نعم هو يوم حلو.. بكل تفاصيله.. يوم حلو..
حتى بعد الانفجار الصباحى الذى حدث فى كشك أمام محكمة إمبابة فى شارع السودان، هو يوم حلو، والناس خرجت وهتفت: «هننزل»، ثم تناقلت وكالات الأنباء صورة لمصريين يجلسون على مقهى قريب من الانفجار، يتناثر حولهم حطام واجهة المحكمة بينما يصرون على (الاصطباحة)، ومتمسكون بـ(الحياة).
هو يوم حلو بكل النساء اللاتى خرجن يهتفن لمصر، ويغنين لها، ويزغردن بمنتهى الفرح، بل ويرقصن وكأنهن فى فرح حقيقى، مرددات «أحلف بسماها وبترابها» أو النشيد الوطنى.
هو يوم حلو، وسيمر، ويأتى غيره، وحتى اليوم المر الذى قد يأتى، سينتهى، ويمر.
هو يوم حلو، والبورصة انتعشت، وحققت أعلى معدل منذ ثلاث سنوات كما نقلت الأخبار.
هو يوم حلو رغم وجود قضاة أثروا على الناخبين ووجهوهم للتصويت بـ(لا) فتم استبعادهم، وأرجو كذلك أن يكون قد تم استبعاد أى قاضٍ وجه الناس بـ(نعم)، فالقاضى هو الحكم، والحكم لا يلعب فى أحد الفريقين مهما مال قلبه، واختار عقله، يجب أن يظل حكماً.
هو يوم حلو بالطوابير الكثيرة فى كرداسة والمنصورة، وغيرها من الأماكن التى حدثت فيها العديد من الحوادث الإرهابية، ويوم حلو بطوابير أهل الأقصر التى جاءوا لها قبل عدة أشهر بمحافظ من الجماعات الإسلامية ليدفنها تماماً، فإذا بالجميع يخرجون للاستفتاء على ما يتصورونه مستقبلهم، وعلى وجوههم أحلى ابتسامة.
هو يوم حلو، على تلك السيدة التى رأيتها ترقص فى «سى بى سى إكسترا»، وترفع فى يدها اليسرى صورة «السيسى»، بينما يدها اليمنى تؤدى علامة «رابعة».. إلى أى الفريقين تنتمى (الست)؟؟ أنا غير متأكد، لكننى واثق أنها تنتمى لمصر، وأنها لخصت، بمنتهى العبقرية، وبمنتهى العفوية، ما سنقبل عليه خلال الفترة المقبلة من حيرة عند البسطاء الذين يحبون «السيسى» وصعبان عليهم من مات فى «رابعة»، وهؤلاء موجودون بكثرة، وهؤلاء يجب أن يجدوا من يطبطب عليهم.
هو يوم حلو وأسر كاملة تنزل من بيوتها للاستفتاء. رأيت صوراً لطوابير فى كل مكان، تأكدت من صحتها، ومن أنها ملتقطة فى ذات اليوم وليست مفبركة كما سيتهمها البعض. رأيت صوراً لسيدة اصطحبت معها كلبها فى إحدى لجان مصر الجديدة، وأخرى لرجل مقعد على كرسى متحرك يصر على الاستفتاء، وثالثة لطوابير طويلة تتوسطها سيدة عجوز تجلس على كرسى انتظاراً لدورها، ورأيت صوراً لـ«الجزيرة» تؤكد أن الإقبال ضعيف على الاستفتاء!!
هو يوم حلو مهما بدا كئيباً لدى كثيرين، مهما كان لطمة على وجوههم، مهما أوغل صدور بعض المكلومين لفقد أعزاء لهم، ومهما زايد كثيرون عليه على اعتبار أن الدستور وحِش وكخة وعار ويجب مقاطعته.
هو يوم حلو، راقبته لجان دولية ستكتب تقارير نزيهة، وحضره مراسلون لوسائل إعلام عالمية، وسيرفضه كثيرون يجب تفهم وجهة نظرهم مهما كانت مختلفة، لا سيما أن النتيجة -فى الغالب- ستفوق الـ75% «نعم للدستور».
هو يوم حلو رغم العنف اللفظى، وحالة التحفز المبالغ فيها عند كثيرين ممن قالوا نعم، وهى الحالة التى يجب أن تهدأ حتى لا يصبحوا مثل الدب الذى قتل صاحبه.
هو يوم حلو، وقد انتهى.. واليوم بإذن الله سيكون أيضاً «يوم حلو»، لكن السؤال: وماذا بعد؟؟
الخطوة القادمة يجب أن تكون بمنتهى الحكمة..
بمنتهى الذكاء فى اختيار توقيتها وأسلوبها وهدفها..
بمنتهى التأنى فى اختيار وجوه المرحلة القادمة..
بمنتهى الأمل فى تجاوز أخطاء الماضى.
بمنتهى الرغبة فى بلد محترم يتسع للجميع، فهل نستطيع؟؟
وهل نريد أصلاً؟؟