فلاحون: ارتفاع أسعار تقاوى البطاطس تضاعفت 3 مرات.. ولا تسألوا عن التعطيش
الفلاحون يستغيثون بـ«الزراعة» لتوفير «التقاوى» وضبط أسعارها
أعرب عدد من مزارعى البطاطس عن غضبهم من ارتفاع أسعار التقاوى هذا الموسم، موجهين الاتهام إلى تجار التقاوى الذين رفعوا السعر عليهم حتى تخطى حاجز الثلاثين ألف جنيه، وكشف آخرون عن احتكار ما يقرب من 40 تاجراً لها فى الأسواق المصرية، الأمر الذى جعلهم يتلاعبون فى أسعارها وسط غياب تام من الأجهزة الرقابية.
قال رضا الوصيف، مزارع بمحافظة الدقهلية، إنه اشترى تقاوى البطاطس هذا العام بسعر 37 ألف جنيه للطن بداية موسم الزراعة، وارتفع سعرها إلى 50 ألفاً فى الوقت الحالى، رغم أن سعرها المعروف لا يزيد على 17 ألفاً، لافتاً إلى أن التجار يخزنون البطاطس فى الثلاجات لتعطيش السوق، وهو أمر يحدث كل عام، لكن السعر هذا العام كان الأعلى. وأضاف أن سعر طن تقاوى البطاطس صنف السيلانى ارتفع ليصل إلى 50 ألف جنيه، وكان يباع العام الماضى بـ32 ألفاً فقط، ما أجبر بعض المزارعين على العزوف عن الزراعة، مشيراً إلى أن الفلاحين فى العام الماضى استوردوا التقاوى فى شهر أكتوبر وتم توزيعها على الفلاح فى بداية نوفمبر، ولكن هذا العام تم بيعها للفلاحين فى ديسمبر، أى بعد شهرين من استيراد التقاوى، ما تسبب فى تأخير الزراعة عن الموعد الطبيعى، الأمر الذى أضاف عبئاً على الفلاح ودفعه للبحث عن عمالة أكثر وبسعر أعلى حتى ينتهى من الزراعة قبل حلول الصقيع فى شهر يناير.
وأكد أن ارتفاع أسعار التقاوى أثر بشكل كبير على المزارعين الصغار الذين امتنعوا عن الزراعة بسبب ارتفاع أسعار التقاوى، فالفلاح الصغير كل ما يريده هو العيش حياة كريمة، مبيناً أنه باع محصول هذه العام بـ5 جنيهات للكيلو للتجار، وكان يبيعها فى العام الماضى بـ280 قرشاً للكيلو، وطالب «رضا» الدولة بأن تراعى الفلاح وتقف بجانبه لأنه هو أساس البلد، وأن تقوم وزارة الزراعة بدورها فى استيراد التقاوى من الخارج لحسابها الخاص وبيعها للفلاح، وعدم ترك السوق للمستثمرين والتجار، الذين لا همّ لهم إلا الربح، خاصة أن المحصول استراتيجى وضرورى للأسرة المصرية.
«رضا» يطالب الدولة بعدم ترك السوق للمستثمرين.. و«الجوهرى»: شكونا للوزارة فردت «السوق عرض وطلب».. و«أبوحسين»: محصول البطاطس انخفض بالدول الأوروبية 40٪
وارتفعت أسعار البطاطس خلال شهر نوفمبر الماضى إلى 14 جنيهاً للكيلو، ما أدى إلى زيادة أعباء الأسرة المصرية التى تعانى من ضغوط شديدة نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبعه الحكومة تنفيذاً لبرنامج صندوق النقد الدولى. من جانبه، أوضح إسماعيل البهنساوى، مزارع بطاطس من محافظة المنيا، أن هناك تقاوى بطاطس يتم استيرادها من الخارج، ويكون سعرها مرتفعاً بسبب ارتفاع سعر الدولار وما تفرضه الجمارك من رسوم، والتقاوى المحلية يرتفع سعرها لعدة أسباب، مثل احتكار بعض التجار للتقاوى وتخزينها فى الثلاجات، فضلاً عن ارتفاع أسعار التقاوى.
وأضاف أن التقاوى ليست الوحيدة التى ارتفع سعرها، بل كل مستلزمات الزراعة، وفى حالة تسويق المحصول يتم بيعه بسعر أقل من التكلفة، لافتاً إلى أن «تكلفة الفدان تبلغ 35 ألف جنيه فى حين يباع المحصول بـ33 ألف جنيه، أى إن الخسارة فى موسم الزراعة الماضى بلغت 3 آلاف جنيه، وذهب المكسب كله للتجار الذين باعوا الكيلو بـ14 جنيهاً، حيث بيعت البطاطس فى الحقل بـ3 جنيهات، وفوجئنا بسعرها الذى وصل 14 جنيهاً فى الأسواق»، موضحاً أنه يزرع عروة نيلية.
وأشار «البهنساوى»، الذى يزرع صنف «الروزيتا» المستخدم فى تصنيع الشيبسى، إلى أنه اشترى تقاوى لفدان بطاطس هذا العام بنحو 25 ألف جنيه للفدان الواحد، لزراعة ما يقرب من 10 أفدنة كل عام، فيما اشترى آخرون البطاطس بسعر أعلى بعدما تأخروا فى شراء التقاوى بداية الموسم. ولفت «البهنساوى» إلى أنه فى العام الماضى كان يشترى تقاوى البطاطس بـ5 آلاف جنيه للفدان، وكان للفلاح مكسب بما يقارب 20 أو 25 ألف جنيه، ويتوقف ذلك على سعر السوق وجودة المحصول، مضيفاً أنه يأمل فى أن يكون سعر التقاوى فى العام المقبل أفضل وفى متناول المزارع الصغير، متوقعاً انخفاض أسعار التقاوى العام المقبل لعزوف الفلاحين عن زراعة البطاطس بسبب خسارتهم الموسم الحالى وارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن نقابة الفلاحين وعدته بمراقبة ومتابعة الأسواق حتى لا يتم احتكار سوق التقاوى، خاصة أن التجار يشترون المحصول بسعر متدنٍّ جداً من المزارعين ويرفعون سعرها للمستهلك أو يخزنونها فى الثلاجات لتعطيش السوق.
وقال محمد الجوهرى، من كبار مزارعى الدقهلية: «هناك مشكلة إنتاج فى أوروبا التى تعانى من عجز كبير فى الإنتاج، ما أدى إلى عدم قدرتها على الوفاء التزامها مع الشركات التابعة لها هنا فى مصر»، لافتاً إلى أن «مصر ليست من الدول التى تنتج تقاوى بطاطس ونعتمد على استيرادها». وأشار إلى أن سعر التقاوى بلغ العام الماضى 12 ألف جنيه للطن بينما قامت الشركات بتسعيره بمبلغ تراوح بين 17 و18 ألف جنيه لصنف الاسبونتا، وبعدما اشترى التجار التقاوى من الشركات رفعوا سعرها ليتراوح من 24 إلى 30 ألف جنيه. وأضاف أن غضب المزارعين من ارتفاع السعر دفعهم لتقديم شكاوى إلى مجلس الوزراء والمسئولين فى وزارة الزراعة، وكان رد وكيل وزارة الزراعة، محمد عبدالدايم، أنه ليس لديه حل، والسوق عرض وطلب. ووجّه «الجوهرى» اتهامه إلى التجار قائلاً: «هناك ما يقرب من 40 منهم يحتكرون بيع تقاوى البطاطس»، لافتاً إلى أن هناك ازدواجية فى التعامل مع الأزمة من قبَل الدولة، التى صادرت الثلاجات حينما ارتفع سعرها على المستهلك، ولم تتحرك ضد المحتكرين حينما رفعوا سعرها على الفلاح، حيث تناست الدولة أن الفلاح هو درع الأمان، وأنه لا يسعى إلى الاحتكار لأنه يحصد زرعته ويبيعها ليسدد التزاماته.
وأشار إلى وجود صنف بطاطس يسمى «سيلانى» عليه حظر استيراد بسبب حقوق الملكية وتسلمه الدولة للتجار بـ23 ألف، والتاجر رفع سعره فى السوق لـ50 ألفاً، محذراً من ارتفاع أسعار البطاطس وإلا ستصبح كارثة فى مارس المقبل أكبر من التى شهدها نوفمبر الماضى. وعن ارتفاع الأسعار، أكد أن السبب فى ذلك يعود على تأخر طرح أسعار المستورد منها ومصادرة الكميات التى كانت مخزنة فى الثلاجات من قبَل أجهزة الدولة، وهى الكميات التى كانت مخصصة للتقاوى. ولفت إلى أن «محصول البطاطس من أهم المحاصيل الاستراتيجية، والحل أن يكون لدينا وزارة زراعة تتعامل على أرض الواقع، فوزير الزراعة غير مدرك أن الوزارة لخدمه الفلاح، وعندما قام بالتعامل مع الأزمة الماضية استعان بالداخلية والرقابة الإدارية ولم يستعن بالفلاح لمناقشة الحل من على أرض الواقع، فالوزارة تحافظ على المستورد والمصدر وتدعم الصادرات وغيرها»، على حد قوله.
وقال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن أسعار التقاوى مرتفعة جداً وتنذر بارتفاع أسعار جنونى للبطاطس فى الأيام المقبلة، فبعض الأصناف مثل «الهتما» وصل سعر الطن منها إلى 27 ألف جنيه، بينما كان السعر فى العام الماضى 16 ألف جنيه، ما دفع بعض المزارعين إلى تقليل المساحات التى ينوون زراعتها مما سيقلل العرض مقابل الطلب فيرتفع السعر على المستهلكين، بسبب قلة التقاوى المستوردة لقلة إنتاجية أوروبا نظراً لموجة الجفاف التى أصابت القارة، كما أن سوء التعامل مع مشكلة ارتفاع أسعار البطاطس الأيام الماضية ببيع التقاوى المخزنة للاستهلاك زاد المشكلة، وأدى إلى أن عدداً كبيراً ممن زرعوا العروة السابقة لن يتمكنوا من شراء تقاوى لزراعة العروة الشتوية لأن الإنتاجية منخفضة، والمكسب لا يغطى سعر التقاوى والتجهيز، وهؤلاء خرجوا من المنظومة هذا الموسم.
وأضاف «أبوصدام» أن صغار المزارعين الذين وجدوا أنفسهم أمام أسعار تقاوى لا قبَل لهم به سيعزفون عن زراعة البطاطس لحساب محاصيل كالبصل والفاصوليا والقمح. وأشار الحاج حسين إلى أن أغلبية زارعى البطاطس قاموا بجنى المحصول قبل نضجه نظراً لارتفاع أسعار البطاطس الأيام الماضية ما تسبب فى قلة الإنتاجية، مشيراً أن الأسعار المرتفعة ستجبر بعض المزارعين على تقليل المستخدم من التقاوى باتباع أسلوب تخريط التقاوى إلى قطع صغيرة عكس التوصيات الفنية لوزارة الزراعة بتقطيع التقاوى إلى قطع بحجم البيضة، ولكن المزارعين سيقطعونها إلى قطع أصغر بكثير لتقليل الاستهلاك، وذلك يتسبب فى زيادة الإصابات الفيروسية الفطرية ويهدد بضعف الإنتاجية.
من جانبها، حذرت النقابة العامة للفلاحين من ارتفاع أسعار تقاوى البطاطس خلال الشهور القليلة المقبلة لأكثر من 3 أضعاف، ما يهدد بكارثة كبيرة على المزارعين والمستهلكين بعدما تضاعفت أسعار تقاوى البطاطس بفارق يتجاوز 20 ألف جنيه فى الطن الواحد. وقال النقيب العام، عماد أبوحسين، إن محصول البطاطس هذا العام تعرّض للعديد من المشكلات المناخية بالدول الأوروبية وانخفص من 40% إلى 50%، موضحاً أنه بعد الانخفاض ارتفع السعر قليلاً، حتى إن بعض الشركات الأجنبية لم تورد كل الكميات المطلوبة، لافتاً إلى أن الحلقات الوسيطة بين المستورد الرئيسى والفلاح تسببت فى ارتفاع الأسعار إلى 3 مرات ونصف، وأن مصر استقبلت حتى الآن 77 ألف طن تقاوى، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى التى استقبلت فيها مصر 105 آلاف طن، وإجمالى الطلبات المقدمة لاستيراد تقاوى البطاطس التى تزرع الموسم الجديد والمقدمة للجنة التقاوى بلغت 157 ألف طن، حيث تزرع 3 عروات متلاحقة للمحصول، وهى العروة النيلية التى تُزرع فى أواخر أغسطس وسبتمبر، وتليها العروة الشتوية (الأساسية) التى تُزرع فى أكتوبر ونوفمبر، وهما تُزرعان بتقاوى كسر محلى، ثم العروة الصيفية وتُزرع فى ديسمبر وحتى أواخر فبراير وتُزرع بتقاوى مستوردة من الاتحاد الأوروبى.
وأوضح أن أسعار تقاوى البطاطس هذا العام ارتفعت 20 ألف جنيه عن العام الماضى، لافتاً إلى أن المزارعين وقعوا ضحية للوكلاء، مشيراً إلى أن أنواع البطاطس فى العالم تبلغ 181 نوعاً، ومصر تستورد منها 50 نوعاً فقط، بحسب قرار وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، موضحاً أن الوكلاء نجحوا فى طمس دور الجمعية التى كانت تستورد وتبيع للمزارعين بأسعار مناسبة. وأكد أن أسعار نوع «اسبونتا هتما» ارتفع سعرها إلى 47 ألف جنيه بعدما كانت بـ22 ألفاً العام الماضى، ونوع «مونديا» وصل لـ32 ألفاً، بعدما كانت 17 ألفاً، العام الماضى، مضيفاً أن المزارعين عزفوا عن زراعتها، لافتاً إلى أن المزارعين قرروا تأجيل الشراء أملاً فى تخفيض السعر مع اقتراب موسم الزراعة من الانتهاء، والذى يعطى مؤشراً خطيراً على المساحات المنزرعة التى قد تكون منخفضة مقارنة بالعام الماضى، وتخطى طن تقاوى البطاطس من صنف «كارا فرنساوى» الـ24 ألف جنيه للطن، بينما بلغ صنف «كارا فرنساوى استيراد شركات» 21 ألفاً.