السفير الأوكراني في حوار لـ"الوطن": الاعتداء الروسى الأخير "إرهاب"
السفير الأوكرانى فى القاهرة، هينادى لاتى
وصف السفير الأوكرانى في القاهرة، هينادي لاتي، الاعتداء الروسي الأخير بإطلاق النيران على سفن عسكرية أوكرانية، في أثناء عبورها "مضيق كيرتش"، واحتجاز 24 من البحارة الأوكرانيين، بأنه عمل من أعمال الإرهاب، مؤكداً أن "كييف" لديها معلومات كاملة حول التهديدات الروسية المحتملة، وإمكانية شن روسيا هجمات واسعة النطاق ضدها.
وطالب "لاتي"، في حوار مع "الوطن"، المجتمع الدولي باتخاذ موقف موحَّد ضد موسكو والضغط عليها للالتزام بالقوانين الدولية، مشيراً إلى أن أوكرانيا ستطلب الدعم العسكري من حلف "الناتو" في حال تعرضها لأي اعتداء، خاصة أنها تسعى حالياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوكراني يتجه لتعديل الدستور لتأهيل البلاد إلى عضوية الاتحاد.
واعتبر السفير الأوكراني، أن مصر من أهم شركاء بلاده، ليس في الشرق الأوسط فقط، لكن في أفريقيا كلها، مشيراً إلى قوة التعاون التجاري المتبادل، الذي تصل قيمته إلى 2 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن أن السياح الأوكرانيين يحتلون المرتبة الثانية في قائمة الأكثر زيارة لمصر.
وإلى نص الحوار:
- ما رأيك في وصف التصعيد الروسي في بحر "آزوف" بأنه الأخطر منذ اندلاع أزمة 2014؟
- بدأ التصعيد الروسي ضدنا في 2014 بعد الثورة الأوكرانية، التي نسميها "ثورة الكرامة"، وهروب الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، إلى موسكو مع عدد من أعضاء حكومته، وما تبع ذلك من عدوان روسي على أراضينا، انتهى باحتلال بعض أراضي شبه جزيرة "القرم"، وشرق أوكرانيا.
وفي مارس من العام نفسه، أعلنت روسيا أن شبه جزيرة "القرم" جزء لا يتجزأ من أراضيها، لكن ذلك لم يحظَ بأي اعتراف دولي، ونحن نعتبر الموجودين في "القرم" مواطنين أوكرانيين، وكل ما تمارسه موسكو من أعمال على أرض الجزيرة يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، وكذلك التصعيد الأخير، إذ اعتدت القوات الروسية على 3 سفن كانت قادمة من ميناء أدويسا إلى ميناء أوكراني آخر، ورغم أن سفننا كانت تفصلها عن المياه الإقليمية الروسية أكثر من 12 ميلاً بحري، فإن القوات الروسية اعتدت عليها وأطلقت النيران نحوها، فأصابت 6 بحارة، واعتقلت 24 آخرين، محتجزين الآن داخل سجن في "القرم" المحتلة.
والسلطات الأوكرانية تعتبر الاعتداء الروسى الأخير من أعمال الإرهاب، وانتهاكاً للقانون الدولي واتفاقيات النقل البحري، وكثير من الاتفاقيات الدولية الأخرى، كما أنه يمثل مستوى جديداً من التصعيد العنيف الذي تمارسه روسيا ضد أوكرانيا، لم نشهد مثله من قبل.
* وماذا عن التحركات الدولية التي تتخذها أوكرانيا للإفراج عن المحتجزين؟
- بدأنا في حشد الأصدقاء للرد على التصعيد الروسي، ودفع العالم لتطبيق القانون الدولي على موسكو، خاصة أن عدداً من الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة، وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي، وأستراليا، طبقت بالفعل عقوبات على موسكو بعد احتلالها شبه جزيرة القرم، ولا بد أن يتم الرد على العدوان الأخير بزيادة العقوبات.
وأعلن الرئيس الأوكراني بعد اجتماع مجلس "الأمن والدفاع القومي" فرض الأحكام العُرفية على 10 مناطق بالبلاد، وصوت البرلمان بالموافقة على القرار، استعداداً للدفاع الحاسم عن أراضينا إذ ما شنت روسيا أي هجوم بري، وأكد الرئيس الأوكراني أن الأحكام لن تحد من حقوق وحريات المواطنين، كما أنها لا تعني إعلان الحرب فقط، هي في إطار الاستعدادات لأي تحرُّك روسي بري ضدنا، ونحن لدينا معلومات كاملة حول التهديدات الروسية المحتملة، وإمكانية شن روسيا هجمات واسعة النطاق ضدنا، كما أن الأحكام العرفية رسالة واضحة لأصدقاء أوكرانيا المجاورين، بأننا نعيش مرحلة خاصة مع روسيا.
وتؤمن القيادة السياسية، ممثلة في الرئيس ووزير الخارجية، بأهمية السعي لحل الأزمة دبلوماسياً، ودفع دول العالم للضغط على موسكو للالتزام بالقانون الدولي.
- وهل تُعوِّل أوكرانيا كثيراً على مجلس الأمن في ظل وجود "فيتو" روسي؟
- مجلس الأمن له تأثير، لكن الفيتو الروسي يقلل منه، والأهم أن نخلق موقفاً موحداً لأغلبية دول العالم، التي ترغب في تطبيق واحترام القوانين الدولية، وأعتقد أن العدوان الروسي علينا في 2014 أثّر سلباً على علاقتها مع أوروبا، التي فرضت عقوبات على موسكو وشركاتها وتعاملها مع العالم الخارجي، وبالتالي فالتصعيد الأخير يدمر علاقات الصداقة التي تربط روسيا بالعالم الغربي.
* يتوقع البعض أن تطلب أوكرانيا دعماً عسكرياً من الدول الصديقة، فما ردك؟
- بالطبع، ونحن بالفعل نحصل على هذا الدعم، وتحديداً من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فمن دونه من الصعب أن تدافع أوكرانيا عن أراضيها ضد روسيا، التي تعد من أقوى دول العالم عسكرياً، والحد من توسعات الجيش الروسي داخل أرضنا، كان بمساعدة الأصدقاء.
الشعب الأوكراني اختار نهجاً سياسياً بعينه، ويسير حالياً في اتجاه الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وحلف "الناتو"، والبرلمان الأوكراني يتجه لتغيير بعض مواد لنتأهل لعضوية المنظمات الدولية.
والآن نطالب باستعادة سفننا المحتجزة، وتحرير المعتقلين فوراً، ونسعى في تحقيق ذلك بالحلول الدبلوماسية، ومساعدة الأصدقاء ليس من الغرب فقط، لكن من دول الشرق الأوسط، وأفريقيا وآسيا، ونناشد الدول الأعضاء في منظمات دولية سواء الأمم المتحدة أو المنظمات الأخرى، أن تؤيد وتدعم الموقف الأوكراني، خاصة أننا نسعى لتطوير وتعزيز التعاون التجاري والثقافي بين أوكرانيا والدول الصديقة، لأن ذلك يقوى وضعنا الداخلي.
* ما أبرز المجالات التي تتعاون فيها مصر وأوكرانيا خلال السنوات الأخيرة؟
- وصل عدد الاتفاقات الثنائية بين القاهرة وكييف إلى 30 اتفاقاً حتى الآن، وفي نوفمبر الماضي زار وفد مصري، برئاسة وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر، العاصمة الأوكرانية للمشاركة في القمة الاقتصادية المشتركة، وتم التوقيع على بروتوكولَين مهمين، وهما بروتوكول التعاون بين ميناء أوديسا، الذي يعد الميناء الأوكراني الأكبر، وميناءي الإسكندرية ودمياط، وهذا يسهل نقل البضائع بين البلدين في أسرع وقت ممكن، والتبادل التجاري بين البلدين يقدَّر بـ2 مليار دولار في السنة، إذ نعتبر أن مصر هي الشريك الأهم ليس فقط في الشرق الأوسط فقط، بل في أفريقيا كلها، وقد أنشأ البرلمان المصري مجموعة صداقة مصرية-أوكرانية، برئاسة النائب أحمد السجيني، وهناك إمكانية لترتيب زيارات للنواب المصريين إلى كييف قريباً.
وفي مجال السياحة، تؤكد المؤشرات الأخيرة أن السياح الأوكرانيين يحتلون المرتبة الثانية، في قائمة السياح الأكثر زيارة لمصر، وخلال الثمانية أشهر الأولى من 2018، وصل عدد السائحين الأوكرانيين إلى 730 ألفاً، ومتوقع أن يصل العدد مع نهاية العام إلى مليون سائح.
* كيف تقاوم أوكرانيا العزلة الاقتصادية والجغرافية التى فرضتها عليها روسيا؟
- منذ عام 2014 تغيرت الأوضاع كثيراً داخل أوكرانيا، حيث انقطعت الرحلات الجوية مع روسيا، وانخفضت العلاقات التجارية، وكييف كانت تعتمد على الغاز الروسي فقط، لكنها الآن تعتمد على إنتاجها ودول أوروبية أخرى.
كما توقف التبادل السياحي، ولجأت أوكرانيا إلى إقامة علاقات اقتصادية جديدة مع دول أوروبا، خاصة في المجالات الزراعية، والصناعية التي هي قوية لدينا، وبالتالي بدأنا ننتجه إلى عقد اتفاقات سوق حرة مع الاتحاد الأوروبي، وكندا، ونستهدف تركيا قريباً، وتحقق أوكرانيا نتائج ناجحة جداً في تعزيز وتطوير علاقاتها مع شركائها في الدول الأوروبية والأفريقية والآسيوية، وأود أن يستمر ويزداد هذا التطوير في العلاقات الثنائية مع مصر، وهي أهم شركائنا في أفريقيا.