تعانى المرأة فى مصر الظلم والتمييز بصور مركبة نتيجة الفساد السياسى والتشوهات الثقافية، وبالنظر إلى الدول التى مرت بمراحل انتقالية نجدها لم تكتف بكلمات إنشائية حول المساواة فى دساتيرها، وإنما سعت إلى أن تعكس ذلك بصياغات واضحة لا تحتمل التأويل والتفسير، وتعد أفضل الصياغات «الرجال والنساء متساوون أمام القانون»، وهناك مجالات معينة حرص كثير من الدساتير على اتخاذ تدابير أساسية فيها لتحقيق المساوة فعليا مثل المشاركة السياسية للمرأة التى ظلت فى كثير من الدول حبرا على ورق، وليس أدل على ذلك من النموذج المصرى الذى حصلت فيه المرأة على الحق فى المشاركة السياسية منذ قرابة ستين عاما، ومشاركة النساء دائما أقرب إلى العدم؛ لذا اتخذت ما يقرب من 108 دول نظام الكوتا، ونص الكثير عليها فى دستورها، ومن اللافت للنظر أن حتى الدستور الأفغانى الجديد (ما بعد طالبان) يضمن تمثيل المرأة بنسبة 26% فى البرلمان، وثلث المعينين فى مجلس الشيوخ.
ولأن الدساتير تضع الأساس لحياة أفضل للمواطنين، تضمن العديد منها قضايا تفصيلية مثل: الحق فى الأجر المتساوى عن العمل دون أى تمييز، تجريم العنف المنزلى، الاهتمام بالمرأة المعيلة، التعامل مع الحمل كقضية اجتماعية للحفاظ على المستقبل تتحمل مسئوليته الدولة وتقدم للنساء كل المساعدات والدعم وتجرم التمييز على أساسه.
ونتيجة الميراث الثقيل من التمييز ضد المرأة فى العمل نص كثير من الدساتير على اتخاذ تدابير إيجابية وتعاقب على التمييز، وتنشئ لجانا لضمان تكافؤ الفرص، وهو ما قامت به العديد من الدول التى مرت بمراحل انتقالية حتى تنتقل من الأزمة إلى النهضة، الأمر الذى دعا بعض الدول المتقدمة لانتهاج نفس المسلك مثل ألمانيا؛ حيث قامت بتعديل فى القانون الألمانى الأساسى لعام 1994 للمادتين 2 و3 لتنص على: «يجب على الدولة أن تشجع على التنفيذ الفعلى للحقوق المتساوية للنساء والرجال، واتخاذ خطوات للقضاء على السلبيات الموجودة الآن».
من ذلك يمكننا أن نستخلص مدى احتياجنا لنصوص دستورية تكفل المساواة بين الرجل والمرأة فى الدستور المصرى الجديد وحتى نتفادى أخطاء الماضى ونحقق النهضة نؤكد بعض النقاط التى تجب مراعاتها، من حيث الصياغة نجد استخدام اللفظ (الرجل والمرأة - المواطنين والمواطنات) أكثر دقة ووضوحاً، كما أنه يؤكد مراعاة المساواة وأن الحقوق الدستورية ليست موجهة للرجال فقط، ومن حيث المحتوى، ضرورة النص على أن الرجال والنساء متساوون أمام القانون، أيضا النص على بعض التدابير والإجراءات الإيجابية التى يجب أن تتخذ من قبل الحكومة لتدعيم وتأكيد المساواة بين الرجل والمرأة فى كل مجالات الحياة، وذلك لمعالجة التشوهات الثقافية والتشريعية التى تميز ضد المرأة والتى توارثتها أجيال، مثل النص على أن تمثل على الأقل بنسبة 30% فى كل مواقع صنع القرار والمجالس المنتخبة مثل البرلمان والمجالس المحلية ومجالس النقابات والاتحادات وغيرها ضرورة النص على بعض القضايا التفصيلية مثل الحق فى المأوى والمسكن، فهذا النص مهم جداً للنساء اللاتى يجدن أنفسهن بلا مسكن أو بلا مأوى بعد غياب العائل، سواء بالطلاق أو الوفاة أو الهجر، أخيرا النص صراحة على تجريم التمييز بين كل فئات المجتمع، خاصة بين الرجل والمرأة.