عزبة الجمّال.. «عيشة» على هامش الحياة
«بلدنا الوحيدة فى الدنيا كلها اللى ما فيهاش أى خدمات نهائياً، الحاجة الوحيدة اللى كانت موجودة فرن بلدى كانت الناس بتاكل عيش منه ومية المجارى غرقته وعطلت معداته» يتحدث عيد عبدالفتاح، موظف بالضرائب العقارية، وأحد أبناء عزبة الجمال، التابعة لمركز الصف بمحافظة الجيزة عن الوضع فى القرية، فيقول إن ابتعاد القرية عن المحيط السكنى لمحافظة الجيزة أسقطها من حسابات المسئولين على مدار السنوات الماضية، الأمر الذى تسبب فى غياب الخدمات العامة عنها بشكل كامل، سواء وحدة صحية أو مدارس أو وسائل مواصلات آدمية، بخلاف انتشار البلطجية على الطرق الرئيسية المؤدية إليها نتيجة الغياب الأمنى وابتعاد أقرب نقطة شرطة عنها مسافة تزيد على 30 كيلومتراً. منازل من الطوب الأبيض الحجرى منخفضة الارتفاع، تحمل أسقفاً من القش والبوص ترتفع لطابق واحد، وسط أراضٍ زراعية تحيط بها من كافة جوانبها، مدقات ضيقة بديلة للشوارع، وترعة صغيرة تزورها المياه لفترات متباعدة يعتمد عليها الأهالى فى تلبية أغراضهم اليومية بسبب غياب مياه الشرب، وغياب أمنى كامل دفع الأهالى للالتزام بمنازلهم منذ غروب الشمس، على حد قولهم.
يقول محمود السيد، مدرس، وأحد أبناء القرية: «عدم وجود وحدة صحية بالقرية هو أكثر ما يؤرق الأهالى، خاصة بعد وقوع العديد من الوفيات التى كانت تحتاج للإسعافات السريعة وفشلنا فى نقلها إلى مستشفى الصف بسبب عدم توافر وسائل مواصلات بالليل، بالإضافة إلى انتشار البلطجية على مداخل ومخارج القرية نتيجة الغياب الأمنى وتعرض بعض أبناء العزبة لسرقة السيارات والتكاتك التى تعتبر الوسيلة الوحيدة لربط قريتنا بمدينة الصف». شكاوى الأهالى العديدة من نقص الخدمات وعدم إدراجهم فى خطط التنمية التى دائماً ما تعلن عنها الأجهزة المسئولة، دفع نادر المشد، محامٍ، وأحد أبناء القرية للتقدم بالعديد من الشكاوى إلى الجهات المختصة، ورفع عدداً من القضايا على المحافظين السابقين لمحافظة الجيزة لمطالبتهم بتوصيل الخدمات العامة إلى أبناء قريته التى تتجاوز أعدادهم عشرة آلاف نسمة على حد تعبيره، حيث يقول: قرية عزبة الجمال تعتبر القرية الوحيدة فى جمهورية مصر العربية التى تخلو من الخدمات العامة بشكل كامل باستثناء فرن بلدى حصل أحد أبناء القرية على ترخيص به بعد مطالبات الأهالى له حتى يتمكنوا من الحصول على رغيف العيش، حيث كانوا ينزلون إلى القرى المجاورة فجراً لشراء احتياجاتهم من العيش، وفى أحيان كثيرة كان أصحاب المخابز يرفضون البيع لهم بحجة أن الحصة مخصصة لأبناء قريتهم وليس لأهالى القرى المجاورة. [SecondImage]
ويضيف: «لا نعرف الأسباب الحقيقية التى تقف وراء تجاهل الدولة لنا، على الرغم من أن قريتنا تعد من أقدم القرى فى مركز الصف، وتبتعد مسافة صغيرة لا تتجاوز ستة كيلومترات عن قلب المدينة، وبالرغم من ذلك يتم تجاهلها، ودائماً ما يكتفى المسئولون بالتأكيد على إدراجها فى خطط التنمية المستقبلية دون أن يحدث ذلك». أما سعيد عبدالمنعم، مزارع، وأحد أبناء القرية فيروى كيف حاول أكثر من مرة أن يترك قريته، ويذهب ليعيش فى مكان آخر يستطيع فيها تربية أبنائه بشكل آدمى -على حد تعبيره- ولكن فشله فى بيع قطعة الأرض الزراعية التى يمتلكها ومنزله الصغير الذى يعيش فيه مع أسرته المكونة من ثلاثة أطفال وزوجته حال دون ذلك حيث يقول: «أعيش فى حالة من القلق المستمر على مستقبل أطفالى الثلاثة الذين أحلم لهم بمستوى أفضل من الذى تربيت فيه، وكلما نظرت إلى حال القرية يتبدد حلمى بسبب انعدام الخدمات فيها»، يصمت قليلاً، قبل أن يتساءل: «حلمى فى ولادى هايتحقق إزاى وأنا شايف البلد عبارة عن خرابة، لو احتجت إبرة خياطة بأضطر أنزل المركز علشان أجيبها، فقلت أسيبها وأمشى وبدل ما أنتظر الخدمات تجيلى، قلت أروح لها أنا».
اخبار متعلقة
«الوطن» ترصد معاناة أهالى «العزبة» فى أول أيام العيد
أهالى القرية دونوا اسمها انتظاراً لـ«التعويض»