الوجه الآخر لرئيس "مدغشقر".. رجل أعمال اقتحم السياسة لحماية مصالحه
رئيس مدغشقر
حضوره في مدرجات استاد الإسكندرية لتشجيع منتخب بلاده في مشاركته الأولى في تاريخ كأس الأمم الأفريقية، جعلت الأنظار تلتفت نحو الرجل الأربعيني، الذي لا يرتدي رابطة العنق، ويتحرك في حيوية ونشاط، ويتفاعل بحماس في تشجيع منتخب بلاده، ليعيد للأذهان مشهد رئيسة كرواتيا في مدرجات كأس العالم في روسيا 2018، ولكن المظهر، الذي ظهر به الرئيس المدغشقري اندريه راجولينا، يخفي ورائه وجه آخر.
مسيرة "أندريه راجولينا"، المولود في 30 مايو 1974، مليئة بالتقلبات والمفاجآت على مدار حياته، حيث ترعرع وسط عائلة ثرية نسبيا، وكان رجلا عصاميا فبالرغم من مقدرة أسرته على تحمل جميع مصاريفه، إلا أنه بعد حصوله على شهادة البكالوريا قرر التخلي عن الدراسة ليتجه إلى عالم الأعمال.
بدأ أندريه حياته المهنية في مجال الحفلات والمناسبات كدي جي، حيث كان يقوم بتنظيم الحفلات وخاصة حفلات الموسيقى، حيث كان مولعا بالموسيقى منذ صغره، فأسس شركة إنتاج للمناسبات تدعى "شو بيزنيس" عام 1993م، وبسبب علاقات أبيه ومعرفة أندريه للحياة الليلية في أنتاناناريغو من العوامل التي أدت إلى نجاح الشركة بشكل كبير، فبحلول العام التالي وتثبيت قدم الشركة واشتهارها بين الشباب في تنظيم الحفلات نظمت الشركة الحفل السنوي "لايف" يجمع الفنانين الموسيقيين الأجانب والملاغاشيين، بحسب ما ذكره موقع "أفريكا توريزم" المهتم بشؤون السياحة العالمية.
دخول أندريه في عالم الميديا وجه آخر يتضح لـ"راجولينا" بدأ منذ عام 1999، حينما أسس ذلك الرجل، البالغ من العمر 45 عاما، شركة "انجيت"، شركة للاعلان والطباعة الرقمية، نمت الشركة بسرعة وعُرفت في جميع أنحاء العاصمة فكانت هذه الشركة هي أول من جعلت تقنية الطباعة الرقمية موجودة في جزيرة مدغشقر.
توسع "راجولينا" في مجال الإعلام، بدأ مع زواجه عام 2000، حيث استثمر والدا زوجته في شركته وسمحا له بالحصول على شركة الإعلانات "دومابوب" عام 2001، بعد أن كانت هذه الشركة تنافسه، وعمل الزوجان على إدارة شركات العائلتين، ما تسبب في حصوله على لقب أفضل رجل أعمال في مدغشقر من قبَل البنك الفرنسي عام 2003.
"راجولينا" بدا كرجل أعلام من طراز رفيع حينما قام، في مايو 2007 بشراء محطات تليفزيونية وإذاعية من رافينالا والتي أطلق عليها اسم "فيفا تي في " و "فيفا اف ام".
لم يكن "راجولينا" ينوي الدخول في السياسة ولا أن يصبح شخصية محورية بها، لكنه سلك هذا الطريق بعد اعتراض البعض لأعماله، حيث أعاقت سياسات " تي أي ام"، حزب الرئيس السابق رافالومانانا، توسيع نطاق أنشطته التجارية ليرد الشاب الطموح بإنشاء حزب رسمي أسماه" "تي جي في"، وتعني الشباب الملغاشي المصمم، وترشح حينها لانتخابات عمدة أنتاناناريفو، وفاز أندريه بهذا المنصب وتفاجأ البعض من ذلك، وفقا لـ"بي بي سي".
مرحلة الازدهار السياسي لـ"راجولينا" بدأت مع حلول عام 2009، حينما قاد سلسلة من التجمعات السياسية في وسط مدينة أنتاناناريفو، حيث عبر عن الإحباط الذي أحدثته سياسات رئيس بلاده، وقتها، "رافالومانانا"، لا سيما بين المهمشين اقتصاديًا وأعضاء المعارضة السياسية.
استخدم راجولينا القنوات الإعلامية التي قد سبق واشتراها كمنافذ لنقد إدارة رافالومانانا، وسرعان ما حول صورته العامة إلى صورة زعيم معارض، في 31 يناير 2009، أعلن راجولينا أنه مسؤول عن شؤون البلاد، معلناً: "بما أن الرئيس والحكومة لم يتحملوا مسؤولياتهم، فإني أعلن بالتالي أنني سأدير كل الشؤون الوطنية اعتبارًا من اليوم".
وأضاف أن طلب الرئيس رافالومانانا بالاستقالة رسميًا سيتم تقديمه قريبًا إلى برلمان مدغشقر، بحسب ما ذكره موقع "فرانس 24" الإخباري.
تولي "راجولينا" لرئاسة دولة "مدغشقر" جاء بعد مراحل عديدة من الشد والجذب بين أنصاره مع نظام رئيس البلاد، وقتها "رافالومانانا"، امتدت لوقوع حرب أهلية لم ينهها سوى تدخل جيش البلاد الذي اقتحم القصر، في مارس 2009، ليجبر الرئيس على ترك مقعد الرئاسة وتسليم السلطة لـ"راجولينا" الذي أدى اليمين خلال حفل تنصيبه الذي جرى في أكبر ملاعب البلاد بأنتناناريفو بحضور نحو 40 ألفا من أنصاره.