«المالية»: تنفيذها على مرحلتين وتتضمن إلغاء «الكاش والشيكات».. ومخاوف التجار وهمية
«المالية» تسعى لتفعيل منظومة المدفوعات الإلكترونية
تسعى وزارة المالية لسلسلة من الإصلاحات التشريعية والإدارية التى تستهدف تفعيل منظومة المدفوعات الإلكترونية، سواء لإيرادات الدولة من الضرائب والرسوم الجمركية أو مدفوعاتها، فى إطار استكمال منظومة التحول للدفع والتحصيل إلكترونياً، وتعمل الوزارة حالياً على الانتهاء من إعداد مشروع قانون يلزم مجتمع الأعمال بإصدار فاتورة إلكترونية من خلال التعاون مع شركتين، إحداهما يابانية، والأخرى صينية، ستنفذان المرحلة التجريبية للفاتورة الإلكترونية، تمهيداً لتطبيق المشروع رسمياً.
وبدأت وزارة المالية مسيرة الإصلاح بإلغاء العمل بالشيكات الحكومية، وألزمت الوزارة المتعاملين مع الحكومة بسداد المستحقات المالية بإحدى وسائل الدفع الإلكترونية.
وفى إطار استكمال المنظومة، أصدر الدكتور محمد معيط، وزير المالية، منتصف نوفمبر الماضى، قراراً وزارياً رقم 623 لسنة 2018، يلزم المسجلين المتعاملين مع المستهلك النهائى للسلع والخدمات بالتحصيل إلكترونياً.
وكشفت وزارة المالية، فى بيان، أن القرار ألزم المسجلين الذين يتطلب نشاطهم بيع سلع أو تقديم خدمات للمستهلك النهائى مباشرة، تحصيل مقابل بيع السلعة أو أداء الخدمة، من خلال ماكينات تسجيل المتحصلات (نقاط البيع)، أو أى أجهزة أو أنظمة إلكترونية أخرى، وأوضحت الوزارة أن القرار نص على أن يلتزم المسجلون بتركيب الأجهزة أو الأنظمة التى تمكن المصلحة من تحصيل الفواتير إلكترونياً بشكل توضيحى يتضمن بياناتها وقسائم تحصيل النقدية، وفى حالة إصدار فاتورة (قسيمة بيع) بقيمة أكثر من 50 ألف جنيه لأفراد طبيعيين، فإنه يتعين على المسجلين الحصول على الرقم القومى للعميل.
رئيس «آى فاينانس»: تستهدف القضاء على الاحتكار ودمج الاقتصاد غير الرسمى.. و«الضرائب» تنظم دورات لتأهيل المجتمع الضريبى للعمل وفق المنظومة الإلكترونية الجديدة
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، لـ«الوطن»: «إن المنظومة سيتم تنفيذها على مرحلتين، تمثل المرحلة الأولى مرحلة التجارب على أن يتم تنفيذها خلال فترة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر، ونوهت الوزارة بأن تلك الفترة لا يترتب عليها آثار ضريبية مؤثمة، أى لا يترتب عليها قضية تهرب ضريبى على المكلف بالتنفيذ، على أن تعقبها المرحلة الثانية وهى مرحلة التطبيق الفعلى.
وحول تخوفات التجار من تطبيق الفاتورة الإلكترونية طمأن «معيط» التجار، قائلاً: «نفس التخوفات كانت قائمة فى عام 2009 عند إطلاق خدمة صرف المعاشات إلكترونياً، والآن يصرف نحو 12 مليوناً من أصحاب المعاشات معاشاتهم إلكترونياً»، مشيراً إلى أن الخطوات التى بدأتها الدولة للتحول للنظام الإلكترونى، عام 2007، بدأت بالمبادرة الخاصة بالمعاشات لإراحة أصحابها من المجهود الكبير الذى يُبذل للصرف من خلال مكاتب البريد، وفى 2009 تم إطلاق صرف المعاشات إلكترونياً، والعام المالى الماضى تم إلغاء الشيكات الحكومية تماماً، وتدشين حساب الخزانة الموحد، الذى حل بديلاً عن 62 ألف حساب بنكى، وهذه الخطوات تهدف نحو التحول لمجتمع رقمى، وتقليل كمية «الكاش» المتداولة، والاعتماد على الطرق الإلكترونية فى الدفع والتحصيل.
«هلال»: 60% من التجار لا يمسكون دفاتر منتظمة.. و«أبوجبل»: دخول الباعة الجائلين وخضوعهم للضرائب من العقبات التى تواجه تطبيقها ودور الغرف التجارية التوعية والإرشاد
لكن فى المقابل ظلت المخاوف من وجود أعباء جديدة نتيجة لتطبيق المنظومة الجديدة مسيطرة على التجار، حيث طالب بعضهم بضرورة تأهيل المجتمع التجارى قبيل عملية التطبيق، وأرجعوا ذلك إلى أن أغلب المتعاملين فى التجارة الداخلية يجهلون القراءة والكتابة، وبعضهم يخشى الأعباء الجديدة على البقالات الصغيرة والمتوسطة، المنتظمة والمسجلة ضريبياً، وطالبوا قبل تطبيق التعامل بالفاتورة الإلكترونية بتحديث التجارة، والقضاء على التجارة العشوائية، وعمل دراسة على التجار وسؤالهم هل يفضلون التعامل بالكاش أو بالفيزا.
ومن جانبه، قال أشرف هلال، رئيس شعبة الأدوات والأجهزة المنزلية بالغرف التجارية، إن إصدار فاتورة إلكترونية فكرة جيدة، ولكن السؤال هل المجتمع التجارى مؤهل للتطبيق، مشيراً إلى أن أكثر من 60% منه لا يمسكون دفاتر منتظمة وحسابات منتظمة، وأن تطبيق تلك الفكرة يحتاج إلى سنوات عديدة وليس 6 أشهر، ولفت إلى أن الهدف من تطبيق الفاتورة الإلكترونية هو حصر البضائع الواردة والمنصرفة والمتهربين من سداد الضريبة، لأن التهرب الضريبى أصبح يفوق الخيال، وأشار إلى أن المتابع لحركة التجارة وسوق البضائع فى مصر يجد أن جزءاً كبيراً منه لا يزال يتعامل بما يسمى بـ«البون»، وليس له أى علاقة بالفاتورة.
ومن جهته، قال عمرو حامد، رئيس شعبة البقالة بغرفة القاهرة: «هناك مشاكل عديدة أصبحت تواجه المجتمع التجارى المنتظم، وهى ارتفاع الأسعار المستمر، وتقليص دوره، وفى المقابل ارتفاع حجم ومكاسب التجارة العشوائية، لافتاً إلى أن التجارة العشوائية لا تزال هى المتحكم فى الأسواق وتذهب ملياراتها إلى جيوب التجار، ولا يزال عدد كبير من التجار ينظر إلى الضرائب كونها جباية، ويتهربون بشكل كبير من أداء أى التزام. ومن جهته، قال يحيى كاسب، رئيس شعبة البقالة بالغرفة التجارية للجيزة: «يجب إلزام الكبار ومراقبتهم أولاً، قبل التشديد على الصغار، حيث يرفض عدد كبير من الموردين فى الغالب إصدار فاتورة، ويتعامل بالكاش حتى لا يُعرف حجم تعاملاته، والدولة أيضاً تتعامل معنا على أننا مجموعة من الكذابين، إذا التزامنا بتقديم بالفاتورة، وهناك عدم ثقة بين الضرائب والتجار، فيجب على الوزارة أن تنتهج نهجاً جديداً فى التعامل مع التجار.
«حامد»: التجارة العشوائية لا تزال تتحكم فى الأسواق.. وملياراتها تذهب إلى جيوب التجار
ومن جهته، قال أحمد أبوجبل، رئيس شعبة الأدوات المكتبية بغرفة القاهرة: «إن هناك عقبات تواجه تطبيق الفاتورة الإلكترونية، ومنها دخول الباعة الجائلين، والتزامهم وخضوعهم للضرائب، وما يرتبه ذلك من أعباء ومسئوليات وتكاليف هم فى غنى عنها، فهم يفضلون البقاء فى الظل، وعدم الظهور أمام السلطات الرسمية، وأكد أن الأمر يتطلب إدخال إصلاحات على الاقتصاد الرسمى للدولة، بإزالة كل ما يعترضه من مشكلات أو عقبات قبل أن نبدأ فى إصلاح الاقتصاد غير المنظم، ودعا إلى ضرورة أن تعمل كافة الجهات مع وزارة المالية للتركيز على أهمية الفاتورة وزيادة وعى التاجر الضريبى، وتطبيق مبدأ الشفافية من جانب الجهاز الضريبى فى التعامل مع الجمهور، مشدداً على أهمية إصدار التاجر للفاتورة كحق من حقوق الدولة، ومساهمة منه فى تأدية الخدمات العامة، خاصة لمحدودى الدخل، مشيراً إلى ما تقوم به الغرف فى توعية التجار على مستوى كل المحافظات، ومطالبة المسجلين منهم بضرورة إصدار الفاتورة الإلكترونية كواجب قومى، وقال: «لا بد أن يتم الاهتمام بالوعى الضريبى، لأنها قضية قومية، ليس بهدف تحصيل ضريبة، ولكن بهدف تنظيم السوق، وانتظام حركة التبادل ومنع وجود منافسة غير متكافئة بين السلع المصرية والسلع المستوردة من الخارج، ولا بد أن نعرف أن جميع المشاكل الموجودة ناتجة عن عدم انتظام السوق، فإذا انتظمت السوق فسنعرف حجم الأرقام الحقيقية للاستهلاك، وبالتالى نستطيع أن نخطط لمواجهة المشكلات، وعلى التجار أن يكونوا حريصين على ذلك».
من جهته، قال عادل ناصر، رئيس غرفة الجيزة التجارية: «إن عدم وجود فاتورة يتيح للتاجر غير الأمين الفرصة للتهرب من التزاماته تجاه الدولة، ويأخذها لنفسه بدلاً من توريدها إلى خزانة الدولة»، موضحاً أن المنطق يؤكد أنها مسئولية مشتركة بين كل أطراف المنظومة، ووزارة المالية ممثلة فى مصلحة الضرائب تقوم بمجهود مستمر ومكثف لضبط هذه التعاملات، بالتأكيد على أهمية الفاتورة من خلال دورات التوعية للتجار والمنتجين، فهى مستند رسمى مهم لتحصيل الضريبة وضمان وصولها إلى خزانة الدولة، لا إلى جيوب التجار، وعدم إصدار فاتورة ضريبية هى واقعة تهرب ضريبى يعاقب عليها القانون، لافتاً إلى أن إصدار الفاتورة يحقق عدة فوائد فى مقدمتها إثبات إيرادات الممولين، وبالتالى تيسير المحاسبة الضريبية بما يشجع على مزيد من الاستثمارات الجديدة.
وقال محمد أبوالقاسم، رئيس الغرفة التجارية لأسوان، إن الغرف التجارية ستواكب التحديث والتطور بالأسواق خلال المرحلة المقبلة بالعمل على محورين رئيسيين أولهما: الارتقاء بنظم التجارة فى السوق المحلية ذاتها، وثانيهما الارتقاء بقواعد القدرة التنافسية بالأسواق، مشيراً إلى أنه لا بد من نشر ثقافة التعامل بالفاتورة للحاق بدول العالم المتقدم، لأنه من العيب أن دولاً كثيرة عربية نجحت فى تنظيم أسواقها، ونحن ما زلنا نبحث حتى الآن التعامل فى أسواقنا بالفواتير.
وأكد أن الالتزام بالفاتورة بين كبار الممولين لا توجد به مشكلات سوى عند تعاملهم مع صغار الممولين، ويجب على المصلحة إعداد الخطط اللازمة للتعامل مع هذا القطاع الذى لا يستهان به، مع التأكيد على ضرورة القضاء على التجارة العشوائية.
ورداً على مخاوف التجار، طمأن المهندس إبراهيم سرحان، رئيس مجلس إدارة شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية «آى فاينانس»، بأن اتجاه الدولة إلى تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية يتضمن عدداً من الأهداف، فى مقدمتها دمج الاقتصاد غير الرسمى إلى مظلة الاقتصاد الرسمى، وقطع الطريق على الاحتكار، وتحصيل مستحقات الدولة بكفاءة كبيرة لزيادة موارد الدولة، لافتاً إلى أن الشركة ستقوم عن طريق مركز الدفع والتحصيل الإلكترونى الحكومى لدى الشركة، بالعمل والإشراف على قنوات تحصيل الكهرباء من خلال شركائها لتقديم أفضل خدمة للمواطن والتيسير عليه فى دفع فاتورة الكهرباء، أو كروت الشحن للعدادات الذكية.
وبدأت مصلحة الضرائب المصرية، من جانبها، فى عقد دورات تدريبية لتأهيل المجتمع الضريبى للعمل وفق المنظومة الإلكترونية الجديدة، التى تقتضى تقديم الإقرارات الضريبية (دخل - قيمة مضافة) إلكترونياً إلزامياً مع نهاية عام 2019، حيث نظمت مصلحة الضرائب المصرية سلسلة من الندوات التدريبية للممولين والمسجلين والمحاسبين وأصحاب الأعمال لتأهليهم وتدريبهم على تقديم إقراراتهم الضربيبة بنوعيها، دخل وقيمة مضافة، وسدادها إلكترونياً.