«التمييز VS أحلام التنمية».. هل تنجح المرأة الأفريقية فى فرض قواعد جديدة على سوق العمل؟!
سيدات أعمال أفارقة
«لا يمكن لاقتصاد أن ينمو ويحقق كامل إمكانياته إذا لم تشارك النساء والرجال فيه مشاركة كاملة، ومع ذلك فأكثر من نصف نساء العالم ما زلن محرومات من العمل فى وظائف معينة بسبب نوعهن الاجتماعى».. هذه الكلمات لـ«كريستالينا جورجيفا»، المدير الإدارى العام للبنك الدولى، فى بيان صحفى لتقرير «المرأة.. أنشطة الأعمال والقانون 2018» الصادر عن مجموعة البنك الدولى فى مارس الماضى.
وبرغم الصعوبات العديدة التى تواجه نساء أفريقيا، والتى تتحدث عنها الإحصاءات والدراسات المُعَدة من المؤسسات الدولية التى ترصد الممارسات العنيفة ضد المرأة، ومعاناتها من الجهل والأمية، فإن التقرير السابق أفاد بأن هناك أربعة اقتصادات أفريقية من خمسة نفَّذت أكثر الإصلاحات على مستوى العالم فى العامين الماضيين، وهى جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وتنزانيا وزامبيا معاً وتم بها 13 إصلاحاً من أجل تمكين المرأة.
آمال سعد الدين: المرأة الأفريقية ستقود القارة فى المستقبل.. وتمتلك إمكانيات لا حدود لها
والدليل على تحسن أوضاع المرأة الأفريقية، خاصة خلال الأعوام الأخيرة، أنها أصبحت تتولى مناصب مهمة، بدءاً برئاسة البلاد فى إثيوبيا التى تولتها «سهلورق زودى» وتعيين «ميازا أشينافى» كرئيسة للمحكمة العليا، فى نوفمبر من العام الحالى، مروراً بتولى «إبيكون أوسيكى» رئاسة بنك نيجيريا، حيث تبرهن تلك الإجراءات على عزم القادة الأفارقة لتمكين المرأة.
وأكدت تقارير دولية أن هناك أكثر من 44% من المناصب القيادية فى أفريقيا تتقلدها النساء، وأصبحت القارة تحتضن أعلى معدل من ريادة الأعمال النسائية فى العالم، حيث شاركت 26% من سكانها الإناث فى نشاط ريادة الأعمال فى المراحل المبكرة، وأصبحن يمثلن أكثر من 25% من مقاعد البرلمان فى أفريقيا، وأيضاً تمثل نحو نصف القوى العاملة الزراعية فى القارة.
وفى مصر حققت المرأة مكاسب وانتصارات عديدة وغير مسبوقة خلال الفترة الحالية، من أهمها تعيين أول مستشارة للأمن القومى فايزة أبوالنجا، وتعيين أول سيدة فى تاريخ مصر تتولى منصب محافظ نادية حافظ، محافظ دمياط، وأيضاً أول نائبة لمحافظ البنك المركزى لبنى هلال، وأصبح هناك 6 سيدات كنائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة لأول مرة، وباتت المرأة تمثل 25% من التشكيل الوزارى، وتشغل 15% من مقاعد البرلمان المصرى.
منى القللى: التمييز بين الرجل والمرأة يؤثر سلباً على جهود التنمية.. وهناك دول أفريقية تمكنت من تحقيق نقلة فى هذا الملف
وفى هذا الصدد قالت آمال سعد الدين، العضو المنتدب لشركة ريفا فارما، إن المرأة الأفريقية أصبحت تمتلك وضعاً أفضل فى الوقت الحالى، والمجتمع أصبح الآن يتقبل فكرة عمل المرأة، مضيفة أن مصر قامت باتخاذ بعض الإجراءات التى تخدم المرأة بشكل كبير من خلال البدء فى وضعها على مناصب مهمة، وتمثيلها بنسبة أكبر فى مقاعد البرلمان.
وأوضحت أن المرأة فى أفريقيا أثبتت نجاحها بشكل كبير، خاصة فى إثيوبيا التى أصبحت تمتلك فيها المرأة مناصب قيادية مهمة واستطاعت تحقيق طفرات فى مجالات مختلفة بشكل كبير مثلها مثل الرجل، مشيرة إلى أن المرأة هى التى ستقود القارة فى المستقبل وبإمكانها تحقيق التنمية لها خلال الفترة المقبلة لأنها أصبحت نصف المجتمع، وتمكينها يعمل على إخراج كوادر من الأجيال الجيدة بشكل كبير.
ونوهت «سعد الدين» بأن هناك بعض العقبات التى تعيق المرأة فى المجتمع من بينها عدم امتلاكها كل الحوافز التى يمتلكها الرجل، مؤكدة على ضرورة قيام المرأة بتحسين كفاءتها بشكل مستمر لتزيل جميع العقبات التى تواجهها.
فى السياق ذاته اعتمد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقى فى يناير 2015 فى إثيوبيا، أجندة 2063، التى تعمل بمثابة ركائز فى مستقبل القارة المنظور، التى سيتم ترجمتها إلى أهداف وإجراءات وتدابير ملموسة، وتستهدف الأجندة فى أحد بنودها المساواة الكاملة بين الجنسين فى جميع مجالات الحياة، من خلال برامج دعم لريادة أعمال المرأة.
وتحتل النساء نحو ثلث المقاعد فى البرلمانات فى 11 بلداً أفريقياً، ومن المتوقع وفقاً لرؤية 2063 أن تتساوى مقاعد المرأة فى البرلمان بدول القارة.
من جانبها، قالت منى القللى، نائب رئيس شركة القللى للتكنولوجيا، إن دول قارة أفريقيا أصبحت منفتحة أكثر ولديها سبل تعاون أكبر، مما عزز من فرص المرأة الأفريقية فى التعليم وترقى أعلى الوظائف، وتجلى ذلك فى تمثيل المرأة حالياً مناصب تنفيذية ومقاعد برلمانية وصولاً إلى تولى المرأة عدداً من رئاسة الدول الأفريقية.
سماح المرسى: نطالب بسن قوانين جديدة تُلزم القطاع الخاص بوضع حد أدنى لتشغيل العمالة النسائية
ونوهت «القللى» بدور الدولة فى نشر الوعى بأهمية مشاركة المرأة فى سوق العمل وتمكينها اقتصادياً من أجل القضاء على الفقر وتحديد النسل، وتوفير فرص عمل لها متساوية مع الرجل فى كل من القطاع الحكومى والخاص، متابعة: إنه للأسف وبكل تأكيد يوجد بعض الأماكن التى تميز الرجل عن المرأة فى مكان العمل.
وأكدت الدكتورة سماح المرسى، أستاذ الاقتصاد المساعد بمعهد الدراسات والبحوث الأفريقية، أن تاريخ المرأة الأفريقية يشهد لها بمشاركتها القوية فى القطاع الزراعى، الذى يعد من أكثر القطاعات التى أدت إلى زيادة الناتج القومى لأفريقيا، مضيفة أن دورها لم يقف عند ذلك القطاع بل أصبحت تتقلد مناصب قيادية مهمة خاصة فى أفريقيا جنوب الصحراء.
وأشارت إلى أن دول أفريقيا خطت بثبات نحو الأهداف الإنمائية للألفية التى حددتها الأمم المتحدة والتى يتعلق هدفها الثالث بتمكين المرأة الأفريقية، وأن تصبح 30% من المقاعد البرلمانية للنساء، وهو ما تجاوزته دول مثل رواندا التى أصبحت نسبة المرأة بمقاعد البرلمان نحو 64%.
وأضافت «المرسى» أن التحديات التى تواجه النساء فى مصر اجتماعية أكثر منها اقتصادية، متمثلة فى ثقافة المجتمع فى تشجيع الفتيات على التعليم، والتحيز بعد التخرج للرجل فى العمل، نظراً للظروف الاجتماعية التى تمر بها المرأة من حمل والتى تجعلها تحصل على إجازات كالوضع ورعاية الطفل، مطالبة المرأة ببذل مجهود أكبر والعمل بكفاءة فى نفس الوظائف التى يعمل بها الرجل، ومن ناحية أخرى تغيير بعض قوانين العمل بالقطاع الخاص بحيث تلزم الشركات بوضع حد أدنى للعاملين من النساء داخل كل مؤسسة.