أزمة توزيع الفيلم الأوروبى فى السوق المصرية تعود للأذهان بعد غلق سينما زاوية
رزق الله وزكريا
حالة من الاستياء يعيشها محبو السينما الأوروبية، نتيجة لإغلاق سينما زاوية بوسط البلد، التى تخضع لأعمال التجديد، وهو ما تسبب فى عدم قدرتهم على متابعة أحدث أفلام السينما غير التجارية، التى تحمل أسماء مخرجين مهمين أو شاركت فى مهرجانات سينمائية وحصلت على جوائز مهمة، حيث يقتصر عرض تلك الأعمال على بعض المراكز الثقافية بشكل محدود، الأمر الذى يعيد إلى الأذهان مجدداً أزمة توزيع الأفلام الأوروبية فى السوق المصرية.
وقال الناقد عصام زكريا، إن المخرج الراحل يوسف شاهين كانت له تجربة فى عرض الأفلام الأوروبية غير التجارية من خلال سينما «كريم»، حيث كانت تنظم أسابيع لمخرجين وتعرض أفلاماً فنية كبرى من مختلف دول العالم، متابعاً: «هذا النوع من المشروعات والمبادرات فى حاجة إلى دأب واستمرارية فيجب أن يكون هناك دور عرض مخصصة لعرض الأفلام الفنية، حيث هناك تخوف دائم من فشلها، بخاصة أنها تتطلب دعاية خاصة تختلف عن تسويق الأفلام التجارية، باعتبار أن تلك الأعمال تستهدف فئات معينة من الجمهور، لذلك الأمر يحتاج إلى وقت وطريقة مختلفة فى التفكير»، وأضاف زكريا لـ«الوطن»: «الإقبال الجماهيرى على سينما (زاوية) كان ضعيفاً فى البداية، ولكنه أصبح أقوى فى الوقت الحالى، ولكن هناك عدداً من المشكلات تواجه الأفلام الأوروبية فى مصر، أولاها حقوق الملكية التى تصل إلى مبالغ كبرى فى أغلب الأحيان يصعب على الأماكن الصغيرة تحمل تكلفتها، أما المشكلة الثانية فمتعلقة بالرقابة، فهذه فكرة سخيفة، لأن هذه الأفلام فنية ومعروضة لجمهور متخصص».
«زكريا»: الرقابة وارتفاع التكلفة المادية للحقوق الملكية الفكرية أبرز العقبات.. و«رزق الله»: أذواق الجمهور تدنت والدولة يجب أن تدعم هذه النوعية من الأفلام
وقال المنتج شريف مندور إن «الأفلام الأمريكية تجتاح العالم بأسره فى الوقت الحالى، باعتبارها الإنتاج الأقوى والأكبر تليها الأفلام الهندية، بينما الأفلام الأوروبية ذات طبيعة خاصة لا يتذوقها إلا المواطن الأوروبى، فالفيلم الفرنسى ليس له سوق فى إنجلترا، رغم أن البلدين متلاصقان جغرافياً»، وتابع: «الأفلام الأمريكية تغزو السينما العالمية، أما الأوروبية فهى سينما محلية قد لا يتقبلها الجمهور بسهولة، وفى فترة سابقة كان هناك تقبل ثقافى لتلك النوعية ولكنه تلاشى أمام قوة السينما الأمريكية»، وتابع: «سينما «زاوية» تجربة جيدة، ولكنها محاولة فردية مدعومة من الاتحاد الأوروبى، فى محاولة منها لنشر الثقافة الأوروبية فى مصر، وحتى الآن هى سينما نخبوية لا تستهدف المواطن العادى، وتكرار مشروع زاوية يتطلب دعماً وسنوات طويلة من الجهود حتى نخلق حالة من التقبل للفيلم الأوروبى، وهذا أمر صعب، لأن الجمهور المصرى ليس لديه ثقافة تقبل أنواع مختلفة من الأفلام»، ويرى «مندور» أن دعم سوق الأفلام الأوروبية يبدأ من الموزعين والمحطات التليفزيونية، موضحاً: «فى وقت سابق كان التليفزيون المصرى يعرض أفلاماً فرنسية وإيطالية، ولكن الآن لا يعرض سوى الأفلام الأمريكية، ولا بد من بث أفلام مهمة لكى يطلع عليها الجمهور، وحتى نخلق ثقافة المشاهدة، التى كانت موجودة لدى المواطن المصرى سابقاً».
من جانبه، قال الناقد يوسف شريف رزق الله، إن تدخل الدولة فى المعادلة السينمائية سيشكل فارقاً كبيراً، مشيراً إلى أن المؤسسة العامة للسينما كانت تستورد الأفلام الأوروبية وتطرحها فى دور العرض المملوكة لها خلال فترة الستينات، وأردف: «يجب أن تقوم الدولة بدورها فى دعم الأفلام الأوروبية المهمة، فهذا الأمر معمول به فى دول أخرى وليس بدعة، وأتمنى أن تسهم شركة السينما المزمع تدشينها فى مساعدة الموزعين على استيراد تلك الأفلام كما يفعل مركز السينما الوطنى الفرنسى الذى يدعم موزعى الأفلام غير التجارية»، وأكمل: «المجمعات التجارية بها قدر كبير من الشاشات، فيمكن تخصيص قاعة صغيرة لعرض تلك الأفلام عن طريق تقديم دعم مالى لصاحبها أو إعفائه من الرسوم الجمركية، وهنا من الممكن فتح الباب أمام تجارب أخرى مثل (زاوية)»، وبحسب «رزق الله»: «كانت هناك حالة من الازدهار فى فترة الستينات والسبعينات، حيث كانت تشترى الشركات الأمريكية عروض الأفلام الأوروبية وتوزعها، وأذكر أن أفلام فيديريكو فلينى وليلوش كانت تعرض فى مصر، وبعد ذلك لسبب أو لآخر توقفت هذه الشركات عن الاهتمام بتلك الأفلام وحرمتنا منها، فكان هناك قطاع من المشاهدين يفضل متابعتها فى العديد من دور العرض، ولكن الجمهور الآن تدنى ذوقه، وأصبح يشاهد أفلاماً تافهة».