كواليس 5 ساعات من المناقشات الساخنة بالحكومة: «محلب» غاضباً.. واختلاف وجهات النظر سبب طول مدة الاجتماع
وسط إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة على هيئة الاستثمار وتمشيطها من قبل خبراء المفرقعات والكلاب البوليسية، عقد المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، مساء أمس الأول، أول اجتماع طارئ للحكومة بعد تشكيلها منذ أسبوعين، وعقب لقائه الرئيس عدلى منصور خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطنى، لمناقشة تداعيات حادث «مسطرد» الإرهابى الذى راح ضحيته 6 شهداء من قوات الشرطة العسكرية، صباح أمس الأول، فضلاً عن الاعتداء الذى تعرض له اللواء طارق المهدى، محافظ الإسكندرية، بإطلاق الرصاص عليه من قبل بلطجية فى الإسكندرية فى اليوم نفسه.
وكشفت مصادر حكومية مسئولة أن اجتماع مجلس الوزراء الطارئ الذى عقد فى الثامنة مساء أمس الأول، بمقر هيئة الاستثمار، سبقه اجتماع ثلاثى بين المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ونائبه المشير عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، بمقر مجلس الوزراء بشارع قصر العينى، واستمر قرابة ساعة ونصف، وأوضحت المصادر أن «السيسى» بدا فى حالة حزن شديدة بسبب حادث استهداف كمين «مسطرد» واستشهاد 6 من جنود الشرطة العسكرية على يد عناصر مسلحة، وأنه جرى الاتفاق خلال الاجتماع الثلاثى على تطوير خطة انتشار الأكمنة بجميع المحافظات وتزويدها بأحدث الأسلحة ووسائل الاتصال وكاميرات المراقبة والسيارات والحواجز الحديدية، ونشر الأكمنة على مسافات متقاربة للسيطرة على تحركات العناصر الإرهابية والإجرامية وشلّ حركتها، وإنارة الطرق جيداً خاصة التى توجد بها الأكمنة.
وأشارت المصادر إلى أن رئيس الوزراء ووزير الداخلية أكدا خلال الاجتماع الثلاثى ضرورة تفعيل القانون وسرعة التقاضى لمواجهة الإرهاب، وأن تكون هناك عقوبات رادعة فى هذا الإطار، وأضافت أن المشير السيسى تحدث بشأن استقالته من منصبه مع «محلب» بشكل منفرد، قبل اجتماع مجلس الوزراء الطارئ، خاصة أنه قدم استقالته بالفعل، إلا أن رئيس الوزراء أجّل البت فيها لحين عرضها على رئيس الجمهورية، وحتى يتمكن «السيسى» من عرضها على المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وأوضحت أنه بعد انتهاء الاجتماع توجه «محلب» و«السيسى» و«إبراهيم» إلى مقر هيئة الاستثمار، كلٌ فى موكبه الخاص، بعد استدعاء الوزراء للاجتماع الطارئ الذى تغيب عنه وزراء «البترول، والتربية والتعليم والسياحة، والإسكان والثقافة» لأسباب مختلفة، بينما وصل بعض الوزراء فى الدقائق الأخيرة من الاجتماع لوجودهم فى أماكن بعيدة عن مقر هيئة الاستثمار مثل المستشار محمد أمين المهدى وزير العدالة الانتقالية، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، فيما غادر المشير عبدالفتاح السيسى الاجتماع بعد ساعة من حضوره، لارتباطه بالتزامات فى وزارة الدفاع.
وقالت المصادر إنه تم رفع حالة الطوارئ القصوى لتأمين اجتماع الحكومة بهيئة الاستثمار، وكان «محلب» أول من وصل للهيئة، وتوالى بعده حضور الوزراء، وبدأ الاجتماع فى الثامنة مساء أمس الأول، بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء حادث «مسطرد». ولفتت إلى أن رئيس الوزراء كان «عصبياً» جداً خلال الاجتماع، وأنه تولى الحديث معظم فترة الاجتماع، وبدأ كلامه بالتشديد على ضرورة اقتلاع الإرهاب من جذوره، لأن ما يحدث «حرام»، والشعب لم يعد يحتمل، وأن كافة جهود الحكومة لا بد أن تسخّر إمكانياتها ومجهوداتها لتحقيق هذا الهدف.
وشهد الاجتماع مناقشات ساخنة تجاوزت 5 ساعات، وأكدت المصادر أن اختلاف وجهات النظر داخل مجلس الوزراء نتج عنه إعادة صياغة مشروعات القرارات بعد إجراء تعديلات عليها فى اللحظات الأخيرة، وهو سبب طول مدة الاجتماع. وأعقب انتهاء الاجتماع صدور بيان رسمى من مجلس الوزراء أكد فيه التصدى بكل حسم لمن تسوّل له نفسه الاعتداء على المواطنين والمنشآت المدنية، وأن تختص كافة جهات القضاء المصرى مدنية أو عسكرية بنظر هذه الأحداث، وإعمالاً لحكم المادة 204 من الدستور يختص القضاء العسكرى دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، ويسرى هذا الحكم على أى اعتداء أو الشروع فيه على الكمائن».
كما أعلن مجلس الوزراء تشديد الإجراءات الأمنية على المرافق الحيوية والاستراتيجية فى الدولة، والرقابة على المنافذ الحدودية، وملاحقة العناصر الإرهابية وتقديمها للعدالة. وأهاب بأعضاء النقابات وعمال المصانع والهيئات والعاملين بالدولة وكل من له مطالب فئوية، إعلاء المصلحة العليا للوطن، وإرجاء تلك المطالب فى هذه المرحلة الدقيقة، مؤكداً أن الدولة عازمة على المضىّ قدماً فى استكمال خارطة الطريق، مهما كانت التحديات والتضحيات تلبية لمطالب الشعب فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
وأصدر المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، تعليماته للوزراء، كلٌ فى وزارته، باتخاذ جميع الإجراءات التأمينية التى تحقق الحماية والأمان للمواطنين والعاملين والمرافق العامة التابعة لها. وقال «محلب» فى تصريحات لمندوبى الصحف ووسائل الإعلام عقب انتهاء الاجتماع الطارئ للحكومة، إن «الشعب المصرى كله ضمير واحد، وإن الضمير الوطنى هو الذى يحركنا لأن بلادنا وما تتعرض له من خطط ومحاولات يائسة وإرهاب لن تثنى الشعب المصرى عن طريقه الواضح لاستكمال خارطة الطريق»، مضيفاً أن «اجتماع مجلس الوزراء كان مطولاً لمناقشة كل ما هو فى صالح البلاد»، مشيراً إلى أن مصر تحتاج إلى كل جهد، ولا بد أن نحمى هذا البلد.
فيما عقد السفير هانى صلاح، المتحدث باسم مجلس الوزراء، مؤتمراً صحفياً فى الساعات الأولى من فجر أمس، وعقب مغادرة «محلب» والوزراء مقر هيئة الاستثمار، قال خلاله «إن كافة الإجراءات التى خرج بها بيان مجلس الوزراء منصوص عليها فى الدستور»، موضحاً فى الوقت ذاته أن الاجتماع الطارئ للحكومة رسالة سياسية للداخل والخارج، بأن مصر رغم ما تمر به، تنفذ تعهداتها فيما يتعلق بخارطة المستقبل، وتعلن تمسكها بالقانون وتطبيقه، وذلك فى ضوء ما جرى خلال الأيام الماضية من استهداف للقوات المسلحة بعمليات رخيصة، مؤكداً أن الدولة ستتعامل بكل قوة وحسم مع العناصر الإرهابية وفى إطار القانون.
وكان المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول، تخلف عن حضور الاجتماع الطارئ، لتعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وزاره الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، للاطمئنان على صحته ودعا له بالشفاء العاجل. ويباشر وزير البترول عمله من منزله لمتابعة أى تطورات تحدث بالسوق المحلية، ونبه على مسئولى الوزارة بضرورة التكاتف لمنع تفاقم أزمات الوقود بالمحافظات.
كما تغيب هشام زعزوع، وزير السياحة، عن الاجتماع بسبب مشاركته فى فعاليات معرض «أن تور للسياحة والسفر» فى دورته التاسعة بروسيا فى الفترة من 15 إلى 18 مارس الحالى. فيما تغيب الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن الاجتماع بسبب قيامه بجولة فى محافظة البحر الأحمر. وقال الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، إنه اعتذر عن عدم حضور الاجتماع الطارئ بعد تلقيه إخطاراً فى السادسة والنصف مساء أمس الأول، بالاجتماع، وذلك لوجوده بالإمارات من أجل حضور المنتدى الدولى الثانى للتعليم.