أحمد المسلماني يكتب : عند خط العرض 22 درجة.. زيارة إلى سطح القمر
![أحمد المسلماني يكتب : عند خط العرض 22 درجة.. زيارة إلى سطح القمر](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/130519_660_1044844_1396127080599968_1068931968_n.jpg)
قال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية: إن هناك خريطة سهلة للتنمية في حلايب والشلاتين: الجبال وفيها الثروة المعدنية، المياه وفيها الثروة السمكية.. وبينهما السهول وفيها الزراعة، والأراضي المجاورة وفيها الصناعة، والشواطئ وفيها السياحة.
وشبّه مستشار الرئيس الجزر الصغيرة المجاورة لشاطئ حلايب والشلاتين بأنها "مالديف جديدة".. حيث أنها تفوق بمياهها الخضراء والزرقاء جمال الجزر الشهيرة في المحيط الهندي.
وأضاف المسلماني: إن الأراضي المنبسطة في حلايب وشلاتين باهرة وآسِرة .. تشعر هناك وكأنك تتحرك على ممر للطائرات، أو كأنك تمشي على ملعب لكرة القدم.. وإن هبوط القليل من المطر يحوَّل تلك المساحة إلى مساحة شاسعة من اللون الأخضر تبدو وكأنها أكبر ملعب جولف في العالم.
جاء ذلك في مقال كتبه أحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية لوكالة أنباء الشرق الأوسط بعنوان "عند خط العرض 22 درجة.. زيارة إلى سطح القمر".. وفيما يلي نص المقال:
حكى لي الدكتور "عصام حجي" المستشار العلمي لرئيس الجمهورية الكثير عن تكوينات الكواكب داخل وخارج المجموعة الشمسية.. وعن جيولوجيا المريخ وجغرافيا المشترى.
ولقد تذكرت أحاديث عالِم وكالة ناسا أثناء زيارتي إلى حلايب وشلاتين في جنوب محافظة البحر الأحمر.. حيث بدَتْ لي الرحلة في أحيان كثيرة وكأنها زيارة إلى سطح القمر!
تشرفتُ بتكليفي من قِبَل الرئيس عدلي منصور لزيارة جنوب محافظة البحر الأحمر لإعداد تقرير أوّلي حول آفاق التنمية في حلايب وشلاتين.
صادفَ التكليف الرئاسي هوىً راسخًا في داخلي نحو عالَم الطبيعة.. الجبال والسهول .. الوديان والبحار.
قطعتُ المسافة من القاهرة إلى مطار "برنيس" العسكري في قرابة الساعتين ثم كانت الحركة بالسيارات على مدى يومين حتى العودة إلى المطار العسكري من جديد. وكان السادة الصحفيون الذين رافقوني في الزيارة قد بذلوا جهدًا أكبر حيث قطعوا المسافة بالسيارات في المدة ذاتها مجيئًا من مطار مرسى علم، وعودةً عبر مطار الغردقة.
كانت الرحلة ممتعة للغاية.. كلُّ ما رأيْنا يسرُّ الناظرين.. ومن الشمال إلى الجنوب يتوسط الطريق الذي قام الجيش بتجهيزه.. ذلك السهل الساحلي ، حتى يصل إلى النقطة الحدودية "رأس حَدَرْبَه" على دائرة عرض 22 درجة شمالاً، في مساحة تزيدُ على ضعف مساحة لبنان.. أو ثلثيْ مملكة بلجيكا.
إلى اليمين (الغرب) ترى أرضًا منبسطة تنتهي بسلسلة جبال أخَّاذَة.. وقد أدهشني انبساط الأرض طيلة ساحل البحر الأحمر.. إنه يُذكرني بما نقوم به في بلدتنا في ريف بسيون محافظة الغربية من "تزحيف الأرض"، بحيث تبدو الأرض بعد "تزحيفها" مساحة مستوية على نحو مثالي دون صعود أو هبوط ودون تعرج واحد.. وهكذا هى طبيعة الأرض – كل الأرض – في تلك المنطقة المدهشة.. كأنك تتحرك على ممّر للطائرات، أو كأنك تمشي على ملعب لكرة القدم!
وإلى اليسار (الشرق) تجد الروعة ذاتها حتى تنتهي إلى مياه البحر الأكثر جمالاً في العالم.
إن جغرافيا حلايب وشلاتين وأبو رماد جميلة وسهلة على هذا النحو.. (سلسلة جبال- أراض منبسطة – طريق – أراض منبسطة – بحر).. وهكذا تبدو أيضًا خريطة التنمية بالسهولة ذاتها: ثروة معدنية في الجبال، وأراض زراعية بعد الجبال وحتى الطريق، ثم مناطق سياحية وسكنية وخدمية وصناعية بعد الطريق، ثم السياحة والصيد في مياه البحر الأحمر.
إن جبال البحر الأحمر غنية للغاية بالذهب والفضة والحديد ، كما أنها غنية باليورانيوم والبترول.. وعلى قدر ما تمثل هذه الثروة المعدنية من فرصٍ هائلة، إلا أنها قد تكون سببًا في أطماعٍ وضغوط.
وقد أسست الحكومة "شركة الشلاتين للذهب".. وحدثني وزير البترول السابق "أسامة كمال" وخبراء آخرون عن آفاقٍ مشرقة للثروة المعدنية في هذه الجبال.
وأما الوديان والسهل الملاصق لسلسلة الجبال فهى أراضٍ صالحة للزراعة.. تحتاج فقط إلى المياه التي يمكن أن تأتي من الآبار أو عبْر احتجاز مياه السيول عبر سدود تحمي وتخزِّن.
وقد أبلغني شباب حلايب وشلاتين أن هبوط القليل من المطر يحوِّل ثلث المساحة إلى أراضٍ خضراء آسِرة.. بحيث تبدو وكأنها أكبر ملعب جولف في العالم.
إن الأراضي الواقعة على البحر الأحمر هى الأجمل في كل سواحل البحر الأحمر والمتوسط معًا.. وقد زرتُ بعضًا من شواطئ شمال وجنوب المتوسط.. وأكاد أقطع أن سواحل جنوب البحر الأحمر هى الأكثر جمالاً وبهاءً.
إنها سواحل متعرجة داخل البحر.. وهناك الكثير من الحواجز المرجانية ترى انكسار الموج فوقها وأنت تتطلّع إليها من الشاطئ.. وقد أدت هذه التعرجات المائية والخلجان الصغيرة وكاسِر الأمواج المرجاني.. إلى استواء وهدوء المياه بحيث تبدو وكأنها "حمام سباحة عملاق" في مدخل البحر!
إن ما يزيدُ الأمر إبهارًا.. هو ذلك الأرخبيل من الجزر الصغيرة القريبة من الشاطئ.. إنها حقًا "مالديف جديدة".. جزر ساحرة.. ومياه خضراء وزرقاء على نحو يفوقُ جمالاً جزر المحيط الهندي.
الأمر – مرة أخرى – بسيط للغاية.. فقط قرى سياحية متصلة بالجزر عبر مراكب سياحية.. وإذا ما أخذنا في الاعتبار المكانة العالمية التي حظيت بها منتجعات شرم الشيخ والغردقة.. يمكن لمنتجعات حلايب وشلاتين أن تتفوق.. وأن يجري تصنيفها في سنوات محدودة ضمن أجمال المنتجعات في العالم.
إن الصيد البحري له مستقبل عظيم في ذلك الساحل الساحر.. فالأسماك أكثر تنوعًا ووفرة.. ونسبة التلوث تساوي صفر.. وإذا ما تأسس "أسطول صيد جنوب البحر الأحمر" وتأسست معه مصانع ومرافق.. يمكن لمصر أن تحل جانبًا من أزمة الغذاء.. وأن تكون الأسماك والمأكولات البحرية من بين الصادرات الأساسية لبلادنا.
هى خريطة تنمية سهلة إذاً: الجبال وفيها الثروة المعدنية، المياه وفيها الثروة السمكية.. وبينهما السهول وفيها الزراعة، والأراضي المجاورة وفيها الصناعة، والشواطئ وفيها السياحة.. ما الذي نحتاجه إذًا؟.. الإجابة: لا نحتاج سوى أن نبدأ.
إن أهالينا في حلايب وشلاتين وأبو رماد يملكون تلك الرؤية للتنمية، وقد سمعتُ ذلك من السادة شيوخ وعواقل القبائل المصرية هناك، كما سمعتُه من الشباب والمثقفين الذين يريدون لمنطقتهم أن تكون جزءًا أساسيًا من خريطة التنيمة الوطنية.. وأن تكون حاضرةً في بناء اقتصاديات الجمهورية الجديدة.
ولقد كانت سعادتي غامرة وأنا أرى مواكِب الجِمال التي جاءت للتحيّة وهى تحمل عَلَم مصر.. وتسير في مواكب بهيجة وبديعة.. وهو ما أثار شهيّة مصوري الصحافة الذين تنافسوا للحصول على لقطات نادرة لهذه الطريقة الفريدة في الاحتفال والاستقبال.
كما كان تأثُري بالغًا.. وأنا استمع إلى كلمات شيوخ وعواقل القبائل الذين أبدوا قوةً وحسمًا في مواصلة الحرب ضد الإرهاب، وتأييدًا صادقًا للجيش المصري الذي يحمي الوجود والحدود.
كما أن قيام السادة المشايخ بمنحي "سيف القوة" إهداءً بمناسبة الزيارة وتلك الكلمات الرقيقة التي واكبت تسليمي السيف ستبقى دومًا موضع فخر واعتزاز لي.. سأتذكرها دومًا بكل التقدير.
لقد شملت زيارتي إلى جنوب محافظة البحر الأحمر افتتاحًا لفرع جمعية الأورمان الخيرية في الشلاتين، ومؤتمرا صحفيا على هامش الافتتاح، ثم زيارة إلى حلايب ومؤتمرا صحفيا بحضور شيوخ وعواقل وشباب القبائل، ثم زيارة إلى أبو رماد، ثم زيارةً ومؤتمرًا صحفيًا في الشلاتين بحضور عدد كبير من أبناء المنطقة يتصدرهم الشيوخ والعواقل، وبحضور القيادات المحلية لمحافظة البحر الأحمر.
وعبْر هذه الرحلة الكثيفة.. كان الشعور السائد لدىّ ولدى من قابلت من السادة الصحفيين الذين قاموا بتغطية الزيارة يتلخص في كلمة واحدة: الأمل.