بعد شائعة انتحارها.. «فتاة المترو» لـ«الوطن»: «كإني في دوامة»
مترو الأنفاق
24 ساعة مرت على الحادث المفجع الذي شهدته محطة مصر، الأربعاء الماضي، قبل أن تعرف "ياسيمن"، طالبة بمعهد فني صناعي الموجود بمنطقة رمسيس، نبأ الحادث من صديقاتها.
"عرفتي اللي حصل والناس اللي ماتت واتصابت، في 3 بنات صحابنا بيركبوا كل يوم من نفس الرصيف ومجوش من ساعتها.. طيب محدش يعرف عنهم حاجة ولا كلمتوا أهلهم"، أحاديث عديدة اصطدمت بها، الخميس الماضي، الطالبة المقيمة في منطقة المنيب بالجيزة، رغم أصولها التي تعود لمحافظة سوهاج، لتقرر سريعا الانتقال للهلال الأحمر، والتبرع بالدم لصالح المصابين، عقب انتهاء محاضراتها بالمعهد.
بعد تبرع الطالبة، ذو الـ19 عاما، بالدم اتجهت لركوب مترو الأنفاق للعودة إلى منزلها، برفقة صديقتها "منار"، كعادتهما اليومية، وفي محطة "السادات" شعرت بدوار شديد، أجبرها على الإمساك بظهرها وبطنها، لتخبر صديقتها بصعوبة شديدة: "أنا مش قادرة خالص"، وفي ثوان معدودة، انفصلت تماما عن العالم الخارجي، وسقطت بجوار رصيف المترو.
لحظات بسيطة صارعت فيها "ياسمين" لاستعادة وعيها، محاولة بصعوبة الوقوف على قدميها للعودة إلى الرصيف، ولكنها جسدها الهزيل خانها، لتسقط مجددا، ولكن هذه المرة كانت بين قضبان مترو الأنفاق، وسط صراخ متواصل من صديقتها لدخول القطار المحطة، وتغيب عن الوعي، ليمر فوقها 3 عربات مترو، دون حول لها ولا قوة.
خلال الثوان التي غابت فيها الابنة الكبرى للأسرة البسيطة القاطنة بمنطقة أبو النمرس في الجيزة، عن الوعي، تعالت صياحات عدد من الركاب في محاولة منهم لإيقاف المترو، بينما قفز أحد الشباب مسرعا لمحاولة إنقاذها، وارتفعت صرخات النساء الذين ظنوا أن "ياسمين" لقت مصرعها أسفل عجلات القطار.
"صرخة حياة".. هي التي أنقذت "ياسمين" حيث التقطت أذنيها الضجيج والأحاديث من حولها، لكنها لم تقو على الرد وقتها، لينادي شاب بصوت عال: "دي عايشة.. عايشة.. وقفوا المترو"، ويسارع بالدخول أسفل القطار ليجذبها خارجا، بينما أوقف الركاب المترو بصعوبة بالغة، من خلال فتح أبواب العربات، ويحملها بعضهم إلى نقطة الإسعاف في المحطة.
عُمر جديد كُتب للطالبة، التي لم تبلغ العشرون عاما بعد، تقول لـ"الوطن"، إنها غير مدركة لما تعرضت له حتى الآن، "كأني في دوامة وكنت في عالم غير العالم، ونفسي أشوف الفيديو علشان أشوف اللي حصل"، سيطر عليها الخوف والقلق منذ ذلك الحين وجعلها تمكث في المنزل، خاطرها يدور "بفكر مروحش الجامعة تاني، ولا عمري أركب مترو".
ونفت بشدة اعتبار البعض تلك الواقعة أنها كانت "محاولة انتحار"، موضحة: "مكنتش أكلت ولا شربت أي حاجة طول اليوم، وكمان لما روحت اتبرعت تعبت أكتر ومحستش بكده إلا في المترو".
سليمان أحمد، والد "ياسمين"، سارع بالانتقال إلى محطة المترو مع أسرته، فور اتصال المتحدث باسم مترو الأنفاق أحمد عبدالهادي، به لإخباره بما تعرضت له نجلته ونجاتها، ليطمئن عليها، معتبرا أنه "اتكتبلها حياة جديدة"، مؤكدا أن الأمر لم يك انتحار على الإطلاق "مفيش حاجة تخليها تنتحر، وهي متفوقة وكويسة وعارفه ربنا"، مثمنا جهود العاملين بالمترو ورجال الشرطة والركاب الذين أنقذوا حياة ابنته.
ونفى أحمد عبدالهادي، المتحدث الرسمي لشركة مترو الأنفاق، اليوم، شائعة إقبال الطالبة ياسمين سليمان على الانتحار بمحطة مترو "السادات"، الخميس، مضيفا أنها تعرضت لحالة إغماء وفقدان وعي أسقطها بين القضبان، فيما تمكن الركاب المتواجدين على الرصيف من تنبيه قائد القطار الذي توقف على الفور، وتم فصل التيار الكهربائي وإخراجها سالمة ونقلها إلى نقطة الإسعاف بالمحطة لإفاقتها، كما بين الفيديو الذي سجلته كاميرات المراقبة بالمحطة.