يقول الخبر الذى نشرته «الوطن» إن السيسى يعكف على كتابة برنامجه الانتخابى، تمهيداً لطرحه بمجرد ترشحه. تقول الأسطورة إن هناك أصلاً شىء اسمه البرنامج الانتخابى يطرحه المسئول / النائب / الوزير على الناس لكى ينتخبوه ويحاسبوه عليه، وتقول الوقائع إننا شعب لا تهمه البرامج أصلاً. راجع برامج مرشحى الرئاسة السابقين لمصر فى انتخابات 2012، لتكتشف أن جميع البرامج كلام جميل، وكلام معقول، ما أقدرش أقول حاجة عنه، لكن عند التنفيذ، والتطبيق: بلّغ فرار. انسى يا عمرو كما يقولون. لا هناك نهضة، ولا هناك أى مساهمة حقيقية من أصحاب البرامج للتعاون مع الدولة أو مؤسسة الرئاسة الجديدة. ستقول لى إن مرسى لم يكن يعطى أحداً فرصة، طيب وهل نفذ مرسى أصلاً نهضته؟؟.. إذا كنت من هؤلاء الذين سيجيبون: وهو حد إدّاله فرصة؟ يبقى أرجوك، اركن على جنب ولا تكمل قراءة هذا المقال لأن ما تقوله سبب أدعى للإطاحة به.
لكن سأقول لك مثلاً.. مثلاً.. يعنى.. إن برنامج أبوإسماعيل كان فيه العديد من النقاط الجيدة، واستُبعد أبوإسماعيل من انتخابات الرئاسة، لكنه كان دائم الاتصال والتواصل مع مرسى، والإخوان وخيرت الشاطر، فلماذا لم يفعل برنامجه؟ أعود وأقول إن البرامج مجرد ديكور، حتى الآن، يستعين به المرشحون، ولا يسأل عنه الشعب، وربما استغلته المعارضة فى بعض الأحيان فى حربها التى لا تنتهى ضد أى رئيس.
ونعود أيضاً لبرنامج السيسى الذى يجب أن نسأل أنفسنا: من يكتبه؟؟ وما حدود علاقته بالقوات المسلحة؟؟.. يبدو السؤال الأخير غريباً، لكننى سأوضحه بمنتهى الصراحة. أصبحت القوات المسلحة المصرية طرفاً فى المعادلة، وذراعاً للإرادة الشعبية وقت أن تثور ضد الحاكم، ولدينا ثورتان شاهدتان على ذلك. صرفت القوات المسلحة من ميزانيتها الخاصة -التى لا يعلمها أحد مهما ادعى ذلك سوى أشخاص معدودون على أصابع اليد الواحدة- الكثير على مشروعات تنموية للبلد. دخلت بخبرائها فى تنفيذ مشروعات معطلة. قامت بما لم تعلن عنه، وربما لن تعلن عنه، اعتماداً على دور وطنى، إلى جانب شرائها وتحديثها لأسلحتها، اعتماداً على الميزانية من ناحية، والمشروعات التى يسخر منها البعض بمنتهى الجهل من ناحية أخرى، ولنعد للسؤال: ما مدى الاعتماد على القوات المسلحة، وميزانيتها، فى برنامج السيسى الذى يكتبه الآن؟؟ بمعنى.. هل يستطيع السيسى حكم مصر دون الاستعانة بإمكانات القوات المسلحة، وميزانيتها؟؟
هل يستطيع تقديم نفسه كرئيس مدنى حقيقى يعتمد على خبراء ومستشارين بعيدين كل البعد عن القوات المسلحة المصرية؟؟
أعرف طبعاً أن هناك دوراً اجتماعياً تلعبه المؤسسة العسكرية، وأعرف أن هذا الدور ليس جديداً، وأعرف أن المشير طنطاوى كان أحد الذين (نشفوا) ريق ضباط الجيش حفاظاً على ميزانية القوات المسلحة لوقت (عوزة)، وأعرف أن الجيش أصبح طرفاً فى المعادلة، لكن الاعتماد على هذا الحل (السحرى) قد يجعل السحر ينقلب على الساحر، خاصة لو تم بطريقة تستنزف موارد الجيش لصالح الدولة ونسيان التسليح، والدخول به فى دوائر اقتصادية تجعله يعانى إذا عانى البلد، رغم أن المنطق ألا يحدث ذلك أبداً. أعرف كذلك أن الجيش لديه عدد من المشروعات والمبادرات المجتمعية التى يدرسها، وعلى وشك تطبيقها، إضافة لمشاكل يدرس حلها، مثل أطفال الشوارع الذين يدرس ضمهم لدور تتبعه أو يشرف على تربيتهم وتأهيلهم بالمعنى الحرفى لكلمة تأهيل، إضافة لحل مشكلة سائقى التاكسى الأبيض وأقساطهم المتأخرة، والمساهمة فى إسقاط ديون الفلاحين وغيرها من المبادرات والمشكلات، لكن يعود السؤال: ما مدى اعتماد السيسى على الجيش فى برنامجه؟
هل سنكون أمام رئيس مدنى حقيقى أم رئيس لا يستطيع التصرف دون المؤسسة العسكرية، ومواردها، وخبرائها؟؟
عندك أيضاً فى البرنامج نقاط لها علاقة بمشاكل مزمنة فى القطاع الصحى والخدمات، والتعليم، وغيرها من الملفات الخطيرة، والتى يجب ألا يخلو منها أى برنامج، فهل يملك السيسى حلولاً واقعية وعملية يمكن أن يضخها فى برنامجه أم لا؟؟
فى رأيى أن السلاح الوحيد الذى يستطيع السيسى استخدامه لحشد معارضيه وكارهيه - وهم موجودون حتى لو لم تعترف بهم - فى صفه هو شىء واحد..
شىء اسمه: الإنجاز.
فهل يستطيع؟؟
للحديث بقية.