افتح الصندوق
ها نحن نلتقى مجدداً بعد شهر كامل من الغياب، لم يمنعنى عنكم سوى الشديد القوى الذى حل ضيفاً كريماً على صفحات «الوطن»، ولأنه كريم فلم نشأ أن نكون أقل منه كرماً، خاصة أننا اعتدنا أن يفيض كرمه علينا ويزيد، ولذلك فقد استقر الرأى على أن نخصص له صفحتين فى الجريدة، فتأجلت الصفحات المتخصصة، ومن بينها صفحتكم، صفحة الآباء.
لا تنقطع عنى رسائلكم على مدار الشهر الكريم، تأتينى عبر البريد الإلكترونى والبريد العادى، يناولها لى موظف الاستقبال وهو يسألنى باهتمام زائد «هى الصفحة موقوفة فى رمضان؟»، أجيبه بنعم، يعود مرة أخرى «أصل الجوابات ما بتنقطعش»، أرد «معلش، هترجع تانى بعد العيد»، يصمت قليلاً وأشعر أنه يود لو عتب على ذلك، لكنه لا يفعل، فقط ينصرف بعد أن يهمس «رمضان كريم»، أتمتم بدورى «الله أكرم». ينتهى رمضان ويحل العيد فنعود لسيرتنا الأولى معكم، تكتبون وننشر ما ترسلون.
تحملنا رسائلكم على الدوام إلى ذلك العالم الرائع من الأفكار، مكتوبة كالعادة بذلك المزاج الرائق الذى أنعم الله به عليكم، مفرداتها منحوتة من خبرة سنين طويلة، فى مجالات شتى، لكل منها مذاقها المختلف، أنشرها أمامى على الطاولة فتحضر فجأة الإسكندرية والبحيرة والدقهلية والغربية والسويس وسوهاج والقاهرة إلى جوار بعضهم البعض، تتقافز الكلمات أمام عينىّ وكأنها تتصارع فيما بينها للفوز بأسبقية النشر، أود لو نشرتها جميعاً فى يوم واحد، لكنى أصطدم بواقع الحال، فأختار من بينها بصعوبة بالغة، أرسم الصفحة وأعود لطاولتى فأضم ما تبقى من رسائل وأنا أهمس لها «موعدنا الأسبوع المقبل، وليس الأربعاء ببعيد».