بروفايل| «طنطاوى» عودة المشير
بوجه شاحب وجسد نحيل، ظهر المشير محمد حسين طنطاوى فى احتفالات الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر لأول مرة منذ أن أقاله الرئيس المعزول محمد مرسى من منصبه عقب توليه السلطة فى يونيو 2012، بين السيدة جيهان السادات والدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء، جلس الرجل السبعينى فى الصفوف الأولى وسط قيادات الدولة مستريح البال، مطمئن النفس، هادئ الحركة، يتابع وقائع الاحتفال بنشوة واهتمام، يطرب أذنيه بأوبريت «مصر قدّ الدنيا» بصحبة كبار رجال الدولة، فى الوقت الذى كانت تسيل فيه دماء شباب مصر وسط القاهرة بسبب أخطاء ارتكبها عندما كان على رأس السلطة فى مصر، بعد أن سقطت بين يديه وجاءته على طبق من ذهب.
تسلّم الرجل المسن الذى قضى فى منصب وزير الدفاع 20 عاماً كاملة، البلاد فى حالة ثورة وتوهج وطنى لم تحدث من قبل، كانت كفيلة باستعادة مصر شبابها ونهضتها بعد رفض الشعب مشروع التوريث، لكن حب «طنطاوى» الشديد لمثله الأعلى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، واستسلامه للضغوط الداخلية من قِبل تنظيم الإخوان، والخارجية من أمريكا، منعته من تحقيق الحلم والاستقرار فى مصر الجديدة، فاندلعت الحرائق وزادت أعمال العنف، وارتُكبت المجازر على مرأى ومسمع من العالم.
برّأ الرجل المولود فى 1935 بمدينة أبوسمبل جنوب مصر، ساحته من مذبحة ماسبيرو التى راح ضحيتها 26 قبطياً، وبقدرة قادر ذهبت الدعاوى القضائية المرفوعة ضده مع سامى عنان أدراج الرياح، وتبخّرت فى السماء، مثل قضايا قتل متظاهرى ثورة يناير السلميين التى حصل معظم المتهمين فيها على البراءة.
واجه وزير الدفاع السابق اتهامات «وأد الثورة» و«القضاء عليها بعدم الاهتمام»، وقال عكس ما يضمر إنه «انحاز للثورة، لأنها ثورة شعب»، و«الشعب أصل الشرعية» وإنه «غير نادم على كل ما حدث، فقد تحمل الكثير من أجل الوطن»، ومثلما قال «مبارك» عن نفسه «سيحكم التاريخ بما لنا أو علينا». استغل «طنطاوى» ذكرى انتصار أكتوبر الذى شارك فيه للعودة من جديد إلى صدارة المشهد، معتمداً على تاريخه العسكرى الطويل الذى بدأه عام 1956، بعد تخرجه فى كلية قيادة الأركان، ومروراً بمشاركته فى حرب 1967 والاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، حيث كان قائد وحدة مقاتلة بسلاح المشاة، ليعمل بعدها ملحقاً عسكرياً لمصر لدى باكستان عام 1975، ثم فى أفغانستان، وتدرّج فى المناصب حتى أصبح وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة فى عام 1991، ثم حصل على رتبة المشير فى 1993. فور إقالته من منصبه، منحه الرئيس المعزول قلادة النيل وضمن له خروجاً آمناً يعيش فى ظله إلى اليوم، رغم مرور عامين على مذبحة ماسبيرو، والأحداث الأخرى.