اليوم (15 مايو) هو ذكرى النكبة وقيام الكيان الصهيونى على أرض فلسطين.. هذا الكيان كيان إمبريالى، إحلالى، استيطانى، عنصرى، قام على أساس طرد وإبادة أهل فلسطين الأصليين بكل الطرق الممكنة بدءاً بالعنف والقمع والتهجير وانتهاءً بالقوانين العنصرية التى لا مثيل لها فى عالمنا المعاصر، وعلى الأخص منها قانونا العودة والجنسية اللذان يقننان طرد الفلسطينيين وحرمانهم من العودة إلى ديارهم ويسمحان لأى يهودى فى أى دولة فى العالم بما أسماه القانونان «العودة» والحصول على «الجنسية الإسرائيلية».
لا يزال هذا الكيان يمارس سياساته العنصرية تجاه من تبقى من الشعب الفلسطينى داخل الخط الأخضر الذين يشكلون 25? من السكان، أى 1.9 من 7.9 مليون (معاريف 25/4/2012). هذا التمييز دفع مراكز بحثية غربية وإسرائيلية إلى وصف ديمقراطية هذا الكيان بأنها «ديمقراطية إثنية»، أى لليهود فقط. هذا بجانب أن هذا الكيان هو قوة الاحتلال الوحيدة فى العالم المعاصر حسب القانون الدولى.
خطورة هذا النوع من الاستعمار أنه روج لفكرته هذه بتبريرات تاريخية ودينية هى فى معظمها أساطير صنعتها الحركة الصهيونية، كالادعاء بأن «العبرانيين القدامى هم أول من سكن فلسطين»، وأن «فلسطين أرض بلا شعب»، وأن هذه الأرض «وعدها» الله لليهود الذين هم «شعب الله المختار». كما حصل الصهاينة على قرار جائر من الأمم المتحدة (181 لعام 1947) تم بجهود أمريكية وصهيونية ومارست خلالها الدبلوماسية الأمريكية كل صنوف الخداع والتهديد والرشوة لضمان موافقة الثلثين (من مجمل 56 دولة امتنعت دولة واحدة وأيد القرار 33، ضد رفض 13 وامتناع 10 دول). كان الشعب الفلسطينى يمتلك 96? من الأرض فمنحه القرار 44.5?، بينما أعطى الصهاينة (الذين كانوا لا يمتلكون إلا 6? جاءت معظمها نتيجة عمليات اغتصاب للأرض وطرد سكانها منها) 55.5? من أرض فلسطين.
وبرغم أن هذا الكيان صار مُصدِّرا للسلاح، فإنه لا يستطيع العيش إلا بدعم الدول الكبرى بدءاً بإنجلترا وفرنسا قبل قيام الدولة وخلال العقد الأول من عمرها وانتهاءً بالدعم الأمريكى الاستراتيجى والعسكرى والاقتصادى والتجارى والسياسى والدبلوماسى والمعنوى. هذا الدعم جعل البعض يصف العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بأنها أقوى من علاقات أمريكا بإحدى ولاياتها الداخلية. وقد قدّر الاقتصادى الأمريكى توماس ستافر عام 2002 أن «إسرائيل» كلفت الولايات المتحدة نحو 1.6 تريليون دولار منذ 1973، أما جيمى كارتر فقد قدر الدعم الأمريكى بنحو 10 ملايين دولار يوميا.
لا يجب أن تنسينا ثورات الربيع العربى ما يدور على حدودنا الشرقية، ويقينى أن وجود حكومات وطنية منتخبة فى عواصمنا العربية سيتبعه، بإذن الله، ظهور سياسات خارجية عربية قادرة على إعادة الحقوق ووقف الاعتداءات.