خبراء: «أنقرة» لن تُضحى بـ"الحضن الأمريكى" رغم صفقة الصواريخ الروسية
منظومة صواريخ «إس 400» الروسية
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء أمس الأول، اتخاذ مجموعة من الإجراءات العقابية ضد تركيا، بعد مُضيها قُدماً فى الحصول على منظومة صواريخ «إس 400» الروسية، ما يثير العديد من علامات الاستفهام حول الإصرار التركى على التقارب مع الروس، رغم رفض الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلنطى «الناتو».
«من المبكر التكهن بمسار العلاقات التركية - الأمريكية بعد صفقة الصواريخ».. هكذا علَّق الدكتور «يورى زينين»، كبير الباحثين بمعهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية، على طبيعة العلاقات بين «واشنطن» و«أنقرة»، فى ظل الإصرار التركى على الحصول على المنظومة الدفاعية الروسية «إس 400».
وقال «زينين»، فى اتصال هاتفى بـ«الوطن»: «الصورة ليست واضحة حتى الآن، ولا يمكن استنتاج شىء من أحاديث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن عزمه المُضى فى اتخاذ عقوبات رادعة ضد تركيا، حيث يبدو من أحاديثه أنه ليس مُصراً على العقوبات ضد تركيا، وفى المقابل، وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ومعها (الناتو) يجهزان رد فعل أكثر قسوة من (ترامب)، ويريدان فرض مزيد من العقوبات القاسية على أنقرة».
وأردف: «أعتقد أن واشنطن لا تريد فقدان تركيا، وتخشى ابتعادها إلى المسار الروسى، وكذلك حلف الناتو، هم بالتأكيد لا يريدون ذلك، بل يريدون الضغط مع بقاء الضغوط عند حدود معينة، حتى أنقرة هى الأخرى لن تترك حلف الناتو أو الولايات المتحدة».
وأوضح «زينين» أن المبادرة التركية لشراء منظومة الصواريخ، ربما تعود إلى فترة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، حين طلبت تركيا شراء المنظومة الصاروخية «باتريوت» الأمريكية، لكن إدارة «أوباما» رفضت ذلك، وطلبت قيمة مالية عالية، وطالبت تركيا بخفض السعر، وفشلت فى نهاية الأمر فى إقناع أمريكا بذلك، فوجَّهت بوصلتها إلى روسيا، وبدأت المفاوضات بينهما حول الصفقة، مضيفاً: «ربما أرادت تركيا أن تؤكد للجميع أنها تملك استقلالية فى قرارها».
باحث روسى يتوقع استمرار ضغوط "واشنطن" مع بقائها عند حدود معينة خشية فقدان الحليف التركى
وتابع خبير العلاقات الدولية الروسى: «من المبكر الحكم بما إذا كانت أنقرة غيَّرت وجهتها فى التحالف مع واشنطن، ورغم تطور العلاقات التركية مع روسيا فى مجالات عدة، فأظن أن ارتباطات أنقرة مع أمريكا أقوى بكثير، فالتحالف بينهما قوى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والجيش التركى يرتبط بعلاقات وثيقة بالولايات المتحدة، وأنقرة يمكن أن تجد نوعاً من الموازنة للاستفادة من القطبين».
وعن موقف «موسكو»، قال «زينين»: «ليس من مبادئ روسيا إقامة علاقات صداقة على حساب دولة أخرى، فنحن نحاول أن نبذل جهداً لتوثيق العلاقات مع دول أخرى، لكن تركيا دولة مهمة فى الشرق الأوسط، ومن المبكر استنتاج مآلات هذا التطور».
"عبدالفتاح": علاقات "أنقرة" بـ"موسكو" مجرد تقارب استراتيجى وقتى
من جهته، قال الدكتور بشير عبدالفتاح، المتخصص فى الشأن التركى، إن إصرار تركيا على الحصول على منظومة «إس 400» الروسية، لا يعنى إنهاء التحالف بينها وبين الولايات المتحدة، مضيفاً: «يجب أن نعلم بوجود فارق بين علاقات التحالف الاستراتيجى، وعلاقات التقارب الوقتية، وهذا هو الوضع بالنسبة للعلاقات بين أنقرة وواشنطن، فلا تزال هناك علاقات استراتيجية، وأتوقع استمرارها، خاصة أن ما يجمع الدولتين أكبر بكثير مما يجمع بين تركيا وروسيا، إذا وضعنا فى الاعتبار الخلافات ذات الاعتبار الدينى بين تركيا وروسيا».
وتابع: «أعتقد أن الخلاف بين أنقرة وواشنطن سيقتصر على اتخاذ بعض الإجراءات العقابية ضد تركيا فى نطاق صفقة الصواريخ فقط، لكنها لن تتمدد لأمور أخرى، وستستمر العلاقات بين الدولتين فى مسارها الطبيعى»، لافتاً إلى أن تركيا لم تُحرز نصراً عسكرياً بصفقة «إس 400»، وأن طائرات «إف 35» الأكثر أهمية عسكرياً من المنظومة الروسية، ولكن الأتراك أرادوا التعبير عن إرادتهم فى مواجهة «واشنطن»، بحسب كلامه.