«دهشور ودلجا والمندرة والزهراء».. مدن الكوارث
منسيون، وعلى أقصى تقدير «مهمشون»، هكذا هو حالهم وصفتهم، أما الفعل الذى يطاردهم فدوماً يأتى مصطحباً معه الدماء، من خلال اشتباكات، فتنة طائفية، حادث قطار، غرق عبّارة، ثأر.. هكذا تتجلى مدن وقرى ونجوع، تظهر على السطح، تصاحبها الفواجع والنحيب، تنطلق بعدها وعود المسئولين، ومجرد أيام تمر على الواقعة، لتعود القرى والنجوع إلى مكمنها على «الخريطة» فى انتظار كوارث أخرى، تاركة الحزن لأهلها والذكرى لمن يهتم والوعود للحكومة التى لا تكترث.
«دهشور».. إحدى هذه المدن، لا تظهر سيرتها إلا فى موقعين، سرقة آثارها، أو حوادث القطارات بها، تشارك مثيلاتها «قرية المندرة» بمنفلوط، أسيوط، التى التحفت السواد قبل يوم واحد من حادث دهشور، فى ذكرى مرور عام على حادث شبيه بأخطاء متكررة، مزلقان مفتوح، وقطار مسرع، وسيارات لا تستطيع مجابهة وحش قادم، فيكون المصير دهساً. أو «دلجا» المحتلة من بعض القوى السياسية، وكذلك «كرداسة» المهيمن عليها أنصار الرئيس المعزول. فى أقاصى الصعيد وحدود سيناء، على ضفاف البحيرة وأزقة الإسكندرية. «الزهراء» قرية تتلوث بها المياه فى الشرقية، و«البدارى» قرية الثأر فى أسيوط.. كلها قرى فى طى النسيان إلا فى الألم.
«مشكلة منتشرة فى كل الدول النامية» هكذا يرى د. سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، أزمة القرى فى مصر، مشيراً إلى اهتمام تلك الدول بالعاصمة دون غيرها، فيما يتم تنحية أهالى القرى والحدود، قبل أن يوضح أن نحو 70% من استثمارات الحكومة المصرية تنصب فى القاهرة والإسكندرية.