مصطفى ومحمد.. صديقان جمعهما الإفطار على "فَرشِة الكفاح"
مصطفى ومحمد يفطران سويا
تركا محافظتهما في صعيد مصر وحضرا إلى القاهرة، ولم يكن لديهما خطة للعمل، ليسوقهما القدر إلى الوقوف على "فَرْشَة" واحدة، ولأنهما بعيدان عن الأهل، فقد اتفق الاثنين على الإفطار سويا كل أيام رمضان.
وضع الصديقان شرطين للإفطار، الول، أن يكون كلا منهما معزوم لدى الآخر، فيدفع أحدهما يوما، والآخر في اليوم الذي يليه، والثاني، ألا يخبر صاحب اليوم الآخر، بالوجبة التي سيشتريها، لتكون مفاجأة له، لكسر الروتين الذي اعتاداه.
يعمل مصطفى الصعيدي ومحمد السيد في بيع المفارش بأحد الشوارع التجارية، لهما على ذلك أعواما، بعدما تركا أسرتيهما في سوهاج، وسكنا حيث محل العمل، ويأكلان طيلة العام الكشري والفول والطعمية واللانشون، باعتبارها أرخص وأسرع الوجبات على مدار اليوم، ولكن يختلف كل شيء في رمضان.
"مش هنبقى طول اليوم صايمين وبنبيع في عز الحر، وكمان ناكل أي حاجة، لازم تكون وجبة ترُمّ العضم وتفوَّق الواحد".. يحكي مصطفى، أثناء تجهيزه فَرشة على الأرض استعدادا للإفطار، ثم يُخرج من أحد الأكياس كوبان نظيفان ويصب فيهما العصير، ثم يجلس منتظرا صديقه الذي كان يأتى بالطعام.
"اتفقنا كل واحد يعزم التاني، يوم ويوم، عشان نِحِسّ بتغيير، وبصراحة الموضوع حلو ومريح".. قالها الشاب الذي أتم 19 عاما، ولم يتلق تعليما مثل صديقه الآخر.
وتابع: "بنبيع كل المفارش، من القماش للبلاستيك، وبأسعار وأحجام مختلفة"، وفي رمضان يكون البيع مضاعفا، وساعات العمل كذلك: "بننطحن شُغل".
يظهر محمد من بعيد، وبيده كيسا بلاستيكيا يستقر داخله ورق أبيض ملفوف، خَمَّن مصطفى أنه "كفتة أو كبده"، باعتبار الأول يحبهما، إلا أنه حين اقترب منه، أدرك من الرائحة على الفور، أنه سمك مشوى.
"بقالنا كتير مكلناش سمك، فقلت نغير، ووصيت الراجل يعمل لنا سمكتين كبار حلوين، بس هو عمل 3".. يحكي محمد وهو يفتح الورق الذي يغلف طبق السمك، ويُخرج كيس السلطة وأكواب الطحينة وأرغفة الخبز، في ذات اللحظة اللتي كان مصطفى يناوله كوب العصير بعد أن رُفع الأذان: "مابنستخسرش في بعض حاجة طول رمضان، يعني أنا دفعت 65 جنيه تمن السمك، وماقلتش مثلا أجيب حاجة رخيصة ولا بتاع، أصل رمضان ده 30 يوم مش هيتكرروا يعني".