«سياحة المؤتمرات».. هل تستثمر مصر تألقها على خريطة المعارض الدولية وتكرر تجربة دبى؟
مصر تشهد طفرة كبيرة فى انعقاد المؤتمرات والمعارض الدولية
كانت مصر على موعد مع استضافة الكثير من الفعاليات ذات الصدى الدولى خلال الفترة الماضية، ففى الأسبوع الماضى بمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية «المنارة»، استقبلت القاهرة المعرض الدولى الأول للصناعات الدفاعية والعسكرية «EDEX- 2018»، الذى ضم أكثر من 316 شركة عارضة من 41 دولة، كما استضافت مدينة شرم الشيخ حدثين كبيرين، فى الشهر الماضى، الأول هو منتدى شباب العالم، الذى شارك فيه ما يزيد على ٥ آلاف شخص من 160 دولة، والثانى مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، الذى شارك فيه ما يزيد على ٩ آلاف شخص، من ١٩٦ دولة.
وذلك بالإضافة إلى منتدى أفريقيا 2018 الذى تستقبله مدينة شرم الشيخ حالياً، ويشارك فيه عدد كبير من ممثلى الدول الأفريقية والمؤسسات الإقليمية والدولية.
وباتت سياحة الأعمال أو سياحة المعارض والمؤتمرات صناعة تتنافس عليها المقاصد السياحية الدولية والإقليمية، ويبلغ حجم صناعة المعارض عالمياً ما يقرب من تريليونى دولار موزعة على 9 آلاف معرض بين معارض كبيرة عالمية ومتوسطة وأخرى صغيرة.
«اتحاد الغرف»: إنشاء مدينة للمعارض بالعاصمة الإدارية دليل على تشجيع الدولة لسياحة المؤتمرات.. والقطاع الخاص مطالب بدور
يدل حجم سياحة المؤتمرات إقليمياً ودولياً على قوة المنافسة فى هذا المجال، فسياحة المؤتمرات تشكل أكثر من ١٥٪ من السياحة الوافدة إلى إسبانيا التى يتخطى عددها الأربعين مليون سائح سنوياً.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أصبحت دولة الإمارات صاحبة المرتبة الأولى فى تنظيم واستضافة المعارض، متقدمة على جنوب أفريقيا وتركيا، وفقاً لتقارير منظمة الأيكا، حيث نجحت الإمارات عن جدارة فى استضافة وتنظيم 256 معرضاً فى عام 2016، تلتها جمهورية جنوب أفريقيا بنحو 209 معارض، ثم تركيا بنحو 197 معرضاً.
وتسهم إيرادات قطاع سياحة المؤتمرات والمعارض فى الإمارات بأكثر من 2.39 مليار درهم سنوياً فى الاقتصاد الوطنى، ومن المتوقع أن تنمو إلى 5.1 مليار درهم بحلول 2020، وأظهرت بيانات منظمة السياحة العالمية أن إجمالى عدد السائحين الدوليين فى إمارة دبى وحدها بلغ نحو 15.8 مليون سائح خلال عام 2017، ويمثل المشاركون فى المعارض والمؤتمرات نسبة كبيرة منهم.
وبالنسبة لفرص مصر من سياحة الأعمال، فهذا النوع من السياحة يمكن الاعتماد عليه لأكثر من سبب، الأول أنه لا يحتاج إلى تكلفة عالية، فغالباً ما تحظى الفعاليات الكبرى برعاية الشركات والمؤسسات العالمية، ما يوفر تكاليف استضافتها، والمشاركون فى تلك الفعاليات أغلبهم من الشباب ورجال الأعمال، وهؤلاء من بين فئات السائحين الأكثر إنفاقاً، وغالباً لا تقتصر إقامتهم على حضور المؤتمر فقط، بل يكون لديهم اهتمامات بالحصول على خدمات سياحية إضافية.
إلهامى الزيات: إنشاء موقع إلكترونى لنشر أجندة موحدة للمعارض «ضرورة».. والإنفاق اليومى لسائح المؤتمرات يصل إلى 5 آلاف دولار.. و«شيحة»: القاهرة وشرم الشيخ والغردقة الأكثر تأهلاً لاستقبال الفعاليات الدولية.. و«نصار»: وزارة السياحة مطالبة بوضع خطة ترويج محكمة
والثانى: أن هؤلاء المشاركين فى تلك المؤتمرات فى حالة إذا ما مروا بتجربة ضيافة إيجابية ومميزة من الممكن عودتهم لتجربة سياحية بعد ذلك أكثر من مرة، الأمر الذى يمثل دخلاً جديداً لفنادق الإقامة، ولمختلف مقدمى الخدمات فى المقاصد السياحية.
وفى هذا الصدد، أكد إلهامى الزيات، رئيس مجلس إدارة شركة إمكو ترافل للسياحة، أهمية المؤتمرات والمعارض التى تنظمها الحكومة كأداة تسويقية مهمة تستخدمها الدولة مؤخراً، حيث إنه جرى العرف أن الدولة تستضيف عدداً قليلاً من الوفد الذى يلحق بهم آخرون للمشاركة معهم قد تتحمل بعض المؤسسات تمويلهم أو يتحملون نفقاتهم. وأوضح أن الاستفادة القصوى من هذه الفعاليات تكون من خلال المرافقين للوفود المقبلة الذين يتحملون نفقة أنفسهم، مشيراً إلى أن 80% من المؤتمرات يصحبها معارض متخصصة لمنتجات نفس المؤتمر مما يزيد من فرص الشراء والبيع أثناء الحدث، متابعاً أن هذه الفعاليات يمكن الاستفادة منها أيضاً من خلال المؤسسات المشاركة، التى تتنافس فى تقديم عروض ترويجية لها كتقديم الوجبات أو الهدايا مما يعود بالمنفعة على حركة البيع والشراء.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط نفقة سائح المؤتمرات من الدول الفقيرة نحو 400 إلى 500 دولار يومياً، ونفقة سائحى الدول الغنية نحو 4 إلى 5 آلاف دولار يومياً.
ويطالب «الزيات» وزارة السياحة المصرية بالتنسيق مع جميع المؤسسات والجمعيات المسئولة عن هذه الأحداث الخاصة منها والحكومية وحصرها، ومن ثم وضع أجندة موحدة لكل المؤتمرات والمعارض والمنتديات الدولية ونشرها على موقع إلكترونى على سبيل المثال، أو اللجوء إلى فتح مكاتب تقوم بتنظيم المؤتمرات تعمل على تسويق سياحة الأعمال المتخصصة.
2 تريليون دولار حجم سياحة المؤتمرات عالمياً موزعة على 9 آلاف معرض دولى.. والإمارات وتركيا وجنوب أفريقيا تتصدر دول الشرق الأوسط
وعلى الرغم من كل تلك المحفزات، فإن سياحة المؤتمرات لم تحصل على الاهتمام الكافى فى مصر من حيث الترويج لها بشكل محترف كما يحدث فى جميع دول العالم، حيث توجد أجندة ثابتة للمعارض والمؤتمرات الدولية الكبرى التى تحدث فى ألمانيا والصين ودبى، وأيضاً جانب التنسيق فيما بين الشركات السياحية والقطاعات المسئولة عن المعارض حتى تتحقق أكبر فائدة ممكنة على الاقتصاد الوطنى.
وفى هذا السياق، قالت نورا على، رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية، إن سياحة الاجتماعات نمط ليس بجديد على مصر، ولكن فى الفترة الأخيرة شهد رواجاً كبيراً لما تشهده البلد من اهتمام بتسويق صورة جديدة لمصر عالمياً، وأن التوجه نحو هذه الصناعة بات واضحاً من قبل الدولة من خلال إنشاء مركز مصر للمعارض ومدينة للمعارض بالعاصمة الإدارية، مؤكدة أن هذا النوع من السياحة مربح جداً مقارنة بالأنواع الأخرى كالسياحة الترفيهية أو الشاطئية، نظراً لأن الجمهور المشارك المستهدف من الشباب وأصحاب الأعمال.
ونبهت إلى أن هذا النوع من السياحة يتطلب التسويق له على المدى الطويل، ونحن يتوفر لنا العنصر الأهم لقطاع السياحة بشكل عام وهو توافر الأمن والاستقرار، مطالبة القطاع الخاص، القادر على الابتكار، بالتكاتف مع وزارة السياحة لوضع أجندة موحدة للمؤتمرات خاصة التابعة للدولة لتعزيز طرق التسويق لها وزيادة حجم المشاركة بها.
وأضافت الدكتورة نهلة نصار، رئيس قسم الدراسات السياحية بجامعة حلوان، أن مصر أصبح لديها أكثر من مكان مؤهل لاستقبال مثل هذه الفعاليات، كمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية ومدينتى شرم الشيخ والغردقة، منوهة إلى أننا نحتاج زيادة عدد هذه الأماكن حتى نستطيع أن ننمى هذه السياحة.
وطالبت «نصار»، وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، بتقديم تسهيلات للشركات المنظمة للمؤتمرات والمعارض دولياً من خلال التخفيضات، وأيضاً وضع برامج سياحية للمشاركين للتعرف على الأماكن السياحة والترويج لها واجتذابهم بعد ذلك فى السياحة الترفيهية.
ومن جانبه قال أشرف شيحة، عضو غرفة شركات السياحة، إن مصر لديها العديد من مقومات النجاح التى تجعلها تخطو بثبات فى هذا المجال منها تنوع الاستثمارات التى قد تقوم عليها صناعة المؤتمرات، مضيفاً أن شرم الشيخ أصبحت خير دليل لما استضافته مؤخراً من مؤتمرات ومعارض دولية، حيث تمتلك كل مقومات النجاح من بنية تحتية وإمكانات تكنولوجية وفنادق ومساحات تناسب كل أنشطة المعارض المختلفة.
وأوضح «شيحة» أن القاهرة تعد المحافظة الأولى المؤهلة لاستقبال الفعاليات الخاصة بهذا النمط من السياحة نظراً لوجود خط طيران مباشر قد يشجع ويوفر الوقت لكبار الزوار، وتليها شرم الشيخ والغردقة والأقصر.