خمسة عيوب فنية تطيح بمستوي سكك حديد مصر بين دول العالم
أكثر من 400 مصري ضحية حوادث القطارات عام 2012 ؛ ما يفسر تراجع عدد ركاب القطارات إلي النصف خلال الخمس سنوات الأخيرة.
في محاولة للتحديد أهم المشكلات الفنية التي يعاني منها قطاع السكك الحديد في مصر أشارت معظم الدراسات و الأوراق البحثية التي تناولت أزمة تطوير سكك الحديد المصرية علي مدار الثلاث سنوات الماضية ، وجود خمس مشكلات فنية رئيسة تقف حجر عثرة أمام تقدم مصر نحو مستوي لائق بين دول العالم في خدمة النقل بالسكك الحديد.
" الإعتماد علي الخطوط الطولية" ، هذه أولي المشكلات التي يواجهها قطاع السكك الحديد المصري ، الذي أنشأ عام 1851 بفكرة من الخديوي عباس الأول، بخلاف ما يتبعه معظم دول العالم من تأسيس سكة حديد بالخطوط ذات الروابط التقاطعية.
تكمن مشكلة إستخدام خطوط طولية ذات الحوامل المتصله بأن صيانتها أكثر غلاءً من صيانة الخطوط التقاطعية.
تمثلت المشكلة الثانية التي تعاني منها سكك حديد مصر ، أقدم خطوط نقل في أفريقيا و الشرق الأوسط، في إعتمادها علي نظام الإشارات الميكانيكية بنسبة 85% ، المعروف إنخفاض مستوي الآمان بالمقارنة بنظام الإشارات الكهربائي.
تعد الإشارات أحد أهم المشكلات التي تتسبب حديثاً في عدد كبير من حوادث الطرق بسبب تعطل الإشارات الإلزامية لسائقي القطارات للتوقف و ضمان سلامة المرور علي هذه السكك. التي تعمل بالمراقبة الميكانيكية التي تحتاج لمتابعة دورية لأقفال المحطة و إعطاء إشارة مناسبة لحركة القطار ، في حال نسيان قفل المفاتيح اللازمة ستمتنع الإشارة آلياً.
في محاولة لتطوير خطوطها للسكة الحديد ، دشنت المملكة العربية السعودية أول مركز تحكم رئيس بمحطة قطارات الركاب بالدمام في الوطن العربي ، يتيح تحويل القطارات عن بعد بإستخدام أجهزة الإستشعار لرصد قياسات محددة منها درجة حرارة عجلات القطار و سرعة و إتجاه الرياح. و يعد النظام الأحدث عالمياً.
أصبح تباطؤ تطوير خطوط السكك الحديدية المصرية ، ثاني أقدم خطوط نقل عرفها العالم ، ثالث مشكلة بخاصة تجاهل هيئة السكك الحديد وضع خطط فعلية لإمتداد خطوطها للمناطق الجديدة أو ربط بعض المحافظات بالمدن الصناعية و السياحية.
شكل وجود عدد كبير من الزلقانات علي طول خط السكك الحديدية ، الذي بلغ أكثر من 1700 مزلقان، عبئاً و مشكلة رابعه تواجهها السكك الحديد ؛ لإرتفاع قيمة الإنفاق علي الصيانة ؛ ما أدي لإنشاء مزيد من الطرق و الكباري لتفادي الإهمال الملحوظ في الصيانة الدورية.
إختتم خبراء قطاع النقل في مصر في أوراقهم البحثية المشكلات التي تعاني منها السكك الحديد ، بالإستهلاك المتزايد للقطبان و العجل و الجرارات مع التوقف المستمر للقطارات ، دون إجراء إحلال و تجديد مستمر لها ؛ ما أدي لوجود مشكلة كبيرة في منظومة تشغيل القطارات في مصر.
" الخروج الأمن" ، تلك العباره الأشهر داخل الأوساط السياسية يطلقها البعض حاليا لإيجاد حلول جذرية لقطاع النقل المصري أو تمني مسؤولي القطاع الخروج الآمن عقب كل حادثة تشهدها محافظات مصر.
تبدأ الحلول بقطار البضائع ، الأقل حظاً و أسوء سمعة بين عربات القطار المصري رغم أن هذا القطار يجني أموالا طائلة في دول أوروبا تتجاوز نقل الركاب، فمن الممكن أن يحقق قطار البضائع أرباح تقدر ب 100 ألف جنية.
بلغت عوائد قطار نقل البضائع ثابتة خلال السبع أعوام الماضية ، بحسب الإحصاءات الرسمية لهيئة السكك الحديديه. في ظل وصول نسبة نقل البضائع داخل القطاع لا تتجاوز 4%. رغم أن الهدف الرئيس لإنشاء مشروع السكك الحديد في مصر كان بغرض نقل البضائع من السفن الراسية علي البحر المتوسط لعربات خطوط حديدية علي سفن راسية في البحر الأحمر قبل حفر قناة السويس.
في إطار الخلل الفني الذي تعاني منه سكك حديد مصر ، أكثر من 80 ألف عامل ، هل تجدي القروض المالية لحل الأزمة؟ وجهت العديد من أصابع الإتهام لوزارة النقل علي مدار العشر سنوات الماضية بسبب سوء تصرفها في إنفاق الأموال اللازمة لتطوير الهيئة .
ففي عام 2008 شهدت الهيئة خطة طموحة بالتعاون مع خبراء إيطاليين لتطوير سكك حديد مصر ، تنتهي الخطة أكتوبر 2014 بمنحة من إيطاليا بقيمة 10 ملايين يورو ، و أوضح نينو شينجولاني ، رئيس فريق الخبراء الإيطاليين ، في تصريحات صحفية له منذ أربع سنوات أن خطة التطوير ستجعل سكك حديد مصر تنافس أفضل خطوط النقل العالمية.
من المستغرب أن نجد شينجولاني منذ أيام قليلة يجلس في ورشة عمل مع وزارة النقل لمناقشة سبل التعاون لتطوير دور السكة الحديد في نقل الركاب والبضائع ؛ مايجعلنا نتسائل متي تضع الدولة خططاً حقيقية و تحسن التصرف في مواردها و الضرائب التي يدفعها المواطنين لإحداث تطوير حقيقي يتجاوز التصريحات وورش العمل.
" السعي نحو المشاركة مع القطاع الخاص في تقديم بعض خدمات السكة الحديد في إطار متوازن يتيح تحسين الخدمة و يضمن الشفافية " ، توصية أخيرة لإحدي أوراق العمل عن تطوير سكك الحديد للمركز المصري للدراسات و المعلوماتن التي تتمني أن يساهم إشراك القطاع الخاص في إحداث فارقاً داخل قطاع مازال يبحث عن " قشة" الغارق.