«فيه حماية للفقراء»..لماذا يُصر «صندوق النقد» على رفع الدعم عن الوقود؟
أرشيفية
"يجب علينا خفض دعم الوقود".. جملة أصبح المصريون يسمعونها أو يتحدثون بها يوميا منذ 2016، بالتحديد منذ إعلان الحكومة عن بدء برنامجها للإصلاح الاقتصادي، والذي شمل تعويم الجنيه، ورفع سعر الوقود، كل عام للوصول لسعر التكلفة وخفض الدعم الذي كانت تدفعه الحكومة لتوفير الوقود بسعر منخفض.
لكن هل خفض دعم الوقود يرتبط فقط بتوفير ما تدفعه الدولة؟.. أم أن هناك أسباب أخرى وراء هذا الإصرار من صندوق النقد الدولي على ضرورة عدم دعم الحكومة "أي حكومة" للوقود، سواء سولار أو بنزين.
"الوطن" تسرد هنا الأسباب الاقتصادية وغير الاقتصادية وراء هذه السياسة.
بعد الأزمة المالية العالمية سنة 2008، اجتمعت دول مجموعة العشرين G20 مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتقرر العمل على تشجيع الدول النامية لخفض الدعم المقدم للوقود الأحفوري "التقليدي" لسببين، أولهما تقليل التلوث الناتج عن الانبعاث الحراري "حماية المناخ"، والثاني توجيه صحيح للإنفاق الحكومي في الدول الناشئة واستخدام الموارد المالية لدعم الفقراء والطبقات الأكثر احتياجًا "للقضاء على الفقر المدقع".
1- إلغاء معظم دعم الوقود، الذي يستفيد من معظمه الأغنياء، والسماح بتحرك أسعار الوقود تمشيا مع التكاليف: ستؤدي هذه الإجراءات إلى حماية الميزانية من تحركات أسعار النفط العالمية، وتغيرات سعر الصرف، والحفاظ على أولويات الإنفاق اللازم للبرامج الاجتماعية والبنية التحتية الضرورية.
2- خفض دعم الوقود يؤدي بشكل مباشر إلى تخفيض استهلاك الوقود وبالتالي يقلل من حجم الانبعاثات الضارة بالصحة، والتي تتكلف الدول مليارات بسببها لعلاج مواطنيها جراء تلوث الهواء.
3- خفض دعم الوقود يعتبر من الأسباب الرئيسية لتوجه سكان الدول إلى وسائل النقل العام، وبالتالي تحل مشكلة الزحام في المدن، مما يقلل من زمن الانتقال في الشواراع الرئيسية.
4- وقف دعم الوقود التقليدي سيقلل الاستهلاك، ويشجع على استخدام وسائل النقل العام والسيارات ذات الكفاءة فى استهلاك الوقود "السيارات الكهربائية مثلًا"، مما سيقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لحماية الأرض والبيئة من التلوث.
5- حسب دراسات البنك الدولي وصندوق النقد فإن إلغاء الدعم للطاقة فيه حماية للفقراء، الذين يتحملون العبء الأكبر من العجز المالي للدولة. فالإنفاق الحكومي المستمر على دعم الوقود سيمنع استخدام إيرادات الدولة في أغراض التنمية أو تطوير البنية التحتية وتحسين خدمات الصحة والتعليم.
6- دعم الوقود یعود بفائدة أكبر علی الطبقة الغنیة وفوق المتوسطة، تستخدم أسر الأغنياء في البلدان منخفضة الدخل الوقود المدعوم بنسبة كبيرة مقارنة بالأسر الفقيرة، حيث تقتني الأسر المتوسطة والغنية عدد أكبر من السيارات مقارنة بالطبقة الفقيرة.
7- حتى إن كانت الدولة من الدولة "المصدرة للبترول" فأن تخفيض دعم الطاقة سيؤدي لتراجع الاستهلاك؛ مما يزيد من كمية صادرات النفط والغاز؛ الأمر الذي سيؤثر إيجابيا على ميزانيتها.
8- رفع الدعم عن الوقود، يعني أيضا أن الصناعات الأخرى التي لم تكن تستفيد من الدعم الحكومي ستكون أكثر قدرة على المنافسة؛ وبذلك ستزداد نسبة الطلب والإنتاج، مما يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل "على سبيل المثال: إذا تم رفع الدعم عن الوقود فإن منتجات الطاقة المتجددة التي لا تستفيد من ذلك الدعم ستكون أقل تكلفة وسيزداد الطلب عليها"، وبناءً على ما سبق فبإمكان الحكومة أن تلجأ إلى استثمار الأموال التي ادخرتها من عملية رفع الدعم عن الطاقة في قطاع التوظيف.
9- رفع الدعم عن الوقود سيقلل من عدد السيارات التي تمشي في الشوارع يوميا وبالتالي قد لا تضطر الحكومات إلى إنفاق الملايين على تطوير الشوارع وتكبيرها لاستيعاب عدد أكبر من السيارات، وبالتالي ستوفر تلك الأموال لإنفاقها على مشروعات تنموية أخرى.