كتاب "المجاعات في أفريقيا": غالبية الأمريكيين لا يفهمون القارة
كتاب"المجاعات في إفريقيا
اعتبر مؤلف كتاب "المجاعات في إفريقيا وموقف الغرب منها" عضو الفريق الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1985، البروفيسور بينى ديمبتزر، أن الأفارقة يهاجرون إلى أوروبا هربًا من الصراعات والتغيرات المناخية ونقص المياه وعدم وجود أراضي كافية للزراعة وتزايد النمو السكاني بالقارة، مؤكدًا أن تزايد ظاهرة الهجرة خلال الـ25 عاما الماضية تعد أحد مظاهرة العولمة.
وأشار ديمبتزر - خلال ندوة عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية اليوم، لمناقشة الكتاب - إلى أن ظاهرة الهجرة لا تقتصر على إفريقيا فقط، وهناك 200 ألف مهاجر على الأقل يهاجرون من أمريكيا اللاتينية إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية سنويًا، كما أن هناك نحو ثلاثة ملايين مهاجر سنويًا من الهند وباكستان يعيشون في دول الخليج، وكان يعيش نحو 420 ألف مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في أوروبا عام 2017، ونزح أكثر من مليون مهاجر من الصين إلى أفريقيا خلال العشرين عامًا الماضية.
وأوضح ديمبتز، أن أغلب الأمريكيين والأوروبيين لا يفهمون إفريقيا ولا يحاولون إيجاد حلول لمشكلاتهم، كما أن المنظمات الدولية أيضًا تعيش في أبراج عاجية وتكتفي بالحديث فقط، في الوقت الذي يتزايد فيه الفقر، ولا يوجد إحصائيات دقيقة نتيجة ضعف البيانات، حيث يحدد البنك الدولي خط الفقر عند 1.90 دولار في اليوم للفرد وهو رقم مرتفع للغاية ويختلف من بلد لآخر، كما أن الحديث عن زيادة معدلات النمو غير صحيح، لأن التنمية لا يجب أن تقاس بزيادة عدد المباني والطرق الجديدة فقط، فهذه البيانات لا تقيس تنمية الأشخاص أنفسهم.
وأشار مؤلف كتاب "المجاعات في إفريقيا وموقف الغرب منها"، إلى أن منطقة جنوب الصحراء بالقارة الأفريقية لم تكن تستورد الغذاء في عام 1980، ولكنها في عام 2016 أصبحت تنفق ما بين 35 إلى 50 مليار دولار على الواردات، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الواردات إلى نحو 110 مليارات دولار بحلول عام 2050، على الرغم من أن إفريقيا لديها ما يكفي من الأراضي لسد احتياجاتها الغذائية حيث يعمل 60% من قوتها العاملة في الزراعة ومع ذلك فإن أعداد الأشخاص الذين يتضورن جوعًا في ازدياد أكثر من أي وقت مضى، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في جنوب الصحراء الكبرى إلى نحو 320 مليون في عام 2025 طبقا لدراسات البنك الأفريقي للتنمية.
وشدد ديمبتزر، على ضرورة التركيز على الزراعة لحل أزمات الجوع في إفريقيا لأن تكلفة الطعام تزيد، وهناك حاجة لإصلاح الأراضي وتسهيل حصول الفقراء عليها لزراعتها، لافتًا إلى أن أقل من 5% من أراضى إفريقيا مسجلة وهو ما يتطلب وجود نظام لتسجيل الأراضي في أفريقيا حتى يمكن تخطيط الغابات، وطالب بضرورة تمكين المرأة في أفريقيا ومنحها الحق في تنظيم الأسرة لأنها العامل الرئيسي في تغيير المجتمعات.
من جانبه، قال مسؤول البرامج المشتركة في بنك التنمية الإفريقي بالقاهرة، صمويل كمارا، إن الدراسات تؤكد أن 69% من الأفارقة لا يودون الهجرة، بل هناك توجه نحو الهجرة العكسية وعودة من هاجروا من قبل إلى القارة مرة أخرى، لأن هناك الكثير من الفرص بإفريقيا حاليًا، وأكد كمارا أن العولمة نتج عنها فوائد كثيرة لكن لم يتمكن الجميع من الاستفادة من هذه الفوائد، كما نتج عنها أيضا نزاعات تولدت بسبب التغير المناخي ونقص الأراضي، لافتًا إلى أن المنظمات الدولية كانت تعمل في جزر منعزلة ولكن حدث تطور كبير من خلال التنسيق فيم بينها بشأن البرامج التي تمكن أبناء القارة من الحصول على فرص متساوية والاستفادة من العولمة.
وطالب كمارا، بتغيير الخطاب الإعلامي حول القارة السمراء التي تقتصر على الفقر والمجاعات، في حين أن دول القارة شهدت الكثير من التطور، لافتًا إلى أن تقديم الصورة الحقيقية عن تطور إفريقيا يمكن أن يسهم في الحد من السفر إلى الخارج.
بدوره، أكد أستاذ الشئون الدولية مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور إبراهيم عوض، أن مشكلة الهجرة ليست بهذا الحجم الضخم التي يتحدث عنها المؤلف ولكننا نعلق مشاكلنا على شماعة الهجرة، على حد قوله.
وأوضح عوض، أن 30% من سكان العالم مهاجرين، وأن الأفارقة يهاجرون إلى داخل القارة نفسها في حين أن 3% فقط من سكان غرب أفريقيا يهاجرون إلى الخارج، في حين أن الهجرة من إفريقيا لأوروبا ليست ضخمة، وهي ظاهرة عالمية، فعلى سبيل المثال هناك أطباء ألمان يهاجرون للعمل في سويسرا، وتم رفض وضع قيود على الهجرة في ألمانيا رغم أعداد المهاجرين الكبيرة.
وأشار عوض، إلى رد الفعل عامي 2014 و2015 على تدفقات المهاجرين السوريين للخارج، حيث هاجر نحو مليون شخص إلى لبنان، و700 ألف في الأردن، ومليون سوري إلى أوروبا من بين 504 ملايين أوروبي، موضحا أن أوروبا لديها اقتصاد ضخم يمكنها من استيعاب هذه الأعداد، وأن الهجرة ظاهرة طبيعية وستستمر لأنها مرتبطة بالحركة الطبيعية للاقتصاد العالمي وليس بسبب معاناة أو مشاكل.
وأكد عوض، أنه لا يمكن التقدم بالاهتمام بالزراعة فقط، لأنها لا يمكنها استيعاب العمالة كافة، فالدول المتقدمة يعمل بها 3% من القوى العاملة في الزراعة، وبالتالي علينا تطوير الزراعة وزيادة إنتاجيتها بالإضافة للاهتمام بالقطاعات الأخرى أيضًا.
وفي سياق متصل، طالبت المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، الدكتورة عبلة عبداللطيف، بضرورة حل مشكلة التكنولوجيا في إفريقيا لتحسين الزراعة والصناعة، وحل مشكلة نقل البضائع بين دول القارة، مشيرة إلى أن 70% من القرى بإفريقيا غير قادرة على الحصول على الكهرباء والطاقة، وهو ما يعنى أن أساس التجارة بين دول القارة غير موجود، متسائلة لماذا لا يعمل البنك الأفريقي للتنمية على إرساء القواعد قبل وضع برامج اقتصادية لا يمكن تنفيذها.
وشددت عبداللطيف، على اهتمام المركز بقضايا أفريقيا، ليس فقط في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي هذا العام، وإنما لأنه لم يتم استغلال موارد القارة بالشكل الصحيح حتى الآن، في حين قامت الصين بذلك، معلنة عن فعالية ينظمها المركز في أكتوبر المقبل حول دعم أفريقيا.