«صبحى» بين نارين: نار اشتباكات الأزهر ولا جنة «مراتى»
وجه شاحب لا يناسب سنه المتقدمة، وعيون تغرقها الدموع من آن لآخر، حين يتذكر حصاره الذى فرضته عليه الظروف، زوجة تلاحقه بخلافات كانت نتيجتها طرده من المنزل، وحصار آخر أبطاله طلبة وأمن باشتباكاتهم وغازاتهم المسيلة للدموع، لكنها من وجهة نظره «قضا أخف من قضا». خلف مبنى مستشفى جامعة الأزهر، وداخل حديقة واسعة، تقع حراسة «صبحى نبيه»، فرد الأمن، إلى جوار محرقة نفايات الأدوية، يمينه مبانٍ تحت الإنشاء للطلاب المغتربين وفى المقابل تقع كلية الهندسة.. تقترب من مسامعه هتافات «يسقط حكم العسكر» فيدرك الرجل أنه على أعتاب ذبحة صدرية حادة كالتى أصابته من قبل جراء قنابل الغاز المسيل للدموع، يلتقط أنفاسه بصعوبة، يهرع إلى الخلف بخطى بطيئة، ورغم هذا عيناه لا تغادران مكان خدمته. فى هذه اللحظة يتذكر صبحى زوجته، فهى التى أجبرته على هذا الوضع، طردته من المنزل، فلم يجد مأوى له سوى عمله، لذا يضطر إلى «تطبيق ورديتين عشان أبات فى الشغل»، ورغم خطورة عمله فى جامعة الأزهر والاشتباكات اليومية التى أصبح شاهد عيان عليها، فإنه اعتاد الأمر «ظابط مواعيدى عليهم من الساعة 10 إلى الساعة 2 الظهر بتكون البنات متصدرة المسيرات وبعدين يدخل الولاد على الخط لحد ما ربنا يفكها من عنده».. كل هذا من أجل 700 جنيه هى راتب الرجل، يضاف إليها 550 جنيها معاشه من شركة الكهرباء التى كان يعمل بها، بين الأمن والطلبة يتابع «صبحى» المشهد من خلف السور، جُرح 4 عساكر ففتح لهم الباب لإسعافهم «دول ولادنا ودول ولادنا وميرضينيش الأذى لحد»، يستنكر الرجل عناد الطلاب «المفروض أهاليهم باعتينهم يتعلموا مش يهتفوا»، ويرى أنه «لولا ربنا بيحبنا كنا بقينا زى سوريا».