في مصر .. العلاج بالرسم والفرشاة والألوان
"الرسم بألوان المياه الصاخبة على لوحة من الورق" .. هو نوع من العلاج النفسي الذي تمارسه شيماء محمود يوسف ـ الوحيدة الذي تعمل به في مصر ـ رغم أنه معروف في العالم كله.
"سيب روحك تعبر عن نفسها على الورق بدون قيود متقولش مش بعرف أرسم أو تلويني وحش، كل اللي مطلوب منك إنك تشخبط".. هكذا تبدأ شيماء دائمًا جلساتها مع المرضى.
تقول شيماء:"إن مرضاها من مستوى فكري خاص يدركون أن الطب النفسي ليس رفاهيةً وليس للمجانين، اللي بيخليه يجيلي إنه حس إنه مختوق أو متضايق أو مكتئب وعنده مشكلة، الأحاسيس اللى بتمر علينا كلنا، بس الفرق إن المريض قرر إنه يروح لشخص يساعده".
يدخل الشخص الاستوديو عند شيماء فتطلب منه رسم 3 لوحات على الأقل مستخدمًا ألوان المياه، تقول:"إن الشخص يأخذ عادة نصف ساعة في الرسم، ولكن بعض الأفراد يستغرقون في الرسم ويرسمون 10 لوحات.
بعد الرسم، كما تضيف شيماء، يجلس الشخص معها فتحلل شخصيته وتعرفه بالمشاكل التي يعاني منها وتحدد له ما إذا كان في حاجة إلى جلسات أخرى أم لا، وتتابع:"غالبًا بيطلع في الرسم أول مرة المشاكل اللي بيعاني منها الإنسان بقاله كتير، والعقد القديمة اللي الشخص وضع عليها قيود كتير علشان يتكيف مع البيئة اللي حواليه".
الرسومات على جدران المعابد الفرعونية أكبر دليل بالنسبة لشيماء على أن الرسم هو أسهل وسيلة للتعبير عن النفس، لكن مع تطور البشرية وضع الانسان عليها قيودًا واستخدم الكلام للتعبير، لأن الكلام يستطيع تقييده بتمريره على العقل أولاً.
لهذا السبب أيضًا تُرجع تفضيل الفرد للعلاج بالرسم عن الذهاب إلى طبيب نفسي، تقول:"أنا بشيل عنه عبء ابدأ منين واحكي ايه ومتحكيش ايه وحاجة أنا محرج منها أصلاً، ياترى اللي قدامي ده هيفهمها ازاي، فأنا بقوله المشكلة من الرسمة وبنبدأ نتكلم فيها".
لا تعتمد شيماء في تحليلها على قواعد ثابتة أو معانٍ بعينها لكل لون أو رسمة، ولكنها تحلل شخصية الفرد وتتعرف على مشاكله من خلال تركيبة خاصة تضمن رسمه واستخدامه للألوان ونظراته وحركة يداه وأسلوبه في الجلوس والكلام.
تقول شيماء:"ممكن أطلب من 100 شخص يرسمون بيتًا وشجرة وشخص وكل واحد لما يرسمها يدل على حاجة، عشان كده مش هينفع أحلل رسمة حد من غير ما يكون هو نفسه موجود".
تؤكد شيماء أن المرض النفسي الذي يصعب على الرسم علاجه هو المرض العقلي والإدمان، وتبرر هذا بأن المرض العقلي يحتاج إلى مادة كيميائية تثبت حالة العقل أولاً حتى يستطيع العقل أن يدرك أنه يواجه مشكلة ثم يحاول علاجها، أما الرسم يقدر بس يشخص الحالة العقلية أسرع لأن العلاج النفسي العادي بيحتاج لأكتر من جلسة عشان الدكتور يعرف الشخص بيعاني من ايه".
حب شيماء للرسم والعلم النفسي هو الدافع الأساسي الذي حركها منذ أربع سنوات لتعلم العلاج بالرسم على يد مجدي رفعت، أحد الأطباء النفسيين المصريين الذي تمرد على أسلوب العلاج النفسي في مصر باستخدام الرسم بدلاً من الأدوية.
بعد وفاة أستاذها، قررت شيماء استكمال مشواره في العلاج بالرسم بالرغم من أنها خريجة إعلام، فأخذت تمارس العلاج بالرسم بدءًا من العام الحالي، في عدة أماكن وتخصص له ورش عمل، تقول:حلمى القريب إني مع آخر السنة دي يكون عندى مكان خاص للعلاج بالرسم، وحلمى البعيد إنى أنشر العلاج بالرسم فب مصر ويوجد له مدرسة خاصة به".
والعلاج بالرسم هو أحد أنواع العلاج بالفن الذي يتضمن العلاج بالغناء أو بالرقص أو بالنحت، وتسعى شيماء في المستقبل إلى استخدام جميع الأنواع، وساعتها ـ كما تقول ـ ممكن الفرد يختار الأسلوب اللي يريحه أكتر".
وتلخص شيماء قدرة الفن على العلاج في أن الشخص يعطي الفرصة لروحه أن تعمل وتعبر عن نفسها، تقول:"أرواحنا ذكية جدًا بس احنا محتاجين نديها فرصة، احنا متخيلين إن عقلنا أقوى بالرغم من أن أرواحنا أقوى بكتير"