زارع: تعجيل إصدار الأحكام في الدعاوى هو الحل في قضايا المتهمين عسكريا
أوضح المحامي الحقوقي أحمد حشمت، والعضو في مركز هشام مبارك للقانون، وضع من يتعرضون لمحاكمات خلال الفترة القادمة حيث عليهم الانتظار حتى إصدار الحكم، للحصول على عفو رئاسي وهو الحل الوحيد أمامهم في حالة صدور حكم مع النفاذ ضدهم، قائلا "يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارا جمهوريا بالعفو عن الذين صدر حكم ضدهم، أو إيقاف تنفيذ الحكم بحسب القانون الذي يكفل هذا لرئيس الجمهورية المنتخب، أما قبل إصدار الحكم فلا يحق له وقف ذلك".
ويضيف حشمت، أن الرئيس يصدق على الأحكام الصادرة عن القضاء العسكري، عن طريق تفويضه لـ"الضابط المفوض" الذي يبلغه بقراره سواء كان تخفيف الحكم، إعادة المحاكمة، أو إلغاء الحكم وإعطاء براءة للمتهمين، أو من الممكن أن يزيد الحكم أيضا.
ويكمل، بعد التصديق على الحكم يجوز فقط للسلطة الأعلى من الضابط المصدق، وهو رئيس الجمهورية عند تقديم التماس أن يأمر بإلغاء الحكم أو إعادة نظر الدعوى من جديد أمام محكمة أخرى.
ويقول حشمت، إن القضاء الطبيعي الذي من المفترض أن يمثل أمامه المدنيون، أحكامه عادلة ولا يشوبها ما يشوب القضاء العسكري، من تبعية لوزارة الدفاع، فهم مؤهلين إلى النظر في قضايا مماثلة، ولهم تاريخ يشهد بالعدالة ورجاحة الحكم، مؤكدا أن نسبة الخطأ في القضاء المدني لا تتعدى الـ15%، في حين تصل في القضاء العسكري إلى 90%.
ويحق للمحكمة في القضاء المدني إعادة التحقيق إذا وجدت أن الأدلة التي جمعتها النيابة ليست كافية أو ظهور أدلة جديدة، أو أن التحقيقات تجاهلت بعض الأحداث المهمة، ويشير راغب إلا أن قضايا مثل مجلس الوزراء، والسفارة الإسرائيلية لم يتم التحقيق فيها حتى الآن مع من اعتدوا على الفتيات بالسحل، وكشوف العذرية، وكذلك في سقوط ثلاثة قتلى أثناء أحداث السفارة.
ويؤكد حشمت أن القضايا المنظورة أمام القضاء المدني لها مخارج عديدة؛ منها أن يقضي القاضي بحكم مع إيقاف التنفيذ، وفي حالة صدور حكم يحق للنيابة ألا تنفذ الحكم الصادر عن المحكمة إذا ارتأت وجود سبب لعدم التنفيذ، وهذا مشروع بحسب القانون، كما أن لرئيس الجمهورية الحق في إصدار عفو شامل بعد صدور الحكم، وقد استغل الرئيس السابق حسني مبارك هذه الصلاحية أكثر من مرة، أشهرها عفوه عن الصحفي إبراهيم عيسى في القضية التي عرفت إعلاميا بـ"صحة الرئيس" في 2008.
يرى حشمت، أن اللجنة التي شكلها الرئيس محمد مرسي لبحث أوضاع المعتقلين بدلا من استغلال صلاحياته مباشرة بالعفو عن المعتقلين، هي مجرد شكليات لإعطاء مصداقية، وخاصة في ظل ما يقال أن الإفراج عن بعض الأفراد يشكل تهديدا على الأمن، ويضيف أنه متأكد من أنه سيتم الإفراج عن كافة المعتقلين تدريجيا، وأنه الرئيس وعد بتشكيل لجنة أخرى لفحص القضايا التي لم يصدر بها أحكام بعد كالعباسية، ومجلس الوزراء، والسفارة الإسرائيلية، ومحمد محمود.
إلا أنه يرى أن قضية أحداث العباسية، والتي صدرت أحكام فيها يومي 24 و25 يوليو، ولها جلسة أخرى للنطق بالحكم على بقية المتهمين في 30 يوليو، لا تستحق انتظار تشكيل لجنة فيمكن للرئيس استغلال صلاحياته في التصديق على الأحكام، وبالتصديق بالبراءة لمن صدر أحكام ضدهم، أو وقف تنفيذ الحكم، فمسيرات العباسية كانت سلمية، وأغلب المتهمين تم إلقاء القبض عليهم من داخل المستشفيات أو مسجد النور.
الحل الوحيد لنهاية أزمة المحاكمات العسكرية للمدنيين من وجهة نظر أحمد حشمت، أن يتم تعديل قانون القضاء العسكري في الدستور الجديد، وأن ينص صراحة بعد جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري إلا في حالة إعلان حرب.
ويضيف أن العسكر وقت تواجدهم في الشارع أثناء الثورة، لم يطلب منهم أحد ذلك، وإنما اقتحم هو حياة الناس العادية، ونزل إلى الشارع بمحض إرادته، للحفاض على استقرار وأمن البلد خلال فترة انتقالية، بحسب ادعائهم، والمفترض في حالة التخاصم بين عسكري ومدني أن يحاكم هو أمام محاكم المواطن المدنية، لأنه هو من اقتحم حياته وليس المواطن من ذهب إلى ثكنته.
أما محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، فيؤكد أنه لا يجوز تدخل رئيس الدولة لوقف المحاكمات، لأن ذلك يعد تدخلا في عمل القضاء.
ويرى زارع أن الحل في المحكمة المنظور أمامها القضايا المتعلقة بالأحداث التي وقعت منذ بداية الثورة، بتعجيل نظر الدعاوي في أسرع وقت، بدلا من الجلسات المتباعدة التي يصل الوقت المستغرق بين جلسة وأخرى في بعض القضايا إلى أكثر من شهرين، ما يسمح بحصول عفو رئاسي في حالة الحكم بالإدانة.
وعلق زارع، بأن القضاء قد فعل ذلك في عدة قضايا قريبة أثارت الشارع السياسي، كقضية العزل السياسي بحق أحمد شفيق، التي انعقدت لأجلها المحكمة الدستورية العليا قبل الانتخابات بيومين لتبت بأن ترشحه قانوني، وكذلك تقديم محكمة القضاء الإداري جلسة النظر في الطعن بتشكيل الجمعية التأسيسية الثانية لوضع الدستور، شهرين عن موعدها، وأضاف أن الضرورة تدفع المحكمة للانعقاد مراعاة للحقوق والحريات.
وقال زراع "هناك بعض القضايا التي تحتاج إلى حوار مجتمعي متعاون لإنهائها؛ منها على ما يذكر قضية الأمن المركزي 1986، في عهد الرئيس السابق مبارك، فعساكر الأمن كان لهم مطالب مشروعة في ذلك الوقت، والحوار الذي دار على طاولة رئيس الجمهورية، والنائب العام، ووزير العدل والقضاة، ساعد على إنهاء القضية بما يحفظ للدولة والقضاء هيبتهما".
ويبرر زارع أن هذا لا يحدث إلا إذا كان هناك توافق بين كافة الأطراف التي تمثل السلطة التنفيذية والقضائية، وأن ما لاحظه خلال عمله في لجنة بحث أوضاع المعتقلين التي شكلها محمد مرسي رئيس الجمهورية، يقول إن هناك خلافات عميقة بين القضاة ورئيس الجمهورية ووزير العدل، فكل الفرق تحمل آراء متباينة وأحيانا متصارعة وهذا لا يصب في مصلحة أحد فهو يضر بالمتهمين، ويقلل الثقة في القضاء، وفي الرئيس بحد ذاته.
وأكد أنه لو كان هناك تناغم بين كافة الأطراف لما كان هناك حاجة إلى وجود لجنة بحث أوضاع المعتقلين، فاللجنة تعد مبررا لرئيس الجمهورية ليبرئ ساحته، في ظل عدم تعاون بعض جهات الدولة المعنية معه بحجة التزامها بالقانون.
ويوضح أن ذلك يضيع الاستفادة من استخدام رئيس الجمهورية لصلاحياته بالعفو عن المسجونين الذين حصلوا على أحكام بما أن الدولة لا تزال في مرحلة الثورة.