«دليل الإذاعات العربية».. مؤلف موسوعى لإبراهيم المسلمى يخلّد الراديو والتليفزيون
مبنى ماسبيرو _ صورة أرشيفية
بينما استمرت الوسائل الإعلامية المطبوعة فى التأثير على الرأى العام، أعلن القرن العشرون عن قدوم عصر الاتصال الإلكترونى، حيث بدأ الناس فى تمضية مزيد من الوقت مع مبتكر جديد اسمه: الراديو، ثم ما لبثوا أن اتجهوا بعد ذلك إلى التليفزيون، وقد استطاعت الإذاعات العربية (بمفهومها العلمى الذى يضم كلاً من الراديو والتليفزيون)، الانطلاق إلى آفاق أرحب مستفيدة من البث المباشر عبر الأقمار الصناعية».. هكذا استهل الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله المسلمى، أستاذ ورئيس قسم الإعلام فى كلية الآداب جامعة الزقازيق، عمله الموسوعى «دليل الإذاعات العربية»، الصادر عن دار الفكر العربى للنشر، مقدماً تأصيلاً تاريخياً لكل من يريد الاطلاع على تاريخ الإذاعات فى الوطن العربى.
وبذل الدكتور المسلمى جهداً مضنياً للخروج بمؤلفه، الذى صدر فى 3 كتب مقسمة لـ4 أجزاء، كل جزء منه يسرد تاريخ الإذاعة والتليفزيون فى منطقة بعينها، من حيث النشأة والملكية والمضمون، سابقاً كل ذلك بتقديم لمحة موجزة عن كل بلد عربى.
وجرى تقسيم العمل الموسوعى لـ4 أجزاء، نظراً لحجم المعلومات الهائل، إذ لم يجد الكاتب مفراً من تقسيمها. وشمل الجزء الأول منه تاريخ الإذاعات العربية فى دول المشرق العربى (لبنان وسوريا والأردن والعراق وفلسطين)، والجزء الثانى خاص بدول الخليج والجزيرة العربية (السعودية والكويت والإمارات العربية والبحرين وسلطنة عمات وقطر واليمن)، أما الجزء الثالث، خاص بدول وادى النيل وشرق أفريقيا (السودان وجنوب السودان والصومال وجيبوتى وجزر القمر)، ثم خصص الجزء الرابع لدول المغرب العربى (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا).
وتجلت ملامح العمل الفريد، فى حجم الجهد البحثى الذى بذله الدكتور المسلمى، نظراً لقدم الكتب المنشورة عن الإذاعات، إذ يرجع أهمها إلى العام 1987، أى منذ أكثر من 30 عاما، تطورت فيه هذه الوسائل وتكاثرت بفضل البث الفضائى، وحتى الكتب التى تم نشرها فى أول القرن الحادى والعشرين، أصبحت لا تضم أكثر من ربع الإذاعات التى انتشرت بعد ذلك، إلى جانب تعدد صفحات هذه الإذاعات على شبكات التواصل الاجتماعى، دون أن تكون مكتملة المعلومات أو متسقة البيانات، فضلاً عن توحّد أسماء بعض هذه الإذاعات فى أكثر من بلد عربى. واتسم العمل الموسوعى، إلى جانب المحتوى المعلوماتى الضخم، بجودة الطباعة وسهولة المصطلحات وتوثيق المعلومات وإسنادها لمصادرها الأولى، فضلاً عن تعدد المراجع.
مصر الأولى فى ساعات المشاهدة «المدفوعة» تليها السعودية والإمارات والكويت
واستهل الكاتب الجزء الأول من كتابه، الذى أنجزه فى الأول من يناير عام 2017، وجاء فى 338 صفحة، بإهداء لوالديه، ثم مقدمة موجزة، ألمح فيها لقليل من الجهد الذى بذله، بالنظر لحجم المعلومات المتاحة فى المؤلف الموسوعى.
وقسم الكاتب، صاحب الـ35 مؤلفاً، كلها عن الإعلام، الجزء الأول من «دليل الإذاعات العربية»، لفصل تمهيدى و5 فصول أخرى، كل فصل منها عن الإذاعات فى دولة من دول المشرق العربى.
وجاء الفصل التمهيدى، الذى حمل عنوان: «تعريفات الإذاعات العربية والنظم القانونية والتشريعية التى تحكمها»، مقسماً لـ4 أبواب، على النحو التالى: «أولاً: تعريف الإذاعات وخصائصها، وثانياً: النظم الإذاعية فى العالم وفى الدول العربية، وثالثاً: نمط ملكية وإدارة النظم الإذاعية، ورابعاً توصيف للإعلام المسموع والمرئى فى الوطن العربى».
وظهر فى الفصل التمهيدى، الذى ارتكن فيه المؤلف على 64 مرجعاً، أرقام هامة، منسوبة لمصادر رصينة، معروف مدى دقتها، فمثلاً نقل الدكتور المسلمى، عن منظمة «اليونيسكو»، أعداد مستمعى الراديو ومشاهدى التليفزيون فى البلدان العربية، واتضح أنها تختلف اختلافاً بيناً بين دولة عربية وأخرى، فعلى سبيل المثال بالنسبة للراديو، فإن متلقيه يأتون أولاً فى لبنان بنسبة تبلغ 891 مواطناً لكل ألف نسمة، تليها سلطنة عمان بعدد 580، ثم البحرين بعدد 575، ثم الكويت وقطر والسعودية والإمارات والسودان وسوريا والأردن والجزائر والمغرب والعراق وليبيا وتونس واليمن، بنسب متفاوتة.
وبالنسبة لمشاهدى التليفزيون فى الوطن العربى، تأتى أولاً نسبة عدد المشاهدين فى قطر، وعددهم 457 لكل ألف نسمة، ثم البحرين بعدد 439، ثم الكويت بعدد 373، ثم السعودية ولبنان واليمن والإمارات والأردن وتونس والمغرب وليبيا وسوريا والسودان والعراق والجزائر، وأخيراً سلطنة عمان، بنسب متفاوتة.
ونقل الكاتب عن استطلاع أجرته شبكة OSN (شبكة التليفزيون المدفوع الرائدة فى المنطقة)، فى عام 2013، أن عدد ساعات مشاهدة التليفزيون يتراوح بين 3 و5 ساعات، فى المنطقة العربية، وجاءت مصر فى المرتبة الأولى بنسبة 37% من عدد السكان، تليها المملكة العربية السعودية بنسبة 33%، وفى الإمارات بلغت النسبة 32% وفى الكويت 30%. ومن ضمن الأرقام الهامة، التى جاءت فى الفصل التمهيدى، أعداد القنوات فى الدول العربية، فيقول الكاتب، استناداً للتقرير السنوى الذى يصدره «اتحاد إذاعات الدول العربية»، فى نسخة عام 2015، إن عدد القنوات العربية وصل لـ1230 قناة، منها 133 قناة عمومية و1097 خاصة.
ورصد الكاتب تنوع القنوات العربية، فوجد أن ما يقرب من 291 قناة، تعتبر جامعة، تشمل برامجها مواضيع واهتمامات متعددة، فى حين تتقاسم القنوات الرياضية والدينية المرتبة الأولى فى فئة القنوات المتخصصة، إذ وصل عدد الرياضية لـ61 قناة، تليها دينية التوجه بـ55 قناة، وتليها قنوات الدراما بـ54 قناة.
وأرجع الكاتب حجم الزيادة الضخمة فى عدد القنوات، التى كانت 733 قناة فى عام 2010، لزيادة عدد المدن الإعلامية العربية، ضارباً المثل بمدينة الإنتاج الإعلامى فى مصر، باعتبارها أول مدينة إعلامية عربية تأسست فى عام 1997، تلتها المدن الإعلامية فى الإمارات والأردن وغيرهما من الدول العربية.
أما الفصل الأول من الكتاب الأول، فخصصه الكاتب عن الإذاعات العربية (الراديو والتليفزيون) فى الجمهورية اللبنانية، وقسّمه لـ4 مباحث، الأول منها يقدم لمحة تعريفية بالجمهورية اللبنانية، والثانى يشرح نشأة محطة الإذاعة الرسمية فى لبنان وتطورها، والثالث عن المحطات الإذاعية اللبنانية على تردد FM والإنترنت، والرابع عن قنوات التليفزيون اللبنانية.
أما الفصل الثانى، الذى خصصه الكاتب للتحدث عن الإذاعات العربية فى الجمهورية السورية، فجاء فى 7 مباحث، 4 منها على غرار الفصل الأول، وزاد عليها 3 أخرى متعلقة بمحطات الراديو الخاصة والأخرى التابعة للمعارضة السورية والقنوات التليفزيونية التابعة للمعارضة السورية.
وجاء الفصل الثالث مخصصاً للإذاعات العربية فى الأردن، مقسماً لـ3 مباحث، كذلك جاء الفصلان الرابع والخامس، المخصصان للعراق وفلسطين، فى 3 مباحث لكل فصل.
وجاء الجزء الثانى، من المؤلف الموسوعى، فى 320 صفحة، مقسماً لـ8 فصول، منها الفصل التمهيدى، الذى كان موجوداً فى الجزء الأول، و7 فصول أخرى، كل فصل منها عن دولة من دول الخليج والجزيرة العربية، متبعاً نفس طريقة تقسيم الفصول لمباحث، كما حدث فى الجزء الأول، مراعية وضعية كل دولة. وحافظ المؤلف على عملية إحالة المعلومات لمراجعها الأصلية، وهو ما ظهر فى الجزء الثانى بصورة جلية، إذ زادت أعداد الإحالات والمصادر، عنها فى الجزء الأول.
وأهدى الدكتور المسلمى، الجزء الثانى من مؤلفه، إلى «السيدة إيناس»، التى قال عنها إنها «رفيقة الدرب الطويل».
وجاء الجزآن الثالث والرابع، فى كتاب واحد ضخم، حرص فى نهايته الكاتب على ذكر أعماله مجتمعة حتى آخر عمل له.
وأهدى الجزء الثالث لابنيه ياسمين ومصطفى بصفة خاصة، وأبناء الوطن العربى الكبير من الخليج للمحيط بصفة عامة. وجاء هذا الجزء، فى 114 صفحة، مقسمة لـ4 فصل، كل فصل مقسم لمباحث متعددة، وفقاً لطبيعة كل دولة، فى حين جاء الجزء الرابع بداية من الصفحة 117، وحتى الصفحة 458، مقسمة لـ5 فصول، كل فصل منها مخصص لدولة بعينها.