حكاية إفّيه| «وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا.. كدهو»
سعاد حسنى فى لقطة من فيلم «خلى بالك من زوزو»
تعيش «زوزو» حياة شديدة الازدواجية، فى الصباح تذهب للجامعة، حيث تدرس بكلية الآداب، وتحصل على «تاج الفتاة المثالية»، وفى المساء ترقص فى الأفراح الشعبية، لتساعد والدتها العالمة الشهيرة «نعيمة ألماظية»، تُبدى «زوزو» نفورها من عالم الرقص، فلا تحلم إلا بالحصول على شهادتها الجامعية «اضرب بلانص، وآخد الليسانس»، باعتبار الشهادة «بر الأمان» بالنسبة لها، فى حين يرى «شلبى»، زوج والدتها، أن الأمان هو «الفلوس.. والعربية المرسيدس، والعمارة وفوقيها الروف»، وكل ذلك لن يتحقق من وجهة نظره إلا باشتغال «زوزو» فى «كباريهات شارع الهرم». يأتى الصدام بالطبع بين العقليتين، عقلية قديمة بالية عفا عليها الزمن، مثلما عفا على العوالم وصنعتهن، وعقلية حديثة متفتحة، ترسم لنفسها مستقبلاً مختلفاً، تعلو فيه إرادتها على كل ما عداها «وما نيل المطالب بالتمنى، ولكن تؤخذ الدنيا.. كدهو».. تقولها «زوزو» وهى تضم كف يدها كمن يقبض على شىء فى الفراغ، ويخطفه بسرعة، قبل أن يسبقه إليه أحد، غير أن الأفكار القديمة تحاصرها، فيعرف زملاؤها فى الجامعة ما كانت تخفيه عنهم، لينقسموا بعدها إلى فريقين: فريق «رجعى»، يطالب بـ«تطهير الجامعة»، وفريق «تقدّمى» يؤكد أن الدنيا تغيّرت»، تنتصر «زوزو» حين تقرر أن تعيش على طريقتها، معطية ظهرها لكل الأفكار العقيمة، التى تجاوزها الواقع.
عن قصة حقيقية، أخرج حسن الإمام رائعته «خلّى بالك من زوزو» عام 1972، ووضع لها السيناريو والحوار شاعر العامية الكبير صلاح جاهين، ولعب أدوار البطولة فيها سعاد حسنى وحسين فهمى، ورغم كل السنوات التى مرت على خروج الفيلم للنور، ما زال الناس يتذكرونه كما يتذكرون أكثر مشاهده إحراجاً، حين وافقت تحية كاريوكا، أسطورة الرقص الشرقى قديماً، أن ترقص فى أحد مشاهد الفيلم، بعد أن ثقل وزنها، وتقدّم بها العمر، فيما تنفجر حولها أغنية صاخبة بدت وكأنها موجّهة إليها شخصياً، لا كجزء من أحداث العمل السينمائى، تنعتها بأنها «تخينة وفشلّة».