فرض ضرائب على الأثرياء.. "سلاح" جديد للديموقراطيين في وجه ترامب
الرئيس الأمريكي-دونالد ترامب-صورة أرشيفية
تكتسب فكرة فرض ضرائب على الأثرياء والشركات، لتغطية تكاليف الرعاية الصحية أو مواجهة عدم المساواة، رواجا في أوساط السياسيين الديموقراطيين الأمريكيين، وبينما تحتضن الولايات المتحدة المشاريع التجارية الحرة وتعد ملاذا لأكبر عدد من أصحاب المليارات في العالم، اكتسبت مقترحات ضريبية كهذه زخما في الأوساط السياسية خلال الأسابيع الأخيرة.
وانخرط عدد من المرشحين الديموقراطيين الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية العام المقبل في حملات تدافع عن مشاريع لفرض ضرائب على الأثرياء، ومن أبرز مشجعي هؤلاء صاحبا المليارات بيل جيتس ووارن بافيت، اللذان يخشيان تنامي عدم المساواة في توزيع الثروات في الولايات المتحدة.
وكان السناتور اليساري بيرني ساندرز، عن فيرمونت، بين أوائل من ركبوا هذه الموجة، ودعا في حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016 إلى رفع ضرائب الدخل الفدرالية من أجل توفير تعليم جامعي مجاني ورعاية صحية شاملة للجميع، واقترحت السناتورة إليزابيث وارين، عن ماساتشوستس، ضريبة على الثروة بنسبة اثنين بالمئة تطاول الإيرادات البالغة 50 مليون دولار فما فوق.
بدورها، دعت السناتورة كيرستن جيليبراند،عن نيويورك، إلى رسوم على التعاملات المالية بينما يطالب ساندرز بفرض ضرائب على المواريث تصل نسبتها إلى 77 %. ومع هيمنة الديموقراطيين حاليا على مجلس النواب، تقود النائبة ألكسندريا أوكازيو كورتيز هذه الحملة إذ اقترحت فرض ضريبة بنسبة 70 % على أي دخل يتجاوز 10 ملايين دولار للمساعدة في دفع تكاليف "الاتفاق الأخضر الجديد" الذي يهدف إلى التحول لاقتصاد لا يعتمد على الكربون، وذلك في إطار مكافحة التغير المناخي إلى جانب توفير رعاية صحية شاملة للجميع وضمان التوظيف.
ومعدل الضريبة الهامشية البالغ 70 %، ليس أمرا غير مسبوق في الولايات المتحدة، لكنه كان عند هذا المستوى للمرة الاخيرة عام 1981. ويبلغ الحد الأقصى لمعدل الضريبة الهامشية حاليا 37 %، وتعد زيادة الضرائب على الشركات كذلك بين أولويات الديموقراطيين، وقد أثارت جدلا في الأونة الأخيرة على خلفية عدم دفع "أمازون" ضرائب دخل فدرالية منذ عامين.
وقوبلت هذه الدعوات بمعارضة بعض الجمهوريين، وحذر الناشط المناهض للضرائب غروفر نوركويست في يناير من استنزاف الأثرياء مشيرا إلى أن ضرائب من هذا النوع "دائما ما تتسلل إلى الأسفل لتؤثر علينا جميعا". لكن المؤرخ المتخصص في السياسة الضريبية الأمريكية جوزيف ثورندايك أشار إلى إمكان التراجع عن توجه ما بعد الحرب في خفض الضرائب، وقال "هناك شيء ما يحدث، بدأنا نقاشا بشأن مسألة لم نتطرق إليها منذ ستينات أو حتى خمسينات القرن الماضي".
وكانت المعدلات الأعلى للضريبة الهامشية في الولايات المتحدة مرتفعة كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية، فبلغ حدها الأقصى 94%. وبدأت بالانخفاض في ستينات القرن الفائت قبل أن يخفضها الرئيس رونالد ريغان بشكل إضافي في الثمانينات.
وفي أواخر العام 2017، خفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والغالبية الجمهورية في الكونغرس معدلات الضريبة على الشركات والدخل الشخصي، رغم معارضة الديموقراطيين الذين رأوا في هذه الإصلاحات الضريبية هدية للأغنياء، وأثار ترامب الملياردير غضبا واسعا لرفضه الإفصاح عن عائداته الضريبية وسط اتهامات بأن عائلته حافظت على ثروتها عبر تجنب الضرائب، وهو أمر ينفيه.
وعلق ثور ندايك: "لا مشكلة لدى الناس إذا شاهدوا الثري يزداد ثراءا ما دام أفراد الطبقة الوسطى يتحسن وضعهم، ولكن عندما تعاني الطبقة الوسطى العاملة من الركود، فان ذلك يتسبب بتوترات اجتماعية"، وقد يكون ترامب نفسه المحفز لذلك. وبينما ظهرت معظم التغيرات الرئيسية في السياسات الضريبية الأمريكية في مراحل الأزمات كالحروب أو حالات التباطؤ الاقتصادي الكبير، قد يشكل عهد ترامب غير التقليدي هزة "حادة بدرجة كافية" لإحداث تغيير، بحسب ثورندايك.
وكشف استطلاع أجرته شركة "مونينج كونسالت" أواخر الشهر الماضي لصالح موقع "بوليتيكو" أن 74% من الناخبين يفضلون عموما فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، بينما يفضل 73 % تطبيق ذلك على الشركات، وإضافة إلى ذلك، يعتقد 90 % أن عائدات ضريبية مماثلة يجب أن تغطي تكاليف الرعاية الصحية أو البنى التحتية. لكن هذه الأرقام تغطي الخلافات الكبيرة في هذا الشأن بين الجمهوريين والديموقراطيين فيما تبقى مسألة الضرائب غاية في الحساسية، بحسب محللين، وأوضح ثورندايك أنه من الصعب إقناع العامة بالتغييرات الخجولة بينما قد يؤدي خطاب بعض الديموقراطيين "المناهض للأغنياء"إلى نفور فاتر من الناخبين.
لكن استاذ العلوم السياسية في جامعة "ستانفورد" كينيث شيف، رأى أن هناك "مجموعة من الناخبين والسياسيين يحاولون الابتكار"، وأضاف "بالنسبة للانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي عام 2020، سيشكل ذلك سمة رئيسية للنقاش"