■ «لكى يعيش الحرير لا بد أن تموت دودة القز».
لكى يقترب «الرومى» من الله أقنعه «التبريزى» بأنه لا بد أن يخلع عباءة المعجبين والشهرة والسمعة ويتألم مع البشر العاديين، يذهب إلى السكير فى الحانة والغانية فى بيت البغاء والمتسول فى الشارع، لا بد أن يخلع عباءة الفقيه ويرتدى خرقة الصوفى ليصل إلى مرتبة النفس النقية، علمه الشعر والرقص، علمه إلا يسير مع التيار بل أن يكون هو التيار.
■ «لكى تولد نفس جديدة يجب أن يكون ألم، وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتد، فالحب لا يكتمل إلا بالألم».
قال له «التبريزى»: «الشريعة كالشمعة توفر لنا نوراً لا يُقدّر بثمن، لكن يجب ألا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الانتقال من مكان إلى آخر فى الظلام، وإذا نسينا إلى أين ذاهبون وركزنا على الشمعة، فما النفع فى ذلك.. لا تحكم على الطريقة التى يتواصل بها الناس مع الله، فلكل امرئ صلاته الخاصة، إن الله لا يأخذنا بكلمتنا بل ينظر فى أعماق قلوبنا وليست المناسك أو الطقوس هى التى تجعلنا مؤمنين».
الصوفى يغمض عينيه وينظر بالعين الثالثة، ينظر إلى الداخل حيث الحقيقة والصدق، حيث مرآة النفس لا مرآة الآخرين.
■ «لو أراد الله أن نكون متشابهين لخلقنا متشابهين، لذلك فإن عدم احترام الاختلافات وفرض أفكارك على الآخرين يعنى عدم احترام النظام المقدس الذى أرساه الله».
قُتل «التبريزى» لأنه كان مختلفاً، لأنه خرج على ناموس التصنيف والتبويب والطرق المعبّدة والأفكار سابقة التجهيز والقناعات المطبوخة المهضومة المحفوظة، قتله المتعصب «بيبرس» الذى يظن أنه يحتكر الله ويمتلك الدين ويختص بأسرار الإيمان ويثق فى أنه الوحيد هو وجماعته الذين يمتلكون شفرة الإسلام، قتله رغم أن «التبريزى» كان يعرف جيداً أنه مساق إلى حتفه المحتوم، فبعد أن فارق «الرومى» عاد إليه بعد أن أحس «الرومى» أن حبله السرى قد بتر، عاد رغم نميمة آكلى لحوم البشر عن علاقتهما واتهاماتهم لهما بالإثم والفحش، عاد ليموت كجسد ويحيا كفكرة.
رواية «قواعد العشق الأربعون» جديرة بالقراءة والتمعن، بعد أن تتعطر بلغتها المحلقة ومعانيها المتألقة وأفكارها البكر حتماً ستكون مختلفاً.