ثلاثة تحديات يواجهها «عبدالعزيز» فى رمضان: الصيام والسن ونار الحدادة
«عبدالعزيز» داخل ورشته
يهرب الناس من أشعة الشمس الحارقة، خاصة فى نهار رمضان، بينما عبدالعزيز أحمد، يعتبرها أرحم من النار التى يجلس أمامها، وهو يصنع الجنازير داخل ورشته القديمة فى منطقة إمبابة، لكنه مضطر للعمل فيها، باعتبارها مهنته الوحيدة التى بدأها فى صباه وما زال يعمل فيها، رغم وصوله إلى السبعين عاماً.
تتصاعد ألسنة النيران أمام وجهه الأسمر الذى يميل إلى الحمرة، يتحملها تارة، ويهرب منها تارة أخرى، حيث يضطر إلى الخروج من ورشته قليلاً لالتقاط أنفاسه: «أنا بقالى 58 سنة قدام النار، باسيح الحديد علشان أعمل منه جنازير». يمسك قطع الحديد، يضعها فى النار فتلين، ثم يقوم بلفها بحركة شبه دائرية، ويستمر فى العمل نفسه حتى يكتمل الجنزير: «لقمة العيش صعبة، وأنا باتحمل النار، على قد ما أقدر، ساعات بتوجع عينى، وباروح الصيدلية أجيب قطرة ومضاد حيوى وأرجع أشتغل عادى»، لافتاً إلى أن الجنازير التى يصنعها تُستخدم فى إغلاق البوابات، وفى ربط الكلاب والخيول.
كثرة التعرّض للحرارة المرتفعة، تحرم «عبدالعزيز» من شرب المياه الباردة: «باشرب سوايل كتير وميه من القلة، لكن الدكاترة مانعينى أشرب ميه ساقعة من التلاجة لأنها بتسبب لى ألم شديد».
يستعيد الرجل السبعينى ذكرياته عندما كان طفلاً فى الثانية عشرة من عمره: «أهلى ودّونى لصاحب ورشة فى الخليفة وقالوا له اعتبره ابنك وعلمه، ومن ساعتها وأنا قدام النار، علمت شباب كتير وبقوا أسطوات دلوقتى»، مشيراً إلى أنه لا يفكر فى ترك المهنة وأخذ استراحة محارب: «ربنا مدينى قوة وطاقة، لو قعدت أتعب، هافضل أشتغل طول ما أنا قادر».