عضو المكتب الفني بـ"الأزهر": بعض الأساتذة يدرسون مؤلفات من 30 سنة
الدكتور أحمد البدوي
دافع الدكتور أحمد البدوي المدرس العقيدة والفلسفة، وعضو المكتب الفني بجامعة الأزهر عن فكرة «الكتاب الموحد» والذي سيتم يدرس على جميع الأقسام المناظرة في مختلف كليات الجامعة علي مستوي الجمهورية.
وأكد «البدوي»، خلال حواره مع «الوطن» أن بعض الأساتذة يقومون بتدريس مؤلفات مضى عليها أكثر من ثلاثين عامًا دون تطوير أو تغيير، و«الكتاب الموحد» لا يتعارض مع قانون تنظيم الجامعات وهدفنا ضمان الحيادية وتكافؤ الفرص.. وإلي نص الحوار:
** هل هناك أزمة في مشروع الكتاب الموحد بجامعة الأزهر؟
- لا يوجد أي أزمة في هذا الملف، فهناك حركة تطوير تشهدها قطاعات الأزهر تحت قيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فانطلقت من جامعة الأزهر عدة مشروعات تسابق الزمن، تبناها الدكتور محمد المحرصاوي رئيس الجامعة، والدكتور يوسف عامر نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب؛ لتحقق للجامعة المكانة اللائقة بين الجامعات العالمية كسابق عهدها، ولتنهض بتصنيفها العالمي؛ ومن هذه المشروعات مشروع الكتاب الجامعي الموحد.
** هل تم الإنتهاء من الإعداد للكتاب الموحد؟
- العمل الآن يسير في الجامعة على قدم وساق، وقد انتهت المرحلة الأولى من التحضير للمشروع وشرح فكرته والتعريف بها، وبيان مدى أهميتها، وتم الاجتماع برؤساء الأقسام في القطاعات المختلفة أكثر من مرة والاستماع إلى مقترحاتهم، وبدأت مرحلة توزيع المقررات على الأقسام العلمية لتنتج نسيجًا واحدًا يعمم بعد ذلك على الأقسام المناظرة، فانطلقت الفكرة لتعميم كتاب موحد لكل مادة يدرس على جميع الأقسام المناظرة في مختلف كليات الجامعة، وذلك بهدف ضمان الحيادية وتكافؤ الفرص، كي يظهر الكتاب الجامعي بشكل يعبر عن تعاون وتكامل أكثر من أستاذ في إعداده ومراجعته.
«الكتاب الموحد» لا يتعارض مع قانون تنظيم الجامعات وهدفنا ضمان الحيادية وتكافؤ الفرص.. وانتهينا من المرحلة الأولى للتحضير للكتاب
** لكن هناك إنتقادات للفكرة.. كيف ترد عليها؟
- فكرة الكتاب الجامعي جائت لتحافظ على المنهج الأزهري الوسطي من أي فكر دخيل أو مشوش قد يتبناه بعض شباب الباحثين، ويكون محسوبًا على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فالزمن قد تغير، وأصغر الصغائر والهنات أصبح الإعلام الموجه يصنع منها كبيرة من الكبائر، ورأي الواحد يجعله الإعلام اجماعًا، فمن الاعتراضات التي ساقها البعض أن القرار مخالف لقانون الجودة الذي وضعته الهيئة القومية للجودة، وهذا خطأ؛ لأن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد قامت بوضع معايير قومية أكاديمية مرجعية للقطاعات المختلفة، مثل قطاع الطب والصيدلة والهندسة والتربية، وهذا ينطبق على التعليم الأزهري وغيره، ثم وضعت معايير أكاديمية للقطاعات التي تنفرد بها جامعة الأزهر، مثل: المعايير القومية الأكاديمية لقطاع أصول الدين والدعوة، ومعايير قطاع الشريعة الإسلامية والشريعة والقانون، واللغة العربية، وقطاع القرآن الكريم للقراءات وعلومها، فالاحتجاج بمخالفة الكتاب الموحد لمعايير الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد احتجاج باطل.
** البعض وصف القانون بأنه بلا مميزات ويشمل مخالفات قانونية عديدة؟
- غير صحيح، والقانون لا يتعارض مع قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 72، ولا ينزع اختصاصات مجلس القسم الموضحة في المادة 140 من قانون 103 لسنة 1961 الخاص بتنظيم الأزهر، والهيئات التي يشملها، وهذه المادة تنص على: "يختص القسم بجميع الأعمال العلمية والدراسية والمالية والاجتماعية فيه، ويحدد مجلس القسم البرامج والمقررات الدراسية، ويوزع الدروس والمحاضرات والتمارين والأعمال التدريبية على أعضاء هيئة التدريس، والمعيدين وسائر المشتغلين بالتدريس، وينظم وينسق البحوث العلمية وأعمال هيئة التدريس بالقسم، كما يختص بكافة الاختصاصات المبينة في المادة 55 من القانون رقم 49 لسنة 1972، كما حددت المادة 142 من قانون 103 أن سياسة مجلس القسم خاضعة لسياسة مجلس الكلية، " يشرف رئيس القسم على الشئون العلمية والإدارية والمالية في القسم، في حدود السياسة التي يرسمها مجلس الكلية ومجلس القسم، وفقا لأحكام القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها"، ومجلس الكلية الذي يترأسه عميد الكلية خاضع لسياسة مجلس الجامعة، كما ورد في المادة 136 من نفس القانون، فأين المخالفة القانونية إذن؟.
نسعى للحافظ على المنهج الأزهري الوسطي من أي فكر دخيل أو مشوش قد يتبناه بعض شباب الباحثين
** أيضاً هناك تصريحات لبعض المعارضين بان الكتاب الموحد كفيل بتحويل الكلية إلى مدرسة؟
- الجامعة قامت منذ سنوات بتوحيد الكتاب الجامعي للمواد الشرعية في الكليات المستحدثة، ولم يقل أحد قط أن الكتاب الموحد كفيل بتحويل الكلية إلى مدرسة، إضافة إلى وجود ضمان للحفاظ على الهوية الأزهرية في ظل الهجمة الشرسة على المناهج الأزهرية، أما كون الكتاب الموحد يؤدي إلى تبني فكر الآخر؛ فهذه تحسب على قائلها، فمنذ متى والأزهر يفرضُ فكرًا، أما وإن كان يُقصدُ به قراءة ما يكتبه الأزهريون، فهذا شرفٌ، فالأزهريون قد علَّموا الدنيا كلَّها مناهج البحث، وإذا كان يُقصد بالتبني النظرة الأحادية للذات، فهذا خطأ؛ لأنه إذا ضاقت أنفسنا عن القراءة لبعضنا بعضًا، فكيف تتسع صدورنا للقراءة لغيرنا؟، وفرق كبير بين التبني وعرض الآراء، فالمنهجية البحثية تقتضي دراسة أفكار الغير وآراءهم وسرد أدلتهم ثم الترجيح، لتخريج جيل قادر على تنقيح الأدلة، والاطلاع على فكر الغير، بدلًا من التقوقع على الذات، وصم الآذان عن الاستماع للأقوال الأخرى ومناقشتها.
** هناك اعتراض على مشاركة شباب الباحثين من المدرسين في التأليف؟
- هذا حق أصيل لهم، وعلى الأساتذة مراجعة ما يكتبه من دونهم، فالدور هنا تكاملي، بل إن تدريس الأستاذ لما كتبه من دونه من دلالة نبل العالم، كما قيل: "لا ينبل الرجل حتى يأخذ -العلم- عمن هو فوقه -أي في رتبة العلم-، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه"، وكان الأئمة الأعلام يفعلون ذلك لحرصهم على العلم، ولم يعاند ذلك إلا من قتله الكبر، لكن العلم الذي يورث الخشية لا يرفض أبدًا أخذ الكبير عن الصغير، ولنا في أئمتنا أسوة.
** هناك إتهامات للكتاب الموحد بأنه يقتل الإبداع والإبتكار؟
- الأستاذ الجامعي يتعامل مع طلاب الإجازة العالية، مثل التعامل مع العود الأخضر، فعليه أن ييسر المعلومة ويبسطها، وأن يراعي مراحلهم العمرية في طرح المعلومات، كما قيل: "طعام الكبار سم الصغار"، ويقيني أن الإبداع الحقيقي يظهر في المحاضرات وإقبال الطلاب على المادة، وغرس الانتماء فيهم، وتنوع أساليب العرض، ونقل الخبرات، إضافة إلى أن ملكة الإبداع عند الأستاذ لا تتوقف على الكتاب الجامعي فحسب، -هذا إن سلمنا بصحة الفرض-، فملكة الإبداع تزدهر في تدريس الدراسات العليا، والإشراف العلمي على رسائل الماجستير والدكتوراه، ومد يد العون للباحثين، وتعبيد الطريق لهم، وحضور المؤتمرات العلمية، وجلسات السيمينار، والمناقشات العلمية وغير ذلك، فتعليق حياة الإبداع وموته على الكتاب الجامعي -وحده- ضرب من الوهم، ناهيك أن بعض الأساتذة يقومون بتدريس مؤلفات مضى عليها أكثر من ثلاثين عامًا، وهي هي دون تطوير أو تغيير، ومنهم من خاصم الثورة التكنولوجية، بل إن منهم من يجاهرها بالعداء، فمن أين يأتي الإبداع إذن؟، وبعضهم لم يقم بنشر بحثٍ واحدٍ بعد حصوله على الأستاذية منذ سنوات، فهل عندئذ يتحقق إبداع
** ما الهدف من ظهور تلك الفكرة؟
- فكرة الكتاب الموحد تضمن معيارًا واحدًا للطلاب، وتخضع المقررات لمراجعات وتنقيحات بدلًا من أن ينفرد بها واحد بعينه، قد يكون حديث التعيين فيتسم بالبساطة، أو ركنًا ركينًا في التخصص فيتسم بالصعوبة، والبعض يحمل الطلاب على مذهب معين من الآراء ويدين الطلاب لفكره، ومن يراجع تقارير لجان المتابعة التي ترسلها الجامعة إلى الكليات للتأكد من انضباط العملية التعليمية، يجد أن الحاجة ملحة لضبط المنهجية، والكيل بمكيال واحد، حتى يشعر الطلاب بتحقيق شطر العدالة، وعلى الأستاذ أن يحقق الشطر الآخر من الناحية التدريسية، ووضع الامتحانات والتصحيح.