الصودا الكاوية حرقت مريء حمزة وقلب أبيه: علاجه في لندن بـ96 ألف دولار
حمزة
رحلة عمرها ثلاثة أشهر من المعاناة بين المستشفيات المختلفة، استمع فيها الرجل لعشرات الأطباء، وأجرى لابنه عدة عمليات جراحية تخللت عشرات التحاليل والأشعات الطبية التي أجراها للطفل الذي تخطى للتو سنوات عمره الأربعة، راجيًا أن يعود لسيرته الأولى ويمرح مع الأطفال من سنه، لتأتيه الكلمات الصادمة بعد الرحلة الطويلة تزلزل أذنيه "علاج ابنك في لندن مش هنا".
قصة "حمزة" صاحب السنوات الأربعة، والتي بدأت في شهر يوليو الماضي، يرويها لـ"الوطن" والده محمود نجيب، موظف جودة بإحدى الشركات، "لما اشتكوا عندي في البيت إن الصابون السائل اللي بيشتروه جودته وحشة، بقيت أجيب مكوناته وأعملهولهم في البيت" ومن ضمن هذه المكونات مادة "الصودا" الكاوية.
ربما كان القدر الذي جعل والد "حمزة" يحفظ "الصودا" الكاوية في زجاجة لا تتحملها، ووضعها في أحدى الأدراج الخشبية لمطبخه الصغير "الصودا أكلت الإزازة والمطبخ ونزلت في كوباية جنب كولمان المية" ويدخل الطفل الصغير يروي عطشه، راشفًا "الصودا" ظنًا منه أنها مياه للشرب، لتبدأ مأساته في التجسد.
حمزة شرب "صودا" كاوية سببت له ضيق في المريء منعه من الأكل والشرب
صراخ "حمزة" لم يكن مفهومًا لوالده حتى اكتشف كارثة شربه للصودا الكاوية، ليحمله لمستشفى قريته الصغيرة "الحفنا" بمركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية، والتي أجرت له الإسعافات الأولية قبل التوجه للمستشفى الجامعي بالزقازيق، والتي مكث فيها لمدة 15 يومًا قبل أن يتحسن الطفل "ظاهريًا" ويخرج بعد إجراء أشعة بالصبغة على المعدة والمرئ أثبتت سلامتهما.
تحسن "حمزة" لم يدم كثيرًا "بقى كل ما يشرب يشرق وأي أكل بينزل معدته بيرجعه على طول" ليتوجه به والده لإحدى المستشفيات في مصر الجديدة، والتي أكد له الأطباء فيها أنه مصابٌ بضيقٍ في المريء، يسلتزم عمل منظار استكشافي، إلا أن المنظار فشل في دخول المريء بسبب ضيقه، ليخبره الأطباء بضرورة تعاطي بعض الأدوية لمدة 20 يومًا ثم التجربة مرة أخرى.
خلال مدة الـ 20 يومًا التي حددها الأطباء، نقص وزن "حمزة" 7 كيلو جرامات، بسبب عدم تناوله أية أطعمة، ليعود لمستشفى الزقازيق الجامعي التي مكث فيها لمدة 20 يومًا أخرى قبل أن يجرب المنظار مرة أخرى ليفشل في دخول المريء من جديد بسبب الضيق الشديد فيه، ليقرر الأطباء أن أي محاولة أخرى لدخول المنظار ربما تؤدي لثقب المريء ووفاة الطفل.
والد حمزة: الدكاترة ركبوله أنبوب من برة لمعدته عشان يتغذى منه وعلاجه في لندن
وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، نصح الأطباء والد "حمزة" بإجراء عملية يتم من خلالها تركيب أنبوب خارجي يصل مباشرةً للمعدة، لتغذيته عن طريقه، ليصاب الطفل بعدها بخمسة أيامٍ فقط بضيق شديد في التنفس، فسره الأطباء على أنه التهاب رئوي وربو، إلا أن أحد المستشفيات الخاصة في الشرقية شخص أطبائها الضيق على أنه التهاب شديد في الحنجرة وضيق مميت، ليضاف للمأساة فصلٌ جديد.
"رجعت بيه لمستشفى الزقازيق الجامعي اللي عملوله فيها أشعة مقطعية ومنظار حنجري بينوا إنه فيه انسداد في الحنجرة" كلماتٌ وصف بها الأب السبب الذي دفع أطباء المستشفى لإجراء جراحة عاجلة له يوم 6 أكتوبر، عبارة عن شق حنجري ليستطيع التنفس من خلالها، وهي العملية التي أعقبها ضرورة عمل منظار بتخدير كامل لإزالة الانسداد بالكامل.
طبيب التخدير رأى خطورة على حياة "حمزة" من التخدير الكامل "من أسبوع دكتور التخدير رفض يعمله التخدير لأنه تعبان ممكن يموت وقال نستنى أسبوع" ليدخل غرفة العمليات يوم الأحد الماضي لمدة ساعة قبل أن يخرج منها، وينفرد الطبيب الذي أجرى الجراحة بالوالد ويلقي على مسامعه بالكلمات التي لم يتوقعها.
"أنا عمري ما شوفت زي حالة ابنك، وعلاجه في لندن مش هنا".. كلماتٌ سمعها والد "حمزة" غير مصدقٍ لأذنيه، فالرحلة الطويلة التي خاضها لإنقاذ ابنه، وأنفق فيها كل ما يملك، لم تجد نفعًا، وأصبح مطلوبًا منه أن يسافر به إلى إنجلترا ليعالجه بتكاليفٍ قدرها الطبيب بنحو 96 ألف دولار، وهو الموظف البسيط الذي لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، كما أنه لديه ثلاثة أبناء آخرين، يريد أن ينفق عليهم ويرعاهم.