اليزل.. رسم خريطة مصر بالحروف العربية ودرس الخط بعامه الـ50: ههدي شغلي للريّس
رسم خريطة مصر بالحروف العربية.. اليزل درس الخط بعد الـ50 ويُعلم الحرفة مجانا
خروج مبكر للمعاش، تبعه عمل مجتمعي، قاد إلى شغف وتعرف على الذات، مكتشفًا مواهب دفينة، سارع إلى تنميتها ملتحقا بمدارس الخط العربي في عمر الـ52، وتطورت مهاراته حتى تمكّن من عمل لوحات يدوية بخط عربي أصيل وبتقنيات البروز وزخرفة يزينها بخلفيات متنوعة، وفي كل قطعة إضافة جديدة بسعي دائم نحو التميز.
أحمد سيف اليزل: ربنا بديع السموات والأرض وإحنا لازم نكتب بشكل حلو ونحسّن خطنا
أحمد سيف اليزل، صاحب الـ68 عاما، الذي التحق بعد تقاعده المبكر في سن الـ44، أصبح مديرا لجميعة أهلية ومسؤولا عن مجلتها التي تحمل اسم الجمعية ذاته "الأمن الصناعي"، ولما كان الأمر لا يزال تقليديا، حيث يتم كتابة غلاف المجلة بالخط العربي يدويا، اقترب أكثر من التصميم والبنط.
بمرور الوقت، جذبته أشكال حروف اللغة العربية، مستاءً من الكتابات السيئة من غير محترفي المهارة: "قولت لازم أعرف أكثر عن أصله وأنواعه وأشكاله، وقدمت في المدرسة السعيدية وأنا عندي 52 سنة وأخدت دبلوم 4 سنين، عرفت أنواع الخط وكملت بعدهم سنتين كمان علموني التصميم والزخرفة والتذهيب والأركت"، بحسب حديث اليزل لـ"الوطن".
من مدينة 6 أكتوبر حيث يعيش الرجل الستيني إلى الجيزة في مدرسة السعيدية، كانت رحلة تعلم يومية شاقة، يتخللها إدارة الجمعية والمرور بين كاتبي المحتوى مجلتها، ومتابعة شؤون الطبع، مستمرا على هذا المنوال 4 أعوام، يدفعه الشغف نحو تنمية مهاراته التي لم يلبث أن يعلم عنها شيئا إلا قبل سنوات قليلة.
بعض أساتذة الفنون التطبيقية يوجّهون أولادهم وطلابهم بالتدريب لدى "اليزل" على الخط العربي بشكل يدوي
وفي غضون أعوام الدراسة تمرّس اليزل جيدا ليضيف على حرفته الجديدة ما لم يفعله أحد غيره: "لما أساتذة كليات الفنون الجميلة بيشوفوا شغلوا بينبهروا إن فيه حد بيعمل الشغل ده يدوي مش مكن وبالروح اللي ظاهرة فيه"، مضيفا أنّ أحد الأكاديميين الكبار في الفنون التطبيقية أرسل له ابنته التي تدرس ذات التخصص لتعليمها.
"الله بديع السموات والأرض".. جملة تتردد على لسان "اليزل" كثيرا، وهي ذات الجملة التي تملأ عقله أثناء عكوفه على إخراج وتنفيذ تصميم جديد، يستقي من إبداع الله وكتابه الذي أنزله بالخط العربي، ما يدفعه نحو الإبداع أكثر وأكثر: "بعتبر اللي بعمله ده في إطار تحسين الخط، ما هو الواحد لازم يتعلم كل يوم إزاي خطه يبقى جميل مش الحاجات اللي ينشوفها في الشارع دلوقتي وكلها أي حاجة ونكش في نكش ولغة عربية مش صحيحة".
طرق ومهارات لم يكن يعلم عنها شيئا من قبل، فالحرف الواحد يحتاج لفنون كثيرة في كتابته بنوع واحد من أنواع الخط العربي والتي تتضمن النسخ والرقعة والكوفي والثُلُث والفارسي والديواني، ليضيف هو أعمال ديكورية، ففي كل فترة يعمل "اليزل" على تمييز عمله بشيء مختلف، فتارة يضيف الإضاءة الخلفية وتارة أخرى يضيف خليفة من قشر الأور وغير ذلك كي يزداد جمالا.
بطريقة ثلاثية الأبعاد ينحت الرجل الستيني الحروف التي رسمها على الخشب الزان الذي يحتاج لقوة بدنية كبيرة، ثم يقصها، وقد يقوم بتركيب الحروف والكلمات بحيث تعلو كل واحدة فوق الأخرى، حتى وصل الأمر إلى تنفيذ تابلوهات بحورف متراصة بشكل جمالي في 13 طبقة: "من خلال النت بقيت بشوف أكتر وأحاول أتعلم ولقيت إن أوزباكستان هما أكتر ناس متميزين في الأركت، وأقصى حاجة يعملوا 6 طبقات، لكن أنا اشتغلت على نفسي وعملت ضعفهم".
مع الوقت أصبح لديّه ورشة يعمل بها من يريد زيادة دخله، وفي ذات الوقت يجعل منها مقرا لتدريب المهتمين بالخط العربي مجانا: "عندي مجموعة مهندسات دلوقتي بيتعلموا مجانا عشان الخط يعيش"، وكان آخر إبداعاته التي لا تتوقف، كتابة الآية الكريمة "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا" التي صممها بالخط العربي بقطع الخشب، لتشكل في النهاية خريطة مصر: "هعملها تاني وأهديها للريس".