حوار.. عبدالحكيم عبدالناصر: كانت هناك 20 إذاعة موجهة ضد مصر في عهد الرئيس الراحل
عبد الحكيم عبد الناصر
قال المهندس عبدالحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إن هناك أمورا متشابهة حالية مع فترة الرئيس الراحل، فمثلما توجد الآن قنوات معادية وموجهة ضد مصر مثل "الجزيرة" وغيرها، كانت هناك 20 محطة إذاعية موجهة ضد مصر في فترة عبدالناصر، لكنه لم يكن هناك التكنولوجيا الموجودة الآن، وتشابه أيضا الموقف التركي، حيث وقفت تركيا في عهد عبدالناصر مع الإنجليز والفرنسيين ضد مصر، في الوقت الذي ساندها فيه اليونانيون، وهو نفس ما يحدث الآن.
وأضاف "عبدالناصر"، في حواره لـ"الوطن"، أن "عبدالناصر" تعامل مع المؤامرات التي تُحاك ضد مصر من هذه الإذاعات والشخصيات المعادية، بالمصارحة، والاقتراب بشكل أكثر من الشعب، والحديث بشكل أكبر معه، مشيرا إلى أن أهم ما كان يشغل "ناصر" هو شعبه، وإلى نص الحوار..
*ما الذي حدث من تغيرات سياسية في توجه الدولة بعد 50 عاما على رحيل "عبد الناصر" في نظرك؟
هناك فترة حدث بها تغير 180 درجة قبل ثورة 25 يناير، ثم جاءت ثورة يناير، وبعد ذلك اليوم نشاهد توجهات رئيسية خاصة بالتنمية، وبقطاع عريض من الشعب بدأت في العودة مرة أخري، هناك فترة من الفترات وبالأخص بعد حرب 73، تغيرت السياسات 180 درجة، واستمرت حتى ثورة يناير، ومن ثم بدأت الفوضى التي وصلت لقمتها، بوصول الإخوان الإرهابيين للحكم، وقامت ثورة 30 يونيو، وبدأت الدولة تبدأ في التوجهات التي قامت من أجلها ثورة 1952، فأصبحت هناك تنمية فعلا، وهناك خطة صحية وتعليمية، اهتمام بمحدودي الدخل، كان هناك قبل يناير انتشار كبير للعشوائيات التي ظهرت، حيث شاهدنا وزارة الإسكان تتحول من كونها وزارة للإسكان إلى وزارة للاستثمار العقاري، خلال الـ 35 سنة الماضية، فبدأت تتقلص، وتبني في مواجهتها مباني سكنية على مستوى راقٍ، وهناك تغير، اليوم نرى استثمارا في الدولة كلها، التوجه الوطني واحد، لكن الوسائل تتغير، لا يمكن الوسائل المتبعة في الخمسينيات والستينيات تكون هي نفس الوسائل المتبعة الآن، البوصلة الوطنية خلال الـ5 سنوات الماضية، عادت لنفس البوصلة الوطنية التي قامت من أجلها ثورة 23 يوليو، نرى التحالفات عادت من جديد مع الصين والهند، وروسيا، نرى مصر عادت تقوم بدور قيادي وريادي في أفريقيا، وهو الذي كان موجودا في الخمسينيات، بعد أن أهمل لفترة 40 عاما، وتسبب لنا في مشكلات كثيرة أكبرها مشكلة سد النهضة، وهذا كان نتيجة أننا نزعنا أيدينا من المنطقة لمدة طويلة جدا، قديما في الخمسينيات كان إمبراطور أثيوبيا يأتي مصر مرتين في العام، وكانت الكنيسة في إثيوبيا، تابعة للكنيسة عندنا، وامبراطور إثيوبيا كان موجودا في وضع حجر الأساس للكاتدرائية، وكان موجودا في الافتتاح، لكن عندما بعدنا 40 عاما، حصلت مشاكل كثيرة، أيضا دور مصر العربي بدأ في العودة، فنلاحظ ذلك بالنسبة لليبيا وسوريا، إضافة إلى الاهتمام برعاية المواطنين، يكفي أن مشروع فيروس سي ظهر في الـ 35 سنة الماضية وبدأ يتفاقم، إلى أن ضربت مصر نموذجا في حصار هذا الفيروس، دون أن يتغرم المواطن مليما.
نجل "ناصر": إمبراطور إثيوبيا كان يأتي مصر مرتين.. ووضع حجر أساس الكاتدرائية عند إنشائها
*هل كانت تواجه مصر حرب شائعات مثلما يحدث الآن؟
الحرب الموجودة الآن، كانت موجودة أيام الخمسينيات والستينيات، هناك فترة من الفترات كانت هناك 20 محطة إذاعة موجهة تعمل ضد مصر، وكان هناك مصريون مثل معتز مطر، والجماعة المتربصة التي نراها الآن، دشنوا محطة تعرف باسم مصر الحرة، من عام 56 وكانت تهاجم مصر، وكانت تقول للمصريين إن جمال عبدالناصر، ورطكم في حرب، وإن الفرنسيين والإنجليز سيحتلون مصر مرة أخرى، وأنه لا بد من أن تتخلصوا من "عبدالناصر"، نفس السيناريوهات، لكن الفرق كان التكنولوجيا الموجودة الآن، لم يكن هناك تكنولوجيا مواقع التواصل الاجتماعي الموجودة اليوم.
*كيف تعامل الرئيس عبد الناصر مع هذه الإذاعات الموجهة؟
بالناس، بارتباطه بالناس والحديث معهم، كان يسهر ويحكي كل شيء، لو نعود لخطاباته سنجد أنه تحدث عن هذه الإذاعات وعن كل شيء، وتحدث عما يقولونه وبالاسم، وخطاباته تحدث فيها عن هذا، وعن التآمر على الجيش، ومحاولة الوقيعة بين الشعب والجيش في هذه الفترة، وهذه علامة، كما كان يقول عبد الناصر، إنه طيلة استمرار أعدائنا في الهجوم علينا، معناه أننا نسير على الطريق الصحيح، لكن لا بد أن يكون للشعب دور إيجابي، خاصة أن هؤلاء المتربصين يريدون هدم البلاد، لم ينسوا أن الشعب استرجع، 7 آلاف سنة حضارة، وهب ووقف وقفة رجل واحد، طردهم وهم يجلسون على عرش مصر، لا يستوعبون أن هذا الجيش المصري، هو جيش وطني شريف يعبر عن إرادة الشعب، أن الجيش انحاز لإرادة الشعب، هم يريدون تدمير الجيش والشعب.
*ما أبرز المقولات التي تتردد في ذهنك قالها لك الرئيس الراحل عن الإخوان؟
كنت صغيرا، لكن عرفت إن فيه شيء اسمه الإخوان المسلمين، كنا نصيف في استراحة المعمورة، سبب المشكلات والأحاديث الدائرة الآن، وهي نفس الاستراحة الموجودة الآن، وظهرت عملية مؤامرة سيد قطب عام 65، عندما كنت صغيرا، كان عمري 10 سنوات، وكانت هناك مشكلة أمنية، الوالد رأى أنسب شيء، بدلا أن نخرج بأمن يكون شكله مستفزا للناس، فقالوا لنا لا تخرجوا من المنزل، فقال لي والدي إن هناك جماعة عاملة مؤامرة، واغتيالات، وعندما سألته عن ماهيتهم يهود أم إنجليز، قال لي جماعة اسمها الإخوان المسلمين، وحينها اندهشت، قلت له ما دام اسمهم إخوان مسلمين، ليه عايزين يموتونا، قال هؤلاء حاقدين، وأخذوا الإسلام ستارا، لكنها جماعة مجرمة، لذا لن يكون هناك خروج من المنزل، حتى احتواء هذه المؤامرة، هذه كانت معرفتي بالإخوان المسلمين، لأنه في المحاولة السابقة عام 1954، لم أكن قد ولدت بعد.
*ما هي الأولويات التي كانت للرئيس عبدالناصر بعد مواجهة الاحتلال والحرب ومواجهة العدو؟
التنمية، هناك قصة كان تحدث عنها مساعد وزير الخارجية البريطانية، كان يمثل الحكومة البريطانية في مباحثات الجلاء، وهذا الرجل حدثت نوع من الكيميا بينه وبين جمال عبدالناصر، واستقال من الحكومة الإنجليزية بسبب عدوان 56، اعتبرها عملية إجرامية واستقال، فبعد توقيع اتفاقية الجلاء، تحدث مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن المستقبل، فقال له مشكلتنا أننا دولة تحت خط التنمية، وهدفنا الرئيسي تنمية مصر، زراعيا، صناعيا، تعليميا، وتطوير الصحة، وغير ذلك من الأمور، حينها قال له: "إذن لماذا تقول إسرائيل إنكم ليس لديكم هدف سوى أن تحاربوا وتدمروا، قال له نحن ليس في بالنا الحرب، وإنما هدفنا الرئيسي هو التنمية، فذهب بعدها مساعد وزير الخارجية البريطاني يزور إسرائيل، فقابل بن جوريون، رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت، وقال له أنا تحدثت مع عبدالناصر، وأكد أنه ليس في باله الحرب، وأنه غير منشغل سوى بالتنمية، وأن الحرب ليست في أولوياتهم، وهذه أخبار جيدة، فكان رد بن جوريون، كيف تقول إن هذه أخبار جيدة، هذه أسوأ أخبار سمعتها، أسوأ خبر سمعته في حياتي، أن تكون جواري مصر دولة متقدمة، ودولة نامية، وستجدي بعد توقيع اتفاقية الجلاء، حدث خرق للهدنة، واعتداء إسرائيلي، كان اعتداء علي قوات في غزة عام 55، فعبد الناصر، كان يستهدف أنه بدلا من أن يكون مجتمع النصف في المائة، أن يكون مجتمع المائة في المائة، بدلا من أن يكون التعليم والصحة مقصورة على النصف في المائة، ومحاسبهم واتباعهم، أن يكون كل مصري له حق في التعليم والصحة، وأن يكون له فرصة عمل، فقد كان التعليم والصحة من أولوياته.
*هل كان يحب المصارحة؟ ولماذا كان يحب إلقاء الكثير من الخطابات؟*
كان يعتبر أن شريكه الوحيد والحقيقي هو شعب مصر، وإنه ملتزم فقط أمام شعب مصر، ولاحظنا بعد ذلك، عندما بدأت شقيقتي الدكتورة هدي، جمع الوثائق، والمحاضر، وجدنا أن الكلام داخل الغرف المغلقة هو نفس الكلام الذي يقوله في خطبه، لم نجد تعارضا، باستثناء عدم إذاعة أو قول ما يتعلق بالأمن القومي، أو الأشياء التي لها علاقة بالجيش، أنا أتحدث عن التوجه العام، وسنجد ترجمة لذلك في كل المحاضر الموجودة في مكتبة الإسكندرية، ليس لديه اجتماع لم يسجل، كل اجتماعاته مسجلة، فجميع المحاضر سواء مجلس الوزراء، اللجنة المركزية، اجتماعاته مع أي أحد، ولو كانت في البيت، أي اجتماع عقد سواء مع الضيوف الأجانب أو غيره، كان يسجل، ودليل ذلك خطاب التنحي فقد كان قمة الشفافية والمصارحة، وتحمل المسئولية.
*كيف كان ينظر للصحافة والإعلام؟
كان صحفيا، وكان يكتب الكثير من المقالات في جريدة الجمهورية عندما أنشئت، لم يكن يضع اسمه عليها، كان هو من يكتبها، خلاف أن هناك مقالات أخرى كان اسمه يكتب عليها، لو أتينا بالأوراق الخاصة التي جمعتها الدكتورة هدى، ستجد أعمالا كثير من موضوعات وكتابات الهيئة العامة للاستعلامات وقت الأزمات، كان هو من يكتبه وينشر باسم رئيس الهيئة، وفترة الستينيات كانت تضم قامات بداية من توفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، ونجيب محفوظ، وجيل الشبان الجدد الذي ظهر بعد ذلك في مقدمتهم مكرم محمد أحمد، كانوا الشباب الذي يجهزون، ومن يهاجمون ويقولون إنها كانت صحافة الرأي الواحد، ليس صحيحا، فقد كانت صحافة الرأي المحترم، فعندما كتب توفيق الحكيم قصة مثل قصة "بنك القلق"، وكانت تهاجم أوضاعا كثيرة جدا، كانت تنشر، لأنها كانت وجهة نظر من مفكر كبير، لكن الهجوم من أجل الهجوم من بعض النكرات، كان لا ينشر، في المقابل عندما كانت تتحدث القامات، والمفكرين، كان ينشر أعمالهم، فالإسفاف لم يكن مصرحا به، لكن النقد الموضوعي كان موجودا.
عبدالحكيم: الموقف التركي كان معاديا لمصر أثناء عبدالناصر مثلما الآن.. ودعموا الإنجليز والفرنسيين في حربهم ضد مصر
*وماذا عن الموقف التركي خلال حكم عبد الناصر؟
ما يحدث اليوم من تركيا، كان نفس الموقف أثناء جمال عبدالناصر، كان الرئيس التركي حينها شخص يدعى مندريس، حيث أعطت تركيا كل التسهيلات في حرب 56، للقوات البريطانية والفرنسية، القادمة لاحتلال مصر، عكس الموقف اليوناني، كان موقفا متضامنا، سواء كانوا يونانيي قبرص أو اليونان، حيث أمدونا بكل المعلومات عن القوات البريطانية الموجودة هناك، وساهموا مع قواتنا في بعض الأعمال التخريبية ضد العدو هناك، فقد كانوا داعمين، بينما موقف تركيا كان عدائيا.