس الإكليركية فى 2015 تنص على إمكانية تجديد مدة ولاية تلك المجالس بعد انتهاء الثلاث سنوات، إلا أن اتخاذ البابا هذا القرار يأتى من أجل ضخ دماء جديدة فى ملف الأحوال الشخصية الذى يوليه أهمية قصوى انطلاقاً من قناعته التى عبّر عنها سابقاً بتصريحه أنه لن يقبل بأن يقول قبطى إن الكنيسة ظلمته فى ملف الأحوال الشخصية.
واعتبرت الحركات القبطية التى تتحدث باسم متضررى الأحوال الشخصية قرارات البابا «مسكنات» للأزمة، مطالبة بمواجهتها بالاتفاق على القانون الموحد للأحوال الشخصية.
وقال أشرف أنيس، مؤسس حركة «الحق فى الحياة»: «إن تلك القرارات ما هى إلا تغيير لأنواع المسكنات التى تصنعها المؤسسة الكنسية حتى لا تنفجر مشكلة الأحوال الشخصية مثلما حدث منذ سنة 2011، وذلك بسبب فشل الكنائس الثلاث بجميع طوائفها فى الاتفاق على قانون موحد للأحوال الشخصية»، مشيراً إلى أن التغيير الذى حدث لن يحل المشكلة.
وبناء على قرارات البابا الجديدة، يكون أعاد بذلك أيضاً تشكيل المجلس الأعلى للأحوال الشخصية على مستوى الكنيسة والذى يترأسه شخصياً ويتكون أعضاؤه من رؤساء المجالس الإكليريكية الفرعية وسكرتير عام المجمع المقدس، والذى يجتمع مرة فى العام على الأقل، ويختص بدراسة وتقييم أعمال المجالس على مستوى الأقاليم والإبراشيات، والتخطيط ووضع اللوائح والدراسات اللازمة لرعاية الأسر المسيحية، ودراسة الحالات الخاصة بالأحوال الشخصية التى يحيلها البابا إلى هذا المجلس.
ويمثل ملف الأحوال الشخصية أزمة داخل الكنيسة، حيث تحاول الكنائس منذ عام 1979 إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية، فيما تعانى الكنيسة الأرثوذكسية بصفة خاصة من المشكلة بشكل متزايد، خاصة مع تعديل البابا الراحل شنودة الثالث لائحة 1938 للأحوال الشخصية وتقييده طلاق الأقباط فى علّتى الزنا والخروج من الدين، وحاولت الكنيسة مواجهة المشكلة بعقد المؤتمرات والاستماع للمتضررين واعتماد منظومة جديدة للأحوال الشخصية بينها هيكلة المجالس الإكليريكية وإدخال كورسات المشورة الأسرية كشرط أساسى لإتمام الزواج الكنسى لرفع الوعى بمسئولية الزواج.
وقال هانى عزت، مؤسس حركة «منكوبى الأقباط»، إن التغيير شىء إيجابى لضخ دماء جديدة، حيث كانت بعض المجالس تتعامل بنفس العقلية القديمة وتتعنت مع المتضررين، إلا أن بعض المجالس، مثل القاهرة برئاسة الأنبا دانيال، أحدثت خلال الثلاث سنوات الماضية فارقاً إيجابياً فى تعاملها مع ملفات المتضررين، حيث كانت تقوم بمعالجة الملفات بصورة سريعة وروحية وعملية، مشيراً إلى أن حل قضية «الطلاق والزواج» سينتهى بإقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد بالمحاكم.