إيران تنكر الأدلة الإسرائيلية على مساعيها «الذرية».. وفرنسا تدعو للتمسك بـ«النووى»
«نتنياهو» يعرض برنامج إيران النووى فى وزارة الدفاع الإسرائيلية
وضعت إسرائيل، أمس، إيران أمام مسارين، إما الالتزام بمطالبها الأمنية والرضوخ لتعديل الاتفاق النووى وتقديم التنازلات المطلوبة إسرائيلياً وأمريكياً، أو أنه لا بديل عن خيار الصدام لتدمير القدرات النووية الإيرانية، إلا أن بعض ردود الفعل الأوروبية حول «الأدلة» الإسرائيلية على امتلاك إيران لبرنامج للحصول على القنبلة الذرية ترجح مساراً ثالثاً، وهو استمرار العمل بالاتفاق النووى، ولكن مع بقائه فى حالة «الموت الإكلينيكى» إذا انسحب ترامب منه قبل الموعد الذى حدده فى 12 مايو المقبل.
وتباينت ردود الفعل الدولية حول إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عن امتلاكه نسخاً من «الأرشيف النووى الإيرانى»، والاتهامات التى وجهها مساء أمس الأول بشأن البرنامج النووى الإيرانى، فى مؤتمر أشبه ما يكون بالاستعراض المسرحى، حيث رأت فرنسا أن الاتهامات التى وجهها نتنياهو لإيران بأن لديها خطة سرية تمكنها من امتلاك قنبلة ذرية، تعزز أهمية الاتفاق النووى الذى أبرم عام 2015، بما يتعرض مع الهدف الإسرائيلى بإلغاء الاتفاق.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن «أهمية الاتفاق تعززها العناصر التى قدمتها إسرائيل، حيث إن جميع الأنشطة المرتبطة بتطوير سلاح نووى ممنوعة بشكل دائم بموجب الاتفاق».
فيما اعتبرت «الخارجية» الإيرانية أمس أن اتهامات إسرائيل هى من فعل شخص «مدمن على الكذب ويفتقر إلى الأفكار». وقالت الوزارة فى بيان إن هذه التصريحات «المبتذلة وغير المجدية والمعيبة» تعود إلى «قادة صهاينة لا يرون وسيلة لضمان بقاء نظامهم غير الشرعى سوى تهديد الآخرين باستخدام الخدع ذاتها». وأضافت: «يجب أن يفهم نتنياهو والنظام الصهيونى سيئ السمعة قاتل الأطفال أن الرأى العام العالمى متعلم ويتمتع بما يكفى من الحكمة» لعدم تصديق مثل هذه التصريحات.
فرنسا: إعلان «نتنياهو» يعزز أهمية الاتفاق.. والبيت الأبيض: إيران تمتلك برنامجاً نووياً سرياً فى الوقت الراهن.. و«فهمى»: يحاول حشد أوروبا لتوجيه ضربة جماعية للمنشآت الإيرانية
وأكد البيت الأبيض بعد ساعات من مؤتمر نتنياهو، أنه على علم بامتلاك إيران برنامجاً للأسلحة النووية فى الوقت الحالى. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابى ساندرز إن التصريحات التى أطلقتها إسرائيل حول برنامج إيران النووى السرى تتوافق مع المعلومات التى تمتلكها الولايات المتحدة بأن إيران لديها برنامج أسلحة نووية سرى قوى حاولت إخفاءه عن العالم وشعبها.
وقال الدكتور محمد عباس ناجى، الخبير فى الشئون الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن العرض الذى قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلى حول الأرشيف النووى الإيرانى سيكون محدود التأثير على مستقبل الاتفاق النووى، حيث إن الجانب الأمريكى قد حسم قراره بالفعل تجاه الانسحاب من هذا الاتفاق، موضحاً أن نتنياهو أراد من هذا الكشف المعلوماتى أن يؤثر على قرارات الأوروبيين الأطراف فى الاتفاق النووى مع إيران، إلا أن الجانب الأوروبى أعلن أن معظم المعلومات المعروضة كانت لديه بالفعل منذ سنوات، كما ظهر فى تصريحات الرئيس الفرنسى ماكرون، وهو ما يعنى محدودية تأثير هذه العملية الاستخباراتية على المواقف الأوروبية والأمريكية، فى حين أن إيران غير مهتمة بما حدث خلال المؤتمر الصحفى لنتنياهو وتعتبره مجرد استمرار للدعاية الإسرائيلية السلبية حول قدراتها النووية والصاروخية، إلا أنه وارد حدوث ردود محدودة من إيران على العملية الاستخباراتية الإسرائيلية، ولكنها ردود لا ترقى إلى إشعال حرب بين الجانبين. واعتبر «ناجى» أنه من الممكن استمرار العمل بالاتفاق النووى مع الجانب الأوروبى ولكنه سيكون فى حالة موت إكلينيكى إذا انسحبت الولايات المتحدة منه، فهذا سيؤثر على الشركات والمصالح الاقتصادية ما سيمنعها من الاستثمار فى إيران وستستمر المقاطعة والعقوبات الاقتصادية بما يعنى انعدام تأثير الاتفاق فعلياً.
ومن جهته، قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن معظم الوثائق التى عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلى لم يشر فيها إلى مضمون أو تفاصيل، فكان الاستعراض مجرد محاولة للضغط على الإدارة الأمريكية، وحشد الدعم الأوروبى للموقف الإسرائيلى لتبرير أى ضربات مستقبلية ضد إيران فى ظل عملية مشتركة تعبر عن المجتمع الدولى، ومحاولة تحويل الخلاف الإسرائيلى الإيرانى إلى خلاف ما بين الدول الموقعة على الاتفاق، ولكن ردود الفعل الأوروبية المتمسكة بالاتفاق، رغم كل التصريحات أضاعت هذا الغرض الإسرائيلية، فنتنياهو لا يريد أن يفضح البرنامج النووى السرى لإيران، وإذا كانت الوثائق موجودة فليقدمها للوكالة الدولية للطاقة النووية.
واعتبر «فهمى» أن الموقف الأمريكى غير واضح على الرغم من اتفاقه مع الموقف الإسرائيلى ضد الاتفاق النووى، فإن الولايات المتحدة يبدو أنها لا تحشد لحرب ضد إيران، فقد كان من الممكن أن يعلن الطرفان الأمريكى والإسرائيلى الوثائق معاً ويحشدان للضربة، ولكن ما حدث يعنى أن الحشد لم يتحقق بعد، خاصة نتيجة الموقف الأوروبى الرافض لإلغاء الاتفاق.
وأوضح الخبير فى الشئون الإسرائيلية أن الموقف الروسى والألمانى متماسك، وأن فرنسا أيضاً مع بقاء الاتفاق، ولن يجد نتنياهو مؤيدين له سوى أمريكا وبريطانيا، وحول السيناريوهات المحتملة، قال «فهمى»: «الخطوة القادمة أن إسرائيل تستبق الأحداث وتوجه ضربة ليس فى سوريا، ولكن ضربات لبعض المناطق العلمية والتقنية فى إيران، وإيران ليست دولة صغيرة ولو تعرضت للضربات تستطيع أن تضرب 6 مدن إسرائيلية كاملة وتضرب العمق الإسرائيلى وشن مواجهة صاروخية من حزب الله مع إسرائيل، الخيارات يمكن أن تصل إلى مباراة صفرية إذا لم تكبح الولايات المتحدة إسرائيل، والتوقيت حالياً مرتبط بقمة الكوريتين، بمعنى أنه سيتم عقاب إيران إذا لم تتخل عن حلم السلاح النووى، كما فعلت كوريا الشمالية، وأتوقع أن تحدث ضربة، لكن فى سوريا.