بعد تحويله لـ"العباسية".. أهالى كفر الشيخ عن الطبيب المزيف: "خفّينا على علاجه"
المبنى الذى كانت به «عيادة» المتهم
فى برج سكنى كبير مكون من 12 طابقاً، تختفى واجهته خلف لافتات الأطباء فى مختلف التخصصات، تقع عيادة طبيب المخ والأعصاب للطبيب المزيف «حسام عيسى».. على بابها آثار اللافتة التى بادرت الشرطة بنزعها عقب القبض عليه بتهمة التزوير فى أوراق رسمية وانتحال صفة طبيب وإدارة منشأة طبية دون ترخيص، وعقب تداول القضية، قررت محكمة جنايات كفر الشيخ، فى جلستها المنعقدة مساء أمس الأول، إحالته إلى مستشفى الصحة النفسية بالعباسية لمدة 45 يوماً، لبيان مدى سلامة قواه العقلية وإدراكه للجرم الذى ارتكبه.
فتح عيادة مخ وأعصاب منذ 8 سنوات بعد فصله من كلية الطب
أوراق القضية بيّنت أن المتهم مقيم بمدينة كفر الشيخ، مارس مهنة الطب فى تخصص أمراض المخ والأعصاب دون ترخيص لمدة 8 سنوات، بعد فصله من الفرقة الثانية بكلية الطب، وتبين للمحكمة أثناء نظر جلسة محاكمته تعرضه لحالة من الاهتزاز النفسى، ما دعا هيئة المحكمة لاتخاذ قرار لإيداعه مستشفى الصحة النفسية.
«الوطن» التقت عدداً من الأهالى بحى سخا، للتعرف على تفاصيل القضية من زاوية أخرى، حيث قال عبدالرحمن محمد الحلوانى، من سكان الحى، إنه يتردد على المقهى الكائن أسفل عيادة الطبيب المزيف بصورة شبه دائمة، وذات يوم فوجئوا بقوات الشرطة تلقى القبض على الطبيب، بتهمة انتحال صفة طبيب مشهور من محافظة أخرى: «العشرات من الأهالى كانوا يترددون عليه، فهو يمارس المهنة منذ 8 سنوات، ويعيش بيننا دون مشاكل، وهناك العشرات من الحالات شُفيت على يديه، وكانت الفيزيتا 150 جنيهاً».
«إيمان على» قاطنة فى ذات البرج الذى تقع به عيادة الطبيب المزيف، أكدت أنه كان خلوقاً ولم يلحظ عليه السكان شيئاً مريباً، كان شاباً بشوشاً وعيادته مزدحمة بالمرضى: «استأجر شقة هنا من 8 سنين وفتح عيادة مخ وأعصاب، وكان بيجيله ناس كتير وبيكتب لهم أشعات وتحاليل والناس بتخف على علاجه.. أنا أمى كانت تعبانة وكان عندها صداع مزمن واكتشفنا أنه يُسمى بالصداع العصبى وبعد ما لفّت على الدكاترة كلها كتب لها كبسولات شُفيت بعد تناولها وكنا متابعين معاه على طول».
«لبنى بهنسى» من سكان المنطقة، نفت رواية متداولة عن كونه سبب وفاة جدتها، قائلة: «جدتى كانت بتموت، بعتنا جبناه كشف عليها وقال هى خلاص بتموت وماكتبش علاج، والناس قالت إنه موت جدتى والكلام ده مش صح، آه قالوا إنه مش طبيب لكن هو راجل دخل الطب وماكملش ممكن يكون لظروف، لكن مش معناه إنه مش دكتور، بيمارس المهنة من 8 سنين إزاى ومحدش كشفه؟».
"حسن": "شُفيت من ألم العظام بعد ما كشفت عنده"
وأضاف «حسن بهنسى»، صاحب محل تجارى: «كنت أعانى من ألم فى العظام ونصفى الأسفل كاد أن يتوقف عن الحركة وذهبت إليه وطلب منى أشعة وتحاليل، وبعد تناول العلاج شُفيت تماماً، وبعدما تم القبض عليه جددت علاجه ولم أتخوف لأننى ارتحت عليه»، وتساءل: «كيف تركته الدولة يمارس المهنة منذ 8 أعوام؟، الناس كلها بتشكر فيه، وكان طبيب ممتاز وزوجتى شفيت أيضاً على يديه».
"تحية": "كان مخصص يوم أسبوعى للكشف المجانى على الفقرا وكان شاطر"
تحية عبدالغفور، من أهالى الحى، أشارت إلى أنه كان يخصص يوماً للكشف المجانى على الفقراء وغير المقتدرين، فضلاً عن أنها شفيت تماماً من المرض بعد أن تناولت العلاج الذى وصفه لها: «كل دكتور عنده أخطاء، آه هو ماكملش دراسة بس اجتهد وقرا مراجع، وبيكشف على الناس، وماسمعناش إنه ضر أى مريض خالص، بالعكس كان شاطر ومشهور، وكل الأطباء بيشكروا فيه، أنا كشفت على بنتى عند دكتور تانى بعد الدكتور ده قال لى تاخد علاج الطبيب الأول، بصراحة بنتى شُفيت على علاجه، والحمد لله أصبحت بتمشى بعد ما كانت شبه عاجزة».
من جانبها أكدت الدكتورة أميرة هانم فهمي، مدير إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة فى كفر الشيخ، أن الوقت الذى استغرقته المديرية فى التأكد من قيام الطبيب بتزوير الأوراق، تجاوز العام، لطلب التراخيص وفحصها والتأكد من أوراق الطبيب منتحل الصفة، حتى اكتشفنا أكبر قضية تزوير وانتحال صفة طبيب بعد مزاولته المهنة لقرابة 8 أعوام وتوقيعه الكشف الطبى على المرضى.
وأضافت أن بداية الواقعة كانت حملة شنتها المديرية على العيادات الطبية الموجودة داخل المحافظة، للتأكد من التراخيص اللازمة لمزاولة المهنة، وفى برج الصنفاوى، الواقع بحى سخا بمدينة كفر الشيخ، كانت إحدى عيادات النفسية والعصبية، مزدحمة بالمرضى، وبدا على الطبيب المسئول علامات الارتباك حينما طلبنا منه التأكد من التراخيص وأوراق مزاولته للمهنة، كان الطبيب مراوغاً وتمسك بعدم إبراز تراخيص عيادته، بدعوى أنها فى منزله، ووعدنا بتقديمها خلال أيام قليلة وعقب عودتنا للعيادة فى يوم آخر أظهر رخصة صحيحة، لكن الشكوك راودتهم بسبب تاريخ استخراج الرخصة حيث كان يوم «السبت»، وهو إجازة رسمية بمديرية الصحة فى كفر الشيخ، لتبدأ عملية بحث جديدة كلمة السر فيها يوم «السبت»، وبالاستعلام عنها تبين أنها تخص أحد الأطباء فى محافظة الدقهلية، وأنه استخدم نفس الاسم لكن هناك اختلافاً فى الاسم الرباعى، فأرسلت المديرية خطابات لنقابتى الأطباء بالقاهرة والدقهلية للاستعلام عما إذا كان الطبيب مقيداً بهما أم لا، فتبين أنه يستخدم كل تراخيص طبيب الدقهلية.
وتابعت: «كان دقيقاً جداً وأحضر كل الأوراق الرسمية لكن شكوكى خلتنى أبحث وأدور وأوصل للطبيب الحقيقى من خلال نقابة أطباء الدقهلية، وطلبت منه التوجه للنقابة بالقاهرة بعدما اكتشفت أن الطبيب منتحل اسمه وصفته ونقل ترخيص المهنة باسمه، وبعدما استدعت النيابة الطبيب الحقيقى تبين كذب المزيف واعترف أمامها عقب تأكيد تحريات الشرطة أنه لم يستكمل دراسته بالطب وأنه تركها فى الفرقة الثانية، وأصدرنا قراراً بالغلق الإدارى واستكملت النيابة العامة إجراءات القضية عقب تحريرنا محضراً فى قسم الشرطة، وأثناء سماع أقوالنا قدمنا ما لدينا من إثباتات للنيابة وهى الاستعلامات التى حصلنا عليها من نقابة أطباء القاهرة والدقهلية وكفر الشيخ تفيد أنه غير مُقيد فى كشوفها، وحينها انتهى دورنا حتى أصدرت المحكمة قرارها».