عبدالمجيد الخولى رحيل الفلاح الفصيح
خلف نظارة طبية، تختبئ خلفها عينان لامعتان، يشع منهما الأمل، ونظرة على مستقبل الوطن، من جلبابه البلدى البسيط وطاقيته التى تعلو رأسه، ووجه قمحى اللون يرتسم فيه شارب خفيف أسفل أنفه العريض، تتكون صورة «رجل بسيط»، مجرد «فلاح مصرى»، أتى من بطن الطين المكسو بالخضرة، معبراً عن أصالة وعظمة تاريخ مصر على مر العصور.
على خطى أستاذه شهيد الفلاحين صلاح الدين حسين، الذى راح ضحية حرب الإقطاع ضد الفلاحين عام 1966 فى قرية كمشيش بالمنوفية، حمل عبدالمجيد الخولى، الذى اشتُهر بلقب «الفلاح الفصيح»، هموم ومشاكل الفلاحين المصريين، تماماً كما حمل على كتفه «قصعة المونة» وقت أن كان يعمل فى البناء، قبل أن يتحول للزراعة، لم تتأخر قدمه المتعبة من شقاء السنين خطوة واحدة عن نجدة محتاج، ولا مساعدة من يطلب العون، منذ أن تولى منصب رئيس اتحاد الفلاحين عقب ثورة 25 يناير، بعد انتخابه من بين أعضاء الاتحاد.
عن عمر يناهز 68 عاماً رحل «الخولى» أمس الأول، إثر مداهمة سيارة له أثناء محاولته عبور الطريق أمام النصب التذكارى للجندى المجهول بمدينة نصر. وُلد «الخولى» فى قرية كمشيش بمركز تلا التابع لمحافظة المنوفية عام 1946، ولم يلتحق بأى مدرسة نظامية، لكنه استطاع أن يتعلم القراءة والكتابة، حتى أصبح خطيباً مفوهاً، يشتهر بلقب «الفلاح الفصيح».
فى حوار آخر راح «عبدالمجيد» يشرح مشاكل الفلاحين بطريقة مبسطة، مؤكداً أنه لا يمكن لأى قرية أن تأخذ حقها دون أن يأخذ الوطن حقه، فبعد 3 سنين لم تصل الثورة إلى أى فلاح فى مصر، قائلاً: «القيمة المضافة وهى تصنيع المنتجات الزراعية، التى تعد أحد عوامل استغلال المنتج الزراعى وتشجيع الفلاح، لأن احنا عندنا عمال وفلاحين يجب أن يكونوا حالة من حالات التطور الاجتماعى التى تؤدى إلى نجاح هذا الوطن».
بعين باكية وصوت حزين، نعت المناضلة الشهيرة شاهندة مقلد أمين عام اتحاد الفلاحين «الخولى» قائلة: «الله يرحمك يا عبدالمجيد، كان هو ابنى وذراعى اليمنى، وهو أهم تلميذ للشهيد صلاح الدين حسين، الذى دافع طيلة حياته عن الفلاح المصرى، وهو ما فعله عبدالمجيد من بعده».
قبل وفاته بأسبوعين، خرج «الخولى» فى حديث تليفزيونى موجهاً رسالة إلى رئيس مصر القادم، بقوله: «إحنا عايزين منك عهد إنك تنفذ مطالب الثورة، إزاى يبقى فيه ثورة وما يبقاش فيه اهتمام بقاعدة الهرم، قاعدة الهرم لما اتهزت وقعت رئيسين».