"المراكز السورية".. جلسات دعم نفسي وعلاج بالكرة والفن من هنا يعود الاندماج مع المجتمع
كرة القدم إحدى وسائل الدعم النفسى للأطفال
لم يكن الأمر مقتصراً على الدراسة أو التعليم داخل المراكز السورية، وإنما هى «ظروف غير عادية» يعيش فيها الأطفال السوريون فى مصر جعلتهم فى حاجة دائمة إلى التأهيل النفسى حتى يتمكنوا من الاندماج مع غيرهم مرة أخرى بسهولة، فجميعهم خرجوا من وطنهم هرباً من الدم والدمار وأصوات القصف التى لا تزال تتردد فى آذانهم، كل منهم فقد عزيزاً أو فارق حبيباً له، فكان أحد أهم الأدوار التى تتبناها مراكز التعليم السورية هو استيعابهم وإعادتهم مرة أخرى طبيعيين إلى المجتمع، حسب ما يقول مضر المسالمة، الإخصائى النفسى الاجتماعى بمركز وطن التعليمى السورى.
استقبال الأطفال حديثى المجىء إلى مصر يتطلب تعاملاً خاصاً، كما يقول «مضر»، فيبدأ الأمر من خلال الدعم العام، والعمل على تنمية مهاراتهم الحياتية سواء للذكور منهم أو الإناث، والعمل على بعض الأنشطة المختصة التى لها علاقة بالصحة النفسية يتم بناء عليها مراقبة الأطفال الممارسين لها، حتى يمكن من خلالها تحديد سلوكياتهم والخروج بالمشكلات التى يعانى منها كل طفل، والتى يتركز أغلبها فى العنف والخجل والتردد وفرط النشاط وتشتت الانتباه، إضافة إلى التأخر الدراسى الذى يعانى منه أغلب الطلاب، وكلها مشكلات يجب التعامل معها بحرص، لكى يتمكن الطفل من تصحيح سلوكه بها، على حد قول «مضر».
"مضر": أغلب المشكلات تتركز فى العنف والخجل والتردد وتشتت الانتباه
استقبال الطفل ومعرفة ما يعانى منه هو مجرد تشخيص مبدئى يسعى «مضر» إلى تحقيقه لكى يبدأ بعد ذلك فى التعامل مع الطفل حسب مشكلته التى يعانى منها، فبعد التأكد من التشخيص الصحيح للمشكلة التى يعانى منها الطفل، أو ما إذا كان لا يعانى من مشكلات، تكون هناك أطراف أخرى لها دور رئيسى فى العلاج، فيقول «مضر» إن التواصل مع الأسرة بعد ذلك أمر ضرورى ويختصر الكثير من الوقت فى حل المشكلة التى يعانى منها الطفل، كما يكون للمعلمة فى الفصل الدراسى دور كبير أيضاً، حيث يجب عليها أن تعرف المشكلات التى يعانى منها كل طفل بالصف، وبهذا التعاون «ثلاثى الأضلاع» يرى «مضر» أنهم يمكن أن يتوصلوا لاختيار الطريقة المناسبة لتأهيله.
جلسات دعم نفسى فردية أو أخرى جماعية، أو تطبيقات علاج بالفن، كلها طرق تحدث عنها «مضر»، حيث يتبعها فى إعادة تأهيل الأطفال مرة أخرى، وتتحدد الطريقة على اختلاف كل حالة طفل عن غيره، فقد تحتاج الحالة إلى جلسات فردية لخصوصية الأمر أو لطلب الطفل نفسه أو أهله ذلك: «فيه واحد بيكون مش عايز حد يعرف مشاكله، فبيكون فيه تدريبات على تقليل حدة الخوف أو العنف، بنعطيها له ونراقبه بعدها»، مشيراً إلى أن جلسات الدعم النفسى الجماعية تكون لها ظروفها الخاصة، فلا يتم اتباعها إلا فى المشكلات العامة أو الجماعية وتتم وفق أسلوب محدد، وفق قول «مضر»: «بنفتح مشكلة معينة كلهم مشتركين فيها، وهنا بنطلب منهم همّا يقترحوا حل، وفى الطريقة دى باكون مساند ليهم بس ومش بعطيهم الحل».
أما العلاج بالفن فهو واحدة من أهم الطرق التى يتبعها «مضر» فى تأهيل الأطفال نفسياً مرة أخرى، خاصة الذين يعانون منهم من عدم القدرة على التعبير أو عدم القدرة على الكلام، فيتم التعامل معهم بواسطة مجموعة من الأنشطة تمكنهم من التعبير عن مشاعرهم ومعرفة ما يدور فى أذهانهم، يوضحها «مضر» قائلاً: «بنستخدم الألوان، وبنخلى الطفل يعبر عن مشاعره وفق لون معين، يربط اللون بذاكرة قد تكون مفرحة بالنسبة له، أو ممكن يكون فى نفس الوقت حادث مؤلم له، وبنشوف رد فعل الطلاب»، كما يكون للأنشطة الرياضية داخل المركز التعليمى دور كبير فى إعادة تأهيل الطفل مرة أخرى، كما يقول «مضر»: «النشاطات الرياضية حلوة جداً للى عندهم حركة زايدة أو الألعاب الجماعية للى عنده خجل، بنأهله من خلالها ضمن مجموعات للعمل».
قد يواجه «مضر» فى مراحل تأهيل الأطفال بعض الحالات «الصعبة» وخارج إطار الدعم النفسى والتى تتطلب تدخلاً خارجياً، وهنا يلجأ المركز إلى أطباء مختصين فى بعض المراكز والمنظمات الدولية أو المحلية التى تقدم لهم المساعدة فى ذلك، منا من يقدم لهم الدعم بصورة مجانية، وآخر قد يقدمه بمقابل مادى، ولكن فى كل الأحوال يبقى عامل الوقت وتعاون الأسرة نفسها هو أهم مرحلة فى إعادة تأهيل الطفل مرة أخرى، وفق قول «مضر»: «المشكلة الأولى اللى ممكن تقابلنى كصعوبات هى الأهل، ممكن تعاملهم يكون سلبى مع الأولاد وده بياخد وقت، وفيه أهالى متعاونين، وده بيسهل كتير علينا»، إلا أن «النتائج الإيجابية» التى يصل إليها «مضر» فى أغلب الأحيان هى ما يهوِّن عليه عمله مع هؤلاء الأطفال.