وصفوها بـ«ذهب العالم».. مسئولون دوليون: أفريقيا ستعيد تجربة «النمور الآسيوية»
إيفان سوركوش وستيفان روماتيه
«كنز العالم» و«الذهب المقبل» و«القاطرة التنموية الجديدة».. مسميات أطلقها المجتمع العالمى حول قارة أفريقيا ومستقبلها الاقتصادى خلال الفترة المقبلة، حيث أكدوا أن هذه القارة مؤهلة بشكل كبير لظهور «نمور جدد» على غرار تجربة «النمور الآسيوية» التى كان أبطالها دول جنوب شرق آسيا الذين تمكنوا من تحقيق قفزات اقتصادية سريعة فى أوقات قياسية.
وذكرت التقارير العالمية الثروات الكبيرة التى تتناولها القارة، من بينها ثروات تعدينية ضخمة، قوة بشرية هائلة، سوق استهلاكية متسعة، زيادة شبابية ملحوظة، حيث تعتبر أفريقيا ثانى أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وبلغ عدد سكانها 1٫216 مليار نسمة وتمثل 16٫36% من إجمالى سكان العالم، وتحتل موقعاً متميزاً على خريطة العالم من حيث حركة التجارة والسياحة.
وشهدت الكثير من الدول الأفريقية تنفيذ جهود تنموية ملحوظة على مدار الفترة الماضية، فوفقاً لتقرير صادر عن جامعة هارفارد الأمريكية فإن هناك 5 من أصل الاقتصاديات العشرة الأسرع نمواً فى العالم من قارة أفريقياً، وتحتل مصر المركز الثالث عالمياً وجاءت بعد أوغندا التى احتلت المركز الثانى، فيما جاءت تنزانيا فى المركز الرابع، ومالى بالمركز التاسع، وكينيا بالمركز العاشر.
سفير فرنسا: مصر بوابة العالم لـ«أفريقيا».. و«التعليم» و«تمكين المرأة» أبرز الملفات المطلوب دعمها فى القارة
فيما توقع البنك الدولى أن يتقدم التوسع الاقتصادى فى دول غرب أفريقيا من بينها (بنين، بوركينا فاسو، كوت ديفوار، غينيا بيساو، مالى، النيجر، السنغال، توجو) بوتيرة قوية على خلفية الاستثمارات العامة الضخمة فى هذه الدول، ومن بين بلدان مجموعة شرق أفريقيا من المرجح أن تظل إثيوبيا أسرع الاقتصادات نمواً، مدعومة بالاستمرار فى الاستثمار فى البنية التحتية، ومن المتوقع أن ينتعش النمو فى كينيا مع تراجع التضخم.
وأكد جيم كيم، رئيس مجموعة البنك الدولى، فى تصريحات سابقة، أن البنك سيستثمر نحو 45 مليار دولار فى أفريقيا خلال الـ3 سنوات المقبلة، من أجل تحقيق تطوير كبير فى التعليم والخدمات الصحية والزراعة ومناخ الأعمال والبنية الأساسية، وذلك لإيمانه التام بأن أفريقيا ذهب العالم المقبل.
ممثل الـ«جايكا»: 30 مليار دولار تمويلات يابانية جديدة لمشروعات فى القارة.. ومصر على رأس الدول المستفيدة
فيما أوضح صندوق النقد الدولى، فى دراسته الصادرة عن أفريقيا فى أغسطس الماضى، أن القارة أصبحت أكثر ترابطاً مما قبل وذلك بفضل ارتفاع التجارة البينية، حيث إن العلاقات الاقتصادية القوية بين الدول ساهمت فى مشاركة نجاحات الدول الأفريقية، حيث تحفز الاقتصادات الكبيرة المزدهرة من استفادة الدول المجاورة لهم عبر تصدير المزيد من السلع.
ووفقاً لتقارير اقتصادية دولية وأفريقية، فقد تضاعفت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القارة السمراء بنحو خمس مرات مقارنة بعام 2000، حيث أوضحت دراسة مشتركة بين منظمة التجارة والتعاون الاقتصادى الدولى، والبنك الأفريقى للتنمية، أنه منذ 10 سنوات أخذت الاستثمارات الأجنبية فى أفريقيا حصة متزايدة من حجم التدفقات العالمية، وانتقلت قيمتها الإجمالية من 33 مليار دولار عام 2002، إلى 180 مليار دولار بنهاية 2017.
من جانبه، قال السفير ستيفان روماتيه، سفير فرنسا لدى القاهرة، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إن أفريقيا تتمتع بموقع متميز وتمتلك ممرات ملاحية تُجنى لها الكثير من الأرباح والعوائد الاقتصادية، بالإضافة إلى أن أفريقيا تعد سوقاً كبيرة وجاذبة للمصدرين الدوليين من مختلف السلع والخدمات، فى ظل رغبة الكثير من دول العالم فى دخول أسواق جديدة. وأضاف أن مصر ستكون بوابة الدخول إلى القارة السمراء، مشيداً بأداء الاقتصاد المصرى، وهو ما ظهر فى ارتفاع معدلات النمو، وكذلك فقد أصبحت بيئة الاستثمار أكثر جذباً للمستثمرين، كما أن مصر تتمتع بقدرات بشرية هائلة مدربة يمكن للشركات والمستثمرين الاستفادة منها.
سفير الاتحاد الأوروبى: «التعاون مع مصر وأفريقيا» قرار استراتيجى.. والمنتدى سيعزز فرص نمو اقتصاديات القارة
وأكد حضوره مؤتمر أفريقيا ٢٠١٨ لما سيحققه من حلقات نقاشية على مستوى القارة وسيكون حلقة تواصل بين دول العالم والقارة لمعرفة الفُرص الاستثمارية المتاحة وسبل الاستفادة منها.
وذكر أن انخفاض مستوى التعليم فى بعض البلدان الأفريقية يعد التحدى الأكبر فى السنوات المقبلة، لأن التعليم نواة المستقبل وكل ما يتم تعليمه للنشء الصغير الآن سيتم حصاده فى المستقبل، بالإضافة إلى ضعف الطاقة الاستيعابية فى سوق العمل لكثير من الخريجين، مشيراً إلى أن دخول المزيد من الاستثمارات الأجنبية سيستقطب الكثير من العمالة ويُحد من معدلات البطالة.
فى سياق متصل، قال السفير إيفان سوركوش، سفير الاتحاد الأوروبى لدى القاهرة، فى تصريحات خاصة، إن انعقاد مؤتمر أفريقيا ٢٠١٨ لعامه الثالث سيُسرع من وتيرة النمو الاقتصادى للقارة السمراء، مؤكداً على حضوره المؤتمر لأهميته فى التواصل مع كافة الدول الأفريقية من مختلف القطاعات.
وأوضح أن التحدى الأكبر الذى تعانى منه الكثير من الدول الأفريقية هو عدم دعم المرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، خاصة فى الدول الصغيرة، التى تعانى من انخفاض فى مستويات التعليم، وذلك بخلاف دول أخرى عملت فى السنوات الأخيرة على دعم المرأة ومشاركتها فى سوق العمل مثل مصر التى مكنت كثيراً من السيدات من الدخول فى الحقل السياسى والوزارات ومشاركتها الفعالة فى مجلس النواب والمجالس الاستشارية، مشيراً إلى أن تعليم الفتيات الصغيرات وتوعيتهن شرط أساسى لتحقيق تنمية أفريقية مستدامة.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبى يرعى المبادرة المصرية لمواجهة العنف ضد المرأة، وملتزم بضمان السلامة البدنية والنفسية للمرأة من خلال تعزيز حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، وتمكين المرأة، ومشاركتها فى الحياة العامة من خلال دعم عدد من المشروعات حتى عام 2030، ويتجاوز الدعم الذى يقدمه الاتحاد الأوروبى نحو 20 مليون يورو لدعم مشروعات المرأة.
وذكر أن الاتحاد يرى فى التعاون مع مصر وأفريقيا قراراً استراتيجياً، باعتبارها من دول الجوار، مشيراً إلى أنه متفائل للغاية لوجود أدوات فعالة لزيادة حجم التجارة والاستثمار.
من جانبه، قال يوشيفومى أومورا، الممثل الرئيسى لمكتب هيئة التعاون الدولى اليابانية (جايكا) فى مصر، إن الاقتصاد الأفريقى حافظ على معدل نمو مرتفع منذ العقد الأول من القرن الحالى، وسعت اليابان منذ فترة طويلة إلى ضخ المزيد من الأموال من أجل تسريع تنمية القارة الأفريقية، من خلال قبول 12632 متدرباً أفريقياً فى اليابان، وإرسال 2172 خبيراً، و1863 لجنة دراسة، و436 متطوعاً يابانياً، وبلغ التعاون التقنى بين «جايكا» والقارة الأفريقية نحو 50.8 مليار ين يابانى فى مختلف المجالات، كما دعمت قطاعات النقل والطاقة الكهربائية والغاز بقيمة 204.9 مليار ين يابانى، مضيفاً أن «جايكا» قدمت منحاً تصل إلى نحو 40.3 مليار ين يابانى لدعم قطاعات التخطيط والإدارة والأشغال العامة.
وأوضح أن أفريقيا تواجه تحديات جديدة من ضمنها انخفاض أسعار السلع العالمية، وتفشى مرض الإيبولا، والتطرف، مشيراً إلى أن «جايكا» ستعمل على تنمية الموارد البشرية لـ10 ملايين شخص أفريقى، كما سيتم توجيه تمويل بقيمة 30 مليار دولار للاستثمارات العامة والخاصة فى تطوير البنية التحتية فى أفريقيا، وبناء أنظمة صحية متطورة، ووضع أسس السلام والاستقرار. وأضاف أنه على أفريقيا العمل على تعزيز التحول الاقتصادى الهيكلى من خلال تطوير الموارد البشرية، وتمويل القطاع الخاص، ودعم رواد الأعمال وخلق فرص عمل، بالإضافة إلى تشجيع الزراعة الموجهة للسوق الأفريقية، وتحقيق التكامل الاقتصادى الإقليمى من خلال تطوير الممرات والطرق، ودعم التنمية الحضرية وتنمية الطاقة.
وأشار «أومورا» إلى انعقاد مؤتمر TICAD 7 فى طوكيو فى عام 2019 الذى سيجمع كل الحكومات والهيئات المهتمة بالاستثمار فى أفريقيا، مضيفاً أن «جايكا» تتعاون مع 26 دولة أفريقية، من ضمنها مصر وكينيا وغانا وأوغندا، فى عدة قطاعات رئيسية هى النقل، والطاقة الكهربائية، والغاز، والتعدين والتصنيع، وغيرها من القطاعات.