مبادرة الصين تفتح آفاق التعاون بين قناة السويس وميناء جوادر الباكستاني
خريطة الحزام والطريق
رغم الأهمية التاريخية لقناة السويس واحتلالها لمكانة كبيرة في خريطة طرق التجارة العالمية منذ أن افتتحت القناة للملاحة أول مرة في 17 نوفمبر 1869، هناك العديد من المشروعات والمبادرات العالمية للربط بين قارتي آسيا وأوروبا بريا، ظهرت معها توقعات بتأثر نصيب القناة من إجمالي التجارة العالمية.
وبالرغم من امتلاك مبادرة الحزام والطريق الصينية لآفاق واسعة لربط التجارة البرية بين آسيا وأوروبا، عبر قطارات البضائع بين الصين وأوروبا، إلا أنه تبقى التجارة البحرية هي أكثر وسائل التجارة سهولة وأقل تعرض للتقلبات والعوامل الجيوسياسية، مما يجعل مشروع طريق الحرير البحري، هو قلب مبادرة الحزام والطريق الصينية أو مبادرة طريق الحرير الجديد بشقيها البري والبحري.
وتمثل التوسعات الراهنة في شبكة الموانيء العالمية والمناطق الاقتصادية الخاصة المرتبطة بها، والواقعة في جنوب آسيا ومنطقة الخليج العربي ومنطقة القرن الأفريقي بالإضافة إلى المنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس التي تعد واحدة من أهم المناطق الاقتصادية بالعالم، هي الرهان الأقوى على المستقبل المشرق لقناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، وخاصة في ضوء انفاق الصين عشرات المليارات على مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، الذي تعد تمثل حلقة وصل بين الصين وغرب آسيا وصولا إلى منطقة الخليج ومصر وشرق أفريقيا، ومرورا بقناة السويس حتى شمال أفريقيا وأوروبا.
جوادر الذي يبعد فقط 380 كم من سلطنة عمان، يمثل بوابة الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، ثاني أكبر معلم على الصداقة بين باكستان والصين بعد طريق قراقرم السريع الذي يربط باكستان والصين، وهو قلب المشروع الاقتصادي المشترك بين البلدين الذي يمثل المحور الرئيسي في مبادرة الحزام والطريق والذي أتاح شراكة استراتيجية بين بكين وإسلام أباد، وسوف يربط مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إقليم شينجيانج الصيني بميناء جوادر على ساحل مكران غرب كراتشي.
وقال تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن مع استثماراتها المتزايدة في مشروعات البنية التحتية في باكستان والزيادة في عدد مواطنيها المتواجدين على الأراضي الباكستانية، سوف تمتلك الصين حصة أكبر في السلام والاستقرار الإقليمي وقد تلعب دورًا إيجابيًا للمساعدة في حل الأزمات المستقبلية.
ويشمل الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني بنية تحتية للنقل، وخطوط أنابيب نفط، ومحطات كهرباء، ومناطق صناعية بنفقات رأسمالية تقترب من 60 مليار دولار.
ومن المخطط إنشاء معمل تكرير نفط بالقرب من جوادر بقيمة 2 مليار دولار، وتقوم شركة الصين القابضة للموانئ الخارجية بتطوير الميناء، الذي استأجرته الصين من الحكومة الباكستانية لمدة تصل إلى 40 عامًا في 2017.
وقال خان إن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني "سيباك" (CPEC) وهو مشروع تحويلي، سيلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاتصال بين ميناء جوادار الباكستانية ومنطقة شينجيانج الصينية، وذلك أثناء حديثه في المائدة المستديرة للقادة المشاركة في المنتدى الثاني للحزام والطرق من أجل التعاون الدولي الذي يعقد في الصين.
وأكد رئيس الوزراء على الأهمية الحيوية لزيادة الاتصال بين الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق BRI، واقترح أربعة مجالات محددة للتركيز بشكل خاص بما في ذلك الاتصال الرقمي، وحركة العمل، والاتصال الثقافي، وتبادل أفضل الممارسات في المعرفة والابتكار، كما اقترح عمران خان إنشاء ممر خاص بمبادرة الحزام والطريق معني بالسياحة لتحسين مهارات العمل والتنقل وإنشاء منصات رقمية متعددة اللغات. وقد تحدث في المائدة المستديرة للقادة عدد كبير من القادة المشاركين، من بينهم روسيا ومصر وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتشيلي وإثيوبيا وجيبوتي وسنغافورة وميانمار وإيطاليا والمجر وسنغافورة واليونان.
والتقى نائب الرئيس الصيني وانج تشي شان، رئيس وزراء باكستان عمران خان الذي حضر منتدى الحزام والطريق الثاني للتعاون الدولي في بكين، وقال وانج إنه مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، بوصفه مشروعا رائدا كبيرا في مبادرة الحزام والطريق، حقق نتائج مهمة مبكرة.
ودعا وانج، الجانبين إلى مواصلة تنفيذ التوافق الذي توصل إليه زعيما الدولتين وتعزيز التعاون في كل المناحي وتدعيم التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارتين وجعل العلاقات الصينية- الباكستانية أكثر عمقا وتحقيقا للنتائج في العصر الجديد، وقال عمران خان، إن باكستان مستعدة للعمل مع الصين بشأن تطوير الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني ورفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد، وقال الرئيس الصيني شى جين بينج، إن مبادرة الحزام والطريق تهدف إلى التواصل وتعميق التعاون والجهود المشتركة، من أجل التصدى للتحديات والمخاطر التي تواجه البشرية وتحقيق المنفعة للجميع.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني إنه يتعين علينا بذل جهود مشتركة للتخفيف من الآثار الضارة لتغير المناخ، وإنشاء ممرات سياحية لـ مبادرة الحزام والطريق لتشجيع العلاقات بين الشعوب وتعزيز التفاهم بين الثقافات، وأكد على ضرورة انشاء عدة آليات للتعاون مثل مكتب لمكافحة الفساد، وصندوق لتخفيف وطأة الفقر، والعمل ضمن جهود منسقة لزيادة تحرير التجارة وتدفقات الاستثمار المشجعة للقطاع الخاص والشركات للتعاون في المشاريع التنموية المشتركة، وذلك خلال لقاءه مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد.
وخلال لقاءه بنظيره الباكستاني شاه محمود قريشي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أكد وزير الخارجية، سامح شكري، اهتمام مصر بتنسيق التعاون بين ميناء جوادر الباكستاني وقناة السويس في إطار مشروعات الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني "CPEC"، ضمن مبادرة طريق الحرير الصينية، فضلا عن قيام رجال الأعمال الباكستانيين باستكشاف الفرص الاستثمارية الضخمة المتاحة بمحور تنمية قناة السويس.
وبالتزامن مع هذه المباحثات التي عقدت في نيويورك، شهدت القاهرة في هذا التوقيت قمة اقتصادية مصرية- باكستانية تحت عنوان "قمة الحوار والتجارة: بناء شراكة من أجل التحول التجاري"، احتفالا بمرور 70 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أكد الجانب الباكستاني أنه نظرا للموقع الجغرافي الفريد والإمكانيات الاقتصادية العظيمة، من المتوقع أن تحقق مصر وباكستان أقصى استفادة من المبادرة، مؤكدا أهمية التعاون بين ميناء جوادر وقناة السويس ومنطقتهما الاقتصادية.
وتعد مصر وباكستان من الدول المصدقة على اتفاقية التجارة التفضيلية لمنظمة التعاون الإسلامي والتي تضم 57 دولة، فضلا عن كونهما ضمن مجموعة الثماني الاسلامية النامية D8.