هل تعوض فرنسا وألمانيا وبريطانيا الانسحاب الأمريكي من سوريا؟
دونالد ترامب
خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بقرار مفاجئ، معلنًا انسحاب قوات بلاده من سوريا، موضحًا أن بلاده هزمت "داعش" الإرهابي، السبب الوحيد في بقاء القوات الأمريكية هناك، خلال فترة رئاسته.
وقال البيت الأبيض، في بيان: "بدأنا سحب قواتنا من سوريا فيما ننتقل إلى المرحلة الثانية من حملة مكافحة الإرهاب التي يمثلها التحالف الدولي"، مضيفا أن الولايات المتحدة وحلفاءها مستعدون للتعاون على الأصعدة كافة لحماية مصالح الولايات أينما دعت الحاجة، وسنستمر في العمل معا لمنع سيطرة داعش الإرهابي على أي أراض جديدة، أو الحصول على دعم أو تمويل يسمح للتنظيم الإرهابي بعبور حدودنا.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية، بأن واشنطن تستعد لسحب قواتها من سوريا، في خطوة مفاجئة من شأنها طرح علامات استفهام حول دور الولايات المتحدة في المنطقة، حيث نقلت شبكة "CNN" عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله إن واشنطن تخطط لسحب "كامل وسريع" للقوات، فيما أعلنت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الانسحاب سيكون من شمال شرق سوريا.
ردود الفعل على القرار الأمريكي تعددت من جانب دول الاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت "ناتالي لوازو" وزيرة الشؤون الأوروبية في فرنسا، أن بلدها "سيبقي ملتزما عسكريا" في سوريا، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بسحب قواته منها.
فيما قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، اليوم الخميس، إن القتال ضد تنظيم "داعش" الإرهابي لم ينته بعد، مضيفةً في تغريدة لها على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، نقلتها قناة "يورونيوز" الأوروبية: "لم يتم محو داعش من الخريطة، من الضروري هزيمة هذه المنظمة الإرهابية عسكريًا بشكل نهائي".
واعتبرت وزارة الخارجية البريطانية، أن تنظيم "داعش" لم يُهزم بعد في سوريا، حيث قال ناطق باسم الخارجية البريطانية، في بيان، إن التحالف الدولي ضد داعش أحرز تقدما كبيرًا، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله، حتى بدون أرض، لا يزال داعش يشكل تهديدا.
كما اعتبرت برلين أن القرار الأمريكي بالانسحاب الأحادي الجانب من سوريا يمكن أن يضر بالمعركة ضد تنظيم "داعش"، وأن يهدد النجاح الذي سُجّل حتى الآن ضد التنظيم الجهادي.
وقال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس في بيان: "لقد تراجع تنظيم داعش لكن التهديد لم ينته بعد.. هناك خطر من أن قرار ترامب قد يضر بالقتال ضد التنظيم ويهدد ما تم تحقيقه حتى الان"، مضيفًا أن المعركة ضد المسلحين الإسلاميين ستتقرر على المدى الطويل عسكريا وبالطرق المدنية.
وأكد "ماس" ضرورة وجود عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة لإعادة الاستقرار الدائم إلى سوريا التي تمزقها الحرب، وتشارك ألمانيا في جهود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا.
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، قال إن الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي من سوريا، سيملأه بطبيعة الحال إما دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، أو روسيا وحلفائها.
وأضاف فهمي في حديثه لـ"الوطن" أن ملئ دول الاتحاد الأوروبي، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لفراغ الانسحاب الأمريكي، لا يعني بالضرورة إرسال قوات لهم على الأرض، خصوصًا أنها مغامرة غير مضمونة العواقب، ربما تعرض قواتهم للخطر، خاصةً أنها غير مدربة على مثل هذه العمليات.
وأردف أستاذ العلوم السياسية أن دول الاتحاد الأوروبي، ربما تستبدل الوجود النوعي بالقوات العسكرية على الأرض، باستخدام الطيران، وصناعة غطاء جوي، مردفًا أن ترامب بإعلانه الانسحاب يحاول إشراك دول الاتحاد الاوروبي في تحمل المسئولية، متبعًا نظريته الخاصة، والتي تقضي بأن على الآخرين أن يقوموا بما تقوم له أمريكا أو يدفعوا مقابل ذلك.
واستدرك فهمي أن الانسحاب الأمريكي ما زال في بدايته، حيث أعلن ترامب الانسحاب بشكل مفاجئ، دون ان يعلن خطته، حيث توجد خلاات بين الرئيس الأمريكي والكونجرس حول أولويات السياسة الامريكية، موضحًا أن الانسحب سيكون بعدة ضمانات.
أول تلك الضمانات وفقًا لأستاذ العلوم السياسية ألا تقرر روسيا مصير سوريا بعد الانسحاب، لأن هذا لن يرضي الأمريكان بأي شكل من الأشكال، مشيرًا إلى أن الضمانة الثانية والمهمة التي لن تنسحب أمريكا دون حدوثها، هو أمن إسرائيل جنوب سوريا، وألا تتركها أمريكا في مواجهات مباشرة مع حزب الله وإيران هناك، بالإضافة إلى ضمان مصالح أمريكا في المنطقة.