خلال أيام المولد، أعلن أصحاب المقاهى المحيطة بمسجد السيدة زينب، حالة الطوارئ والاستعداد التام، افترشوا أعداداً كبيرة من الكراسى فى الخارج، ومؤشر الراديو لا يتحرك عن إذاعة القرآن الكريم لإذاعة الابتهالات والتواشيح بأصوات المنشدين القدامى ومنهم ياسين التهامى وعادل العسكرى وغيرهما، هذا النهج اتبعته المقاهى المختلفة لإرضاء رواد المولد وفى الوقت نفسه لجذب مزيد من الرواد وتحقيق مكسب من فترة انعقاد المولد.
الجالسون فى المقاهى ينتمون إلى ثقافات وأعمار مختلفة، الكبير والصغير، الهائم والسارح، الزائر والبايت، الغنى والفقير، الساكت والذى يتمايل جسده بلا توقف.. كما لا تتوقف حركة العاملين.
«شى لله يا أم هاشم»، جملة يرددها لطفى صابر إبراهيم، من السيدة زينب، عامل فى مقهى، كلما نزّل المشاريب لأحد الرواد، يفرح بتنوع الزبائن: «المولد بيشغل الدنيا، وقاعد عندى ناس من أسيوط، سوهاج، قنا، والمنيا».. وكوب الشاى بـ3 جنيهات، وحجر الشيشة بنفس السعر: «لكن فيه ناس غلابة، بنبيع لهم بـ 2 جنيه، وبيبقى رضا أوى».
"لطفى": المقهى مفتوح 24 ساعة لخدمة زوار آل البيت
لا يتم إغلاق المقهى، طوال الـ 24 ساعة، وهو أمر بقدر ما هو مرهق، إلا أنه مفرح للعمال وأصحاب المقاهى، ليس بسبب الرزق الداخل لهم فقط، ولكن بسبب الحالة المختلفة التى يعيشون فيها مع المسافرين للمولد، يسمعون معاً ياسين التهامى، العسكرى، ويتحاكون مع الرواد ويتابعون حركاتهم: «بحب المولد، ومستنى ياسين التهامى ييجى لأنى بشتغل وأنا بسمع، وأحلى حاجة فى لمة المولد، الناس الطيبة والروح الحلوة».
يمسك كريم زيدان، صينية تحمل أكواب الشاى، وعلى الرغم من سرعة حركته، فإن العمال فى المقهى يستعجلونه: «بنحاول نبقى أسرع فى الحركة لأن العدد كبير جداً، ومش ملاحقين»، زبائن المقهى من جميع المحافظات، والمشروب الأساسى هو الشاى، والأسعار كما هى، لا تنقص ولا تقل، لا تزيد عن 3 جنيهات: «بصراحة رغم الزحمة، بحب أشتغل وأنا بسمع التهامى وعربى فرحات، بيعملوا جو، وبيدونى طاقة». لم يتمالك عبدالله السيد نفسه، وقام من على كرسيه داخل المقهى، ليتمايل جسده مع صوت الابتهالات، يفصل تماماً ويروح إلى عالم آخر.
جاء عبدالله من الشرقية، منذ 4 أيام، والمقهى هى جلسته المفضلة: «ناس كويسة، والدنيا كويسة وربنا يخلى مصر، أنا بحس أن جسمى بيتكهرب كله، شى لله يا أم هاشم». كأن الشيشة إجبارية، الدخان يتطاير من أنوف أصحاب الجلباب، ينطلق فى الهواء فيضفى على الجو غموضاً، فى بعض الأحيان، يتوقف أشرف الصعيدى عامل فى مقهى، يختلس لحظات ليهز جسده مع لحن الابتهالات.
يصدح من المقهى صوت عادل العسكرى، وهو ما يشد من عزيمة «أشرف» أثناء حركته لتقديم الطلبات: «سرّه باتع، وبيجيلنا رزق الدنيا كلها، وكمان بحب أشغّل التهامى».
تعليقات الفيسبوك