ورش «طَرق المعادن» بالإسكندرية.. حضر «الدق» وغاب الزبائن
«عصام» أمام ورشته فى منطقة اللبان غرب الإسكندرية
داخل شارع الجلاخانة، بمنطقة اللبان غرب الإسكندرية، يجلس الأسطى عصام الشاذلى، صاحب الـ43 عاماً، على كرسى خشبى، ممسكاً بـ«مطرقة» وأمامه قطعة نحاس مستديرة مثبتة على مدفع حديدى، ويتفنن فى طرق النحاس بضربات خفيفة ذات صوت رنان، لطمس الأجزاء المدببة، وتصنيع حلة «آيس كريم»، المهنة التى تُدعى «طرق المعادن»، وأوشكت على الانقراض.
ورث «عصام» المهنة عن والده، ومن قبله جده، الذى تعلمها من الإنجليز أثناء الاحتلال البريطانى، حيث كان الشارع يضم 60 ورشة، تبقى منها 4 فقط، والرغبة فى إحياء تراث الأجداد، دفع الأسطى «عصام» للحفاظ على الورشة، قائلاً: «المهنة اندثرت لأنها مرهقة وتحتاج لمجهود عضلى وبدنى وذهنى، وفى الوقت نفسه المقابل المادى ضعيف، والصنايعى مش عاوز يتعب نفسه».
يحكى «عصام» عن جده الذى تعلم الحرفة من أسطى إنجليزى، وامتلك الورشة منذ 100 عام تقريباً، لصناعة الألومنيوم «قِدرة فول، صوانى، حلل، طشت، كبشة، مقصوفة»، المهنة التى تأثرت كثيراً بارتفاع الأسعار: «كيلو الألومنيوم وصل لـ70 جنيهاً، وسبائك الألومنيوم المعاد تصنيعها بـ55 جنيهاً للكيلو».
10 أيام يحتاجها «عصام» لتصنيع حلة «آيس كريم»، مشيراً إلى أن كيلو النحاس للألواح ارتفع سعره ووصل إلى 300 جنيه، وحين قام بتصنيع حلة «الجيلاتى» من الألومنيوم لخفض التكلفة، تأثر الطعم، حيث إن النحاس هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على درجة الحرارة.
«فيه نوعين: نحاس مصرى، وفرنساوى مستورد، والفرق بينهم زى السماء والأرض»، يقولها «عصام»، مشيراً إلى أن أصحاب المحلات لجأوا إلى صيانة الأدوات والمعدات القديمة بسبب ارتفاع الأسعار، وأصبح فى الورشة يقوم بإعادة صيانة الألومنيوم والنحاس: «لو معملتش كدة مش هشتغل.. مفيش حد بيشترى جديد».