عشرات المرشحين للانتخابات الجزائرية.. و"بن فليس" رهان القوى المدنية
مرشح الرئاسة الجزائري الدكتور علي بن فليس
وصل عدد الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة الربيع المقبل إلى رقم قياسي بلغ 153 مرشحا محتما حتى الآن رغم دعوات للمقاطعة، وأبرز المرشحين عن القوى المدنية رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، وعن العسكريين المتقاعدين اللواء المتقاعد علي غديري.
وجاء في الوثيقة التي نشرتها وزارة الداخلية الجزائرية عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" اليوم أنه "تم استقبال 153 رسالة رغبة في الترشح على مستوى الوزارة، 14 رسالة لرؤساء أحزاب سياسية، و139 رسالة لمترشحين أحرار".
وقال العضو السابق في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات الطاهر حبشي لـ"موقع قناة الحرة" الأمريكية، إن الجزائر لم يسبق وأن شهدت مثل هذا التنافس على منصب الرئيس، وأضاف حبشي أن غالبية المرشحين سينسحبون عند اصطدامهم بشرط جمع 60 ألف توقيع الذي يفرضه الدستور على كل مرشح للرئاسة.
وبين هؤلاء المتنافسين الدكتور عبد الرزاق مقري رئيس حزب حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي بالجزائر والمعبر عن "إخوان الجزائر"، الذي أعلن ترشحه السبت.
قرر "إخوان الجزائر" المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر، حيث أعلن ما يسمى "حركة مجتمع السلم" قرار مجلس شورى الحركة بترشيح رئيس الحركة الدكتور عبدالرازق مقري للمرة الأولى بعد 24 عاما من آخر مشاركة لهم في انتخابات رئاسية.
وصوّت مجلس شورى الحركة، السبت، بالإجماع على قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ما أثار القلق من تكرار حالة الصدام مع الدولة والإرهاب والعنف المسلح كما جرى في تسعينيات القرن الماضي في الجزائر.
ووسط دعوات أخرى لمقاطعة الانتخابات، ودعوات من القوى السياسية المدنية للمشاركة في التغيير وتحقيق انتقال سلمي سلس للسلطة في الجزائر التي يقودها بوتفليقة منذ 1999، استغل الإخوان الغموض حول مصير ترشح بوتفليقة وإعلان أقدم الأحزاب الجزائرية مقاطعته للانتخابات، للدفع بمرشحهم، وأوضح عبد الله بوعاجي مسؤول الاتصال بالحزب الإخواني: "قرر مجلس الشورى بأغلبية ساحقة المشاركة في الانتخابات الرئاسية وتقديم عبد الرزاق مقري مرشحا للحزب فيها".
وعلى الضفة الأخرى للحياة السياسية الجزائرية، يبرز مرشحو القوى المدنية الديمقراطية وعلى رأسهم يأتي رئيس الوزراء الجزائري الأسبق علي بن فليس المرشح الرئاسي الحالي كقائد للمعارضة المدنية ومسؤول حكومي رفيع المستوى سابقا، حيث أعلن ترشحه في الانتخابات الرئاسة، المقرر إجراؤها في أبريل المقبل.
ويعد ابن فليس أحد أبرز رجال الدولة في الجزائر، فرئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس ( 74 عاما) كان مدير حملة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 1999، ثم رئيسا للوزراء عام 2000.
واستقال من منصبه في 2003، ونافس بوتفليقة في 2004، إلا أنه أخفق في الفوز بالرئاسة، وكذلك مرة أخرى في 2014، وقد أسس علي بن فليس حزب طلائع الحريات المعارض في 2015.
وقالت "سكاي نيوز" إن بن فليس أصبح ثاني مسؤول يترشح للانتخابات عقب تصريح اللواء متقاعد علي غديري عن ترشحه للرئاسة، حيث تضع استطلاعات الرأي بن فليس كأبرز المرشحين والأكثر جدية في السباق الرئاسي.
واستنكر حزب طلائع الحريات لرئيسه علي بن فليس، دعوات استمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم، من خلال مناشدة المؤيدين له بالترشح للانتخابات المقبلة في أبريل، وهو السباق الذي لم يعلن بعد الرئيس الجزائري موقفه منه، وما إذا كان سيترشح لولاية رئاسية خامسة أم لا.
وقال حزب طلائع الحريات في بيان، إن "الاستمرارية، التي تروج لها بعض القوى السياسية هي مرادفة للجمود والحفاظ على الأمر القائم، في الوقت الذي يفرض فيه التغيير نفسه كحل حتمي وفريد لإنقاذ بلدنا".
وتابع أن "هذه الاستمرارية من شأنها تعميق الانسداد السياسي الحالي، وترسيخ سيطرة القوى غير الدستورية على القرار الوطني، وجعل الصراعات داخل النظام السياسي القائم تتفاقم، وتزعزع استقرار البلد، وتُؤزِّم الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر، وتثير النزاعات الاجتماعية، وتضعف موقع بلدنا في محيطه الجيوسياسي أكثر فأكثر".
وقال الدكتور علي بن فليس في مقابلة مع إذاعة مونت كارلو الدولية إنه: "من يحترم الدستور والقوانين الجزائرية لا يطلب التأجيل للانتخابات الرئاسية"، موضحا أن المرحلة الراهنة ليس سوى مرحلة الإعلان عن نية الترشح، أما الترشح رسميا سيكون أمام المجلس الدستوري ويتم اعتماده كمرشح، وأكد المرشح الرئاسي أنه يخوض معركة حقيقة ولا يخوض معارك هامشية على الإطلاق، معتبرا أنه لا ضرر من زيادة أعداد من أعلن عن نيته في الترشح، حيث سيقيم الشعب الجزائري في نهاية المطاف المرشحين حسب برامجهم ووزنهم وما يطرحونه من بديل.
ومن جهته، وعد اللواء المتقاعد علي غديري المرشّح للانتخابات الرئاسيّة الجزائريّة المقررة في 18 أبريل، الأحد، بـ"قطيعة" مع الماضي وخصوصا مع عهد الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999.
وأكد غديري خلال مشاركته في ندوة نظمتها صحيفة "ليبرتي" التزامه "قطع كل صلة مع الشمولية والنظام الريعي والزبائني" من أجل بناء "جمهورية ثانية"، وأثارت هذه التصريحات غضب وزارة الدّفاع التي توعّدت باللجوء إلى القضاء إذا تمّ خرق واجب التحفظ المفروض على العسكريّين المتقاعدين.
وفي ذات السياق، أعلن أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر "جبهة القوى الاشتراكية" أنه لن يقدم مرشحا إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل، ودعا إلى "مقاطعة فعلية مكثفة وسلمية" لعمليات الاقتراع.
ولم يعلن الرئيس الحالي بعد موقفه من دعوات ترشحه لولاية الخامسة، وكان بوتفليقة قدم ترشحه في الانتخابات السابقة في 2014، في آخر أيام المهلة القانونية للترشح.
ومن شروط الترشح لرئاسة الجمهورية جمع 600 توقيع لأعضاء في مجالس بلدية أو ولائية (محافظات) أو نواب في البرلمان، أو جمع 60 ألف توقيع لمواطنين لهم حق الانتخاب وقبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات، ما زال الغموض يسود إمكان ترشح بوتفليقة (81 عاما) من عدمه، علما بأن أنصاره يدعونه منذ أشهر للترشح لولاية خامسة، وأمامه حتى منتصف ليل 3 مارس لتقديم ترشحه، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم قد دعا على لسان منسق هيئة التسيير معاذ بو شارب إلى "استمرارية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مواصلة قيادة البلاد واستكمال تنفيذ برنامجه الإصلاحي والتنموي"، حيث سبق أن أعلن الحزب أن بوتفليقة هو مرشحه الوحيد لانتخابات 2019، ولم يعلن الرئيس الجزائري موقفه بعد.