«شير بوك» فى الإسكندرية.. استعارة الكتب تبدأ من «القهوة»: «املا الاستمارة وخد اللى انت عايزه»
المشروع اعتمد على الاشتراكات والجهود الذاتية
انتاب بعض شباب الإسكندرية الشعور بالإحباط فى أعقاب ثورة يناير، وتمكنت منهم روح الفُرقة الحزبية، واختلطت عليهم الأمور ما بين الحقيقة والخداع، ليقرروا فى يوم ما أن المعرفة والثقافة هى الحل الأمثل نحو معرفة الحقيقة، فبدأ نشاط جديد قوامه 10 شباب جمعتهم قهوة فى منطقة أبوسليمان، وهى منطقة إسكندرانية بسيطة، وكان حلم كل منهم أن يبدأ رحلة القراءة فى 5 كتب متنوعة، ولما جاء غلاء الأسعار، وثَبَت إلى عقولهم فكرة أن يشترى كل منهم كتاباً، ثم يتبادلوها فيما بينهم، فيتمكن كل منهم من اكتساب متعة وخبرة 10 كتب بسعر كتاب واحد.
بدأت الفكرة على المقهى وتبادلوا الصور والمنشورات على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، حتى أبدى آخرون رغبتهم فى المشاركة، وتطورت الفكرة لتأخذ شكل صفحة على موقع «فيس بوك» فى نهاية عام 2014، يتم من خلالها نشر معلومات عن الكتب المتوافرة ليطلب أحد المتابعين استعارتها ويقوم أيمن منصف، مؤسس مبادرة «شير بوك share book»، بتوصيله بنفسه بعد أن يملأ المستلم استمارة ورقية فقط.
المشروع قدم 3000 كتاب.. والشباب ينجحون فى إنزاله من «الفضاء الافتراضى» إلى «الأرض»
تطورت «شير بوك» وازداد عدد المهتمين باستعارة الكتب والراغبين فى التطوع للعمل لتقديم خدمة ثقافية فى عاصمة مصر الثانية، بعد أن عانت من انخفاض الأنشطة الثقافية حتى وصلت إلى انعدامها فى وقت ما، فأغلقت بعض المكاتب العامة أبوابها وتراجع مشروع «القراءة للجميع» الذى تحكى عنه مروة أحمد، واحدة من المشرفين على «شير بوك»، وما له من دور مهم هو والمكتبة العامة المتنقلة فى طفولتها فى تشكيل وعيها وإمدادها بالكتب التى ما كانت لتصل إلى الإسكندرية بدونها فى ذلك الوقت.
ببعض الموارد المادية بالجهود الذاتية للقائمين على «شير بوك»، وبجمع اشتراكات سنوية تصل فى أقصى تقدير إلى 50 جنيهاً، بالإضافة إلى 5 جنيهات يدفعها المُستعير، تمكن المشروع من تقديم 3000 كتاب، يستطيع أى مشترك استعارة أكثر من كتاب فى كل مرة يزور فيها مقر المكتبة، الذى نجح القائمون عليها فى إيجاده وعقدوا الكثير من الخطط والتقييمات كى تستمر المكتبة بوجودها على أرض الواقع، بعد أن واجهتهم الكثير من المتاعب فى تدبير الإيجار فتغير المكان 3 مرات ولكن النشاط مستمر.
الاستمرارية أهم ما يمكن أن يواجه أى مشروع ثقافى خاص فى مصر، لذلك حتى تستمر خدمات الاستعارة مع ما يواجهها من كتب مفقودة لا يُعيدها مستعيروها، وفر «أيمن» و«مروة» إلى جانب الاستعارة خدمات بيع الكتب وورش بأسعار مخفضة لتعليم كتابة الروايات والقصص القصيرة على أيدى مؤلفين من الإسكندرية، كما قدموا ورش تعليم الجرافيك ونوادى لتحدث الإنجليزية والإسبانية وتعلُّم الكروشيه، ويوماً نوبياً للتوعية بالثقافة النوبية وآخر تركياً ومهرجان «زورونى كل سنة مرة» للتوعية بالقراءة فى الأماكن النائية، وغير ذلك من أنشطة أخرى هدفها الرقى بالتفكير وخدمة الشباب.
«مروة»: نحارب الإرهاب والجهل والمرض بالقراءة.. ولا نهدف إلى تحقيق أرباح
دخلت مروة أحمد، عن طريق أحد أصدقائها، عالم «شير بوك» كمدربة فى إحدى ورش تعليم الكروشيه المخفضة، ولم تستطع الخروج منه، فأصبح الوجود فى المكتبة شاغلها الأهم بجانب عملها الحر فى عمل تصميمات الجرافيك، لتعود مرة أخرى إلى ممارسة وإشباع هوايتها القديمة التى بدأتها بقراءة روايات ما وراء الطبيعة مقابل جنيه واحد فى كل مرة كانت تستعير رواية من محل صغير كان موجوداً بجوار منزلها منذ أكثر من 10 سنوات.
وتابعت «مروة» أن «شير بوك» أصبحت مشروع حياتها وحلمها، والذى لا تأمل منه تحقيق ربح مادى أكثر من رغبتها فى أن تستمر فى تقديم الخدمات الثقافية فهى ترى أن «القراءة بتحارب الجهل والمرض والتأخر الدراسى والإرهاب. القراءة هى أساس تغيير المجتمع وياريت فعلاً كل الناس تقرأ ودور النشر تسهل القراءة والمكتبات العامة ترجع تانى تشتغل بقوة لأن فيه كتب قيمة جداً».