"سالت دماؤها على الأسفلت".. حكاية طفلة دهسها سائق أثناء عودتها من المدرسة بالفيوم
الضحية
ضحكاتها توقفت فجأة وسقطت علي الأرض جثة هامدة تحت عجلات سيارة ميكروباص يسير سائقها بسرعة جنونية، دماء "أسماء" سالت على حقيبتها المدرسية وهي في رحلة عودتها من مدرسة "عبد الوالي معوض الابتدائية بقرية المندرة بالفيوم التي تبعد عن قرية سكنها الكرادسة مسافة كيلو متر، بينما أصيبت زميلتها "جنى" بإصابات بالغة في ذات الحادث وترقد في غيبوبة تامة داخل المستشفى تتلقي العلاج.
الضحية أسماء محمد نادي، ابنة مزارع بسيط في عزبة عثمان أفندي، وهي أكبر أبناءه، وتبلغ من العمر 7 سنوات، وتدرس في الصف الثاني الابتدائي، بمدرسة عبد الوالي معوض، في قرية المندرة الواقعة على بُعد كيلو متر.
"ماما أنا كتبت سورة الضحى وهصلي العشاء وأنام".. بهذه الكلمات خاطبت "أسماء" والدتها "ولاء"، لتستعد ليوم دراسي تقطع فيه مسافة لا تقل 2 كيلو ذهابًا وإيابًا من المدرسة بصحبة ابنة عمتها "جنى" والتي تدرس في نفس الصف، بعد دقائق أدّت "أسماء" الصلاة، وخلدت إلى النوم الأخير في غرفتها البسيطة.
واستيقظت صباح الأحد، وتوجهت إلى المدرسة بصحبة ابنة عمتها "جنى"، وانتهى اليوم الدراسي بحلول الثانية ظهرا، وقصدتا منزليهما، تتحدث "أسماء" لـ"جنى" عن الدرجة النهائية التي حصلت عليها في مادة درس الرياضيات، وكذلك عن سورة "الضُحى" التي تلتها على مسامع معلمها وأقرانها داخل الفصل، كانت تضحك مبتسمة طوال الطريق، تمنت أن تصل المنزل وترى والدها الكادح وأمها التي تتلهف لرؤيتها وتخبرهما بالثناء الذي حصلت عليها من معلمتها بعد تلاوة القرآن وإجادتها في حل عملية حسابية، وحصولها على الدرجة النهائية "10 من 10".
أمنيات كثيرة تراود "أسماء" وكلها ضاعت على الأسفلت قبل أن تخبر والديها بما حدث، وكُتب اسمُها في تصريح دفن بدلا من شهادة تقدير، كان من المفترض أن تحصل عليها نتيجة تفوقها، وسال دمها على شنطة المدرسة ومكان الحادث، لتشعل وفاتها في قلبي والديها نيرانا لا تطفئها الأيام.
وفي الطريق من قرية المندرة إلى عزبة عثمان أفندي، تضطر الطفلتان لعبور طريق سريع، وأثناء سيرهما على جانب الطريق القادم من المندرة في اتجاه مدينة الفيوم، كان هناك سائق ميكروباص يسابق الزمان لأجل اللحاق بدوره في الموقف، ونتيجة السرعة الزائدة لم يملك السيطرة على السيارة أثناء قيامه بمفاداة سيارة أخرى واصطدم الطفلتين، وتوفت أسماء في الحال، بينما "جنى" نقلت إلى مستشفى الفيوم العام، تصارع الموت إثر إصابة بالغة في المخ، وانتهت إجراءات الدفن وحصل والدها على تصريح بالدفن.
وكان المشهد الأخير لها في مقابر الزاوية، حيث وُري جثمانها الثرى، في جنازة مهيبة بلغ تعداد المشيعين المئات من أهالي القرية والقرى المجاورة، ولم تستطع الأم "ولاء" حضور الجنازة لصدمتها.
أما السائق، فقد سلّم نفسه لمركز الشرطة، حيث تباشر النيابة التحقيقات معه في الواقعة.
وقال أحد جيران الأسرة، إن الطفلة "جنى" أصيبت بجرح غائر في المخ، وتنزف باستمرار من أذنيها، مضيفًا: "لما المحافظ راح يزورها شالوا الشاش من على رأسها ووجه برعايتها"، وطلب التدخل لنقلها إلى قصر العيني.
وأكدت أن إدارة المدرسة تقدمت بطلب لمفتش مرور الفيوم، للتنبيه على سائقي السيارات الأجرة، بعدم تجاوز السرعة المقررة حفاظا على حياة الأطفال، لكن دون جدوى.
وأشار إلى أن أهالي القرية عزبة عثمان أفندي، يطالبون بإنشاء مدرسة ابتدائية في زمام القرية، حرصا على حياة أولادهم.