القاهرة تشهد زخماً دولياً: مصر تعود للريادة فى "سوق الغاز".. و"النقد الدولى" يختتم سلسلة المراجعات بإشادة كبيرة لتجربة مصر
جانب من الاجتماع الوزارى الثانى لمنتدى غاز شرق المتوسط
شهدت القاهرة خلال الأسبوع الماضى زخماً دولياً كبيراً، حيث استضافت فى بداية الأسبوع الماضى المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى لإجراء المراجعة الخامسة والأخيرة لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وانتهت بالاجتماع الوزارى الثانى لمنتدى غاز شرق المتوسط، الذى شارك به إلى جانب مصر وزراء الطاقة القبرصى واليونانى والإسرائيلى والإيطالى والفلسطينى وممثل وزيرة الطاقة الأردنية بصفتهم الوزراء المؤسسين للمنتدى، كما حضر الاجتماع وزير الطاقة الأمريكى كضيف شرف مميز ومدير عام الطاقة فى الاتحاد الأوروبى وممثلو كل من فرنسا والبنك الدولى.
وتأتى استضافة مصر لاجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط تأكيداً على دورها الفاعل كلاعب رئيسى فى صناعة الغاز الطبيعى بمنطقة حوض البحر المتوسط، حيث يُعد المنتدى بمثابة آلية مهمة للتعاون الإقليمى واسع النطاق بين الدول المنتجة للغاز الطبيعى فى منطقة شرق المتوسط وإقامة شراكة مع الاتحاد الأوروبى فى مجال الطاقة؛ بما يحقق مصالح كل الدول المشاركة فى هذا التجمع من خلال الاستغلال الاقتصادى الأمثل لما تضمه منطقة شرق المتوسط من اكتشافات للغاز واحتياطيات كبيرة، وبنية تحتية متميزة لتجارة وتداول الغاز وتصديره؛ الأمر الذى يعطى قوة دافعة لمشروع مصر القومى كمركز إقليمى لتداول وتجارة الطاقة.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى خصوصية المنطقة الجغرافية للمنتدى، وذلك عقب اكتشافات الغاز بها فى السنوات الأخيرة، الأمر الذى يفتح آفاق التعاون بين دول المنطقة فى مجال الطاقة والغاز، وبالتالى تحويل الموارد الكامنة فى المنطقة لفرص استثمارية حقيقية لصالح الشعوب والأجيال المقبلة.
الرئيس السيسى: هناك مساعٍ جادة للاستفادة من ثروات المنطقة من الغاز الطبيعى وديفيد ليبتون: التجربة المصرية تثبت جدارتها فى التغلب على التحديات الاقتصادية الكبيرة
كما شدد الرئيس خلال لقائه بالوزراء رؤساء الوفود المشاركين فى الاجتماع الوزارى الثانى للمنتدى، أهمية المنتدى فى تفعيل وتنسيق سياسات الدول الأعضاء به لتطوير سوق الغاز الإقليمى فى شرق المتوسط من أجل إطلاق الإمكانات الكامنة من موارد الغاز فى المنطقة، وتمهيداً لإيجاد مركز متكامل للطاقة إقليمياً ودولياً، فضلاً عن تنمية سوق غاز إقليمى يخدم مصالح الدول الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، واستغلال الموارد على الوجه الأمثل، وتعزيز العلاقات التجارية البينية.
وأكد الرئيس أهمية الإسراع بخطوات تفعيل المنتدى، وبدء أنشطته بشكل تنفيذى على أرض الواقع، مشيراً إلى الرسالة التى يمثلها تدشين المنتدى وبدء فعالياته، للمجتمع الدولى والشركات العالمية، بأن هناك مساعى جادة للاستفادة من ثروات المنطقة من الغاز الطبيعى، وكذا استغلال البنية التحتية المتوافرة حالياً، بما يخدم كل دول المنطقة ومصالحها التنموية ويساعد على توفير مصدر طاقة مستدام، الأمر الذى يرسخ ثقافة التعاون والبناء والسلام فى المنطقة.
وقال المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، إن المنتدى يمثل آلية فاعلة للتعاون بين دول شرق المتوسط فى استثمار مواردها من الغاز بما يعود بالخير والنماء على تلك الدول ويسهم فى تحقيق الرفاهية لشعوبها؛ مشيراً إلى أن الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط هو عامل رئيسى فى تحقيق الازدهار الاقتصادى ونشر السلام والاستقرار بالمنطقة ودولها.
وأضاف «الملا» أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حرص خلال لقائه الوزراء المشاركين باجتماعات المنتدى على إبراز دور مصر الحيوى وحرصها على عقد شراكة حقيقية مع دول شرق المتوسط؛ دعماً لجهود تنمية موارد الغاز فى المنطقة لتحقيق المصالح المشتركة معرباً عن تقديره لمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية فى اجتماعات المنتدى ودعمها للتعاون والشراكة الشرق متوسطية فى مجال الغاز.
وزير الطاقة الأمريكى: "غاز المتوسط" فى طريقه ليصبح منظمة دولية مؤثرة فى الطاقة.. ومصر أجادت فى تعزيز مكانتها فى المنطقة
من جانبه أكد وزير الطاقة الأمريكى على دور مصر كمصدر موثوق للطاقة، مشيراً إلى تقديم جميع الخبرات والتكنولوجيات لمصر لتعزيز مكانتها الطبيعية كمركز مهم للطاقة بالمنطقة، وأن هناك استعداداً ورغبة قوية من الشركات الأمريكية للتوسع والاستثمار والعمل فى مصر، مؤكداً على الشراكة مع دول شرق المتوسط والاستفادة من الطاقة فى تحقيق السلام، لافتاً إلى تميز مصر فى تنظيم المنتدى الذى يُعد فعالية تاريخية فى مجال الطاقة وفى سبيله لأن يصير منظمة دولية مهمة لها هيكل قوى وقاعدة صلبة نبنى عليها التعاون بيننا لعقود وسنوات مقبلة. وأكد أن اكتشاف الغاز فى شرق المتوسط ونقله يمثل أهمية كبرى لدول المنطقة والاتحاد الأوروبى بما يدعم الاستمرار فى الدور الحيوى الذى يلعبه الغاز فى تحقيق وفر فى الموارد المالية مثلما استطاعت أوروبا توفير 8 مليارات دولار سنوياً جراء زيادة استخدام الغاز وفقاً لما أقره مدير الوكالة الدولية للطاقة.
وأقر أعضاء المنتدى بياناً ختامياً للاجتماع الثانى، حيث قرر الوزراء من الأعضاء المؤسسين إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط فى القاهرة، ولهذا تم إقرار القواعد والإجراءات الحاكمة لفريق العمل رفيع المستوى المكلف بتنفيذ فعاليات المنتدى، كما أكدوا التزامهم بالارتقاء بالمنتدى إلى مستوى منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بالكامل فى مواردهم الطبيعية وفقاً للقانون الدولى، والعمل باجتهاد على مناقشة وتشكيل المفاهيم العامة لوضعها فى صيغتها النهائية وفقاً للإطار المتفق عليه.
ومن أجل السماح بمشاركة القطاع الخاص، وافق الوزراء المؤسسون أيضاً على إنشاء اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز، وناقش الوزراء المؤسسون سبل التعاون لتطوير مسارات البنية التحتية للغاز تدريجياً، للإسراع فى تحقيق الاستغلال الاقتصادى الأمثل من الاحتياطيات الحالية من الغاز والاستفادة من البنية التحتية القائمة، والاستفادة من خبرات القطاع الخاص فى هذا الصدد، كما وافق الوزراء على انعقاد الاجتماع الوزارى المقبل خلال النصف الثانى من يناير 2020 فى القاهرة.
وعلى جانب آخر، اختتم المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى المراجعة الخامسة والأخيرة لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى يدعمه اتفاق مع الصندوق للاستفادة من تسهيل الصندوق الممدد، والتى وافق فيها المجلس على صرف الشريحة الأخيرة من القرض التى تُقدر بـ2 مليار دولار، ليصل بذلك مجموع المبالغ المنصرفة إلى نحو 11٫9 مليار دولار وهو المبلغ الكامل الذى وافق عليه المجلس التنفيذى فى 11 نوفمبر 2016 لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى وضعته السلطات المصرية.
وأشار ديفيد ليبتون، المدير العام ورئيس المجلس التنفيذى بالنيابة، عقب المراجعة الأخيرة، إلى نجاح مصر فى استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته فى 2016، والذى أحدث تحسناً كبيراً فى أوضاع ومؤشرات الاقتصاد الكلى، وذلك باتخاذ إجراءات حاسمة ومصيرية على صعيد السياسات النقدية والمالية، والتى شملت تحرير سعر الصرف الذى ساهم فى دعم قوة العملة المحلية وزيادة الاحتياطى النقدى إلى 44.35 مليار دولار بنهاية يونيو 2019 مقارنة بـ17.54 مليار دولار فى يونيو 2016، بجانب سياسات أسعار الفائدة المتبعة على مدار الثلاث سنوات الماضية والتى نجحت فى خفض معدلات التضخم إلى 8.9% مقارنة بأعلى مستوى له 31.7% فى فبراير 2017، مؤكداً أن السياسة النقدية لا تزال مرتكزة على هدف تخفيض التضخم إلى أرقام أحادية على المدى المتوسط.
وأشاد بتحقيق فائض أولى مستهدف لسنة 2018/2019، عند 2% من إجمالى الناتج المحلى، مما ساعد على ترسيخ الاتجاه التنازلى فى نسبة الدين العام إلى إجمالى الناتج المحلى. مشدداً على أنه من المهم أن تظل الفوائض الأولية عند هذا المستوى على المدى المتوسط لإبقاء الدين العام على مسار الانخفاض، فضلاً عن الإصلاحات الهيكلية التى قامت الدولة المصرية بتنفيذها على منظومة دعم الوقود والتى تسير فيه بخُطى ثابته، الأمر الذى يؤدى إلى توجيه مخصصات الموازنة العامة إلى البرامج الاجتماعية التى تبنتها القيادة السياسية خلال الآونة الأخيرة.
وقال: «لا تزال الآفاق المتوقعة إيجابية وتتيح فرصة مواتية للتقدم فى الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى خلق فرص العمل وتحقيق نمو يشمل كل شرائح المواطنين ويقوده القطاع الخاص، وقد شرعت السلطات فى إصلاحات مهمة تشمل سياسة المنافسة، والمشتريات العامة، وتوزيع الأراضى الصناعية، والمؤسسات المملوكة للدولة، وسيكون من الضرورى مواصلة تنفيذها لضمان أن تحقق التعديلات التشريعية نتائج مؤثرة فى مناخ الأعمال، ومن المهم أيضاً تعميق الإصلاحات الفعالة وتوسيع نطاقها لترتكز عليها الآفاق الإيجابية للنمو والبطالة».
وساهمت الإصلاحات التى قامت بها مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، فى تحقيق مؤشرات إيجابية جماعية على صعيد الاقتصاد الكلى، حيث وصل معدل النمو الاقتصادى إلى 5.6% فى الربع الثالث من 2018/2019 مقارنة بـ4٫2% خلال العام المالى 2016/2017، فيما وصلت معدلات البطالة فى الربع الأول من عام 2019 إلى 8.1%، مقابل 12.5% خلال 2016.